وجد صاحب نوبل للآداب الكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو أن قراءة قصص الأطفال يتعين أن تكون إجبارية بالنسبة للكبار، فهي في رأيه نصوص عبارة عن حكايات أخلاقية يتم فيها تعليم قيم تعتبر ضرورية ولا غنى عنها مثل التضامن واحترام الآخرين والطيبة وغيرها، لكننا نحن الراشدين أول من ينساها في الحياة الحقيقية. هل نحن ننساها حقا أم نتعمد نسيانها أم الظروف تجعلنا ننسى قيم الحياة الجميلة والبسيطة ؟ مهما كانت الإجابة على هذا السؤال فالأهم في رأيي اليوم أن دعوة الكاتب البرتغالي هي أكثرمن هامة بل أقترح تطبيقها فورا وبأي طريقة ممكنة. فالصغار اليوم هم الذين يجب أن يدرسونا كيف نقول الحقيقة الصافية بلا زيف ولا ألوان، وكيف نخجل وقت يستحق الخجل ونبكي عندما نتألم، وكيف نعيش بلا شر وبلا كراهية وبلا نفاق. نحتاج أن نتعلم من الأطفال كيف نسعد بمباهج الحياة التي قتلها الكبر، ونحتاج أن يعلمونا كيف تصدر تلك الضحكات الصافية الجميلة من القلب، وكيف يتحدثون مع من يحبون ومع الآخرين بدون تصفيف كلام أو تنميق أو كذب ومقدمات طويلة. ومن الواجب علينا نحن الكبار أن نستفيد من الصغار ليس من حكاياتهم وقصصهم التي لاتنتهى فقط بل من أخلاقهم الجميلة التي لم تتلوث من الكبر بعد، وأن نستفيد من خيرهم الكثير الذي يملأ قلوبهم الطاهرة بالصدق والبراءة. ولا نحتاج من الأطفال اليوم قراءة المغامرات وتسالي الكارتون ولكن إلى شحن قلوبنا وأرواحنا ولو ببعض البراءة التي اختفت من حياتنا، والطيبة التي تناثرت أشلاؤها على مذابح الشر. كلنا حاجة إلى أن نتعلم كيف نسأل وبلا حياء أو تردد بل وبكل شجاعة عن كل الأسئلة الصعبة وحتى السهلة التي تدور في خاطرنا ونخاف أن نقولها في وجه المتكبرين والطغاة. ولعل أكثر ما نريده اليوم نحن الذين أصبحنا كبارا غصبا عنا هو أن نأخذ من الأطفال ولو القليل من البراءة التي تملأ قلوبهم بالسكينة والرحمة والمودة والطهارة. والقليل من الشفافية في القلب لكي تجعلنا نحن الكبار مثل الصغار لانخشى من خطأ أو نهاب من ظلم أو تردد من حب أو انتزاع ضحكات صافية. وهكذا فقد جاء الزمان لكي نصبح تلاميذ في مدرسة الطفولة الجميلة !.