ارتحل فجر أمس الشيخ سليمان صالح العليان في أحد مستشفيات مدينة نيويورك بالولايات المتحدةالأمريكية، الذي بدأ حياته من الصفر ليضع اسمه في يوم من الأيام في قائمة أغنى أغنياء العالم بعصاميته الشديدة، حيث بدأ موظفاً بسيطاً في البحرين حتى تربع في يوم من الأيام على رأس واحدة من أغنى المجموعات التجارية في المملكة، وأكثرها فاعلية على الصعيدين التجاري والصناعي في المملكة، بالإضافة إلى أنشطته الاستثمارية في أوروبا وأمريكا وغيرها من دول العالم. فشركة سليمان العليان المالية على سبيل المثال تحتل المرتبة العاشرة ضمن أكبر 100 شركة سعودية، حسب تصنيف مجلس الغرف التجارية السعودية. ارتحل العليان عن 3بنات وابن واحد هو خالد، وهو مؤسس مجموعة العليان في المملكة. وتضم مجموعة سليمان العليان حوالي 30 شركة، بالإضافة إلى تملك 20 في المائة من أسهم البنك السعودي البريطاني وحصة في بنك تشيس مانهاتن وغيرها. وأغلب استثماراته في اسهم الشركات الأمريكية والأوروبية. وبدأ العليان نشاطه في عام 1947م، بتأسيس شركة مقاولات، التي كانت بدورها الأساس للانطلاقة في توسيع وتنويع استثماراته التجارية والاقتصادية. ويقول العليان في حديث صحافي قديم عن بداية نشاطه: ولدت في بلدة رقيقة، لطيفة، هي عنيزة.. كانت زراعية، لم يكن عندنا كهرباء أو مجار، لكن البلدة كانت نظيفة، وكنا نعتمد على إنتاجنا المحلي في سد حاجاتنا، ولا أذكر أننا كنا نستورد غير الشاي والسكر والقهوة. المحطة التالية في مسيرة العليان كانت في البحرين، حيث دخل المدرسة الأمريكية، ثم بدأ العمل في شركة نفط هناك، ثم انتقل إلى مؤسسة ارامكو، للعمل في وظيفة مترجم بالانجليزية TransportDispatcher، وبعد ذلك تسلم دائرة الترجمة، وانتقل من قسم النقليات إلى قسم المستودعات وبقي فيه 8 سنوات.. وكانوا في ارامكو يستعينون به كلما احتاجوا إلى ترجمة شفهية أو كتابية، إلى ان طلبوا منه إدارة قسم الترجمة. من الترجمة إلى المقاولات يقول الشيخ العليان: كنت مرتاحاً في وظيفتي بشركة ارامكو كرئيس لقسم الترجمة، وكان مرتبي عالياً بالقياس إلى مرتبات ذلك الوقت (411 ريالاً سعودياً شهرياً).. واذكر انه عند طرح مشروع التابلاين، ذهبنا إلى محل اسمه رأس مشعاب، لكي نوضح لبعض الأخوان المقاولين مواصفات المشروع، وفي طريق العودة وجدت نفسي أفكر في المشروع، وكنت قد قرأت عنه في بعض المطبوعات الانجليزية، واعرف أهميته، واعرف انه كان مرصوداً له مبلغ 25 مليون دولار، وهذه دولارات عام 1940م، وخطر لي أنني ما زلت شاباً صغيراً، وليس عندي لا ولد ولا زوجة، كنت ما زلت أعيش مع جدتي، التي كانت بمثابة أمي، فهي التي ربتني، وكان كل مصروفنا لا يتجاوز ال40 أو 50 ريالاً في الشهر، فقلت لماذا لا أخوض التجربة واخذ مقاولة هذا المشروع؟ وبالفعل تكلمت مع ارامكو فرحبوا، وشجعوني، وباشرت العمل كمستقل، وأخذت أول مناقصة، وهي مناقصة تنزيل البضائع، ثم توالت المقاولات الأخرى.. وهكذا. المليون الأول وحين سُئل العليان عن المليون الأول؟ أجاب: لا أعرف، بل ولم يخطر في بالي من قبل ان اسأل نفسي عن أول مليون.. عموماً عندما تصبح رجل أعمال ويصير عندك عشرات العمليات الحسابية فأنك تصبح معتمداً بالكامل على المحاسبين.. أنت كرجل أعمال لا تعرف كم عندك وكم عليك، وحين تريد ان تعرف فأنك تسأل المحاسب، وليس هناك المحاسب الذي يعطيك قصة صريحة. لكنني أذكر أنه في السنوات الثلاث الأولى من العمل في مشروع التابلاين، كان عندنا حوالي 3 آلاف عامل وموظف، عدد ضخم جداً في ذلك الوقت، ولما انتهى العمل في المشروع عام 1951م أذكر ان الفائدة لم تكن كما كنا نتوقع، ربما لأنه كان أول مشروع، لكنه شكل بداية وضع مالي سليم، فقد دخلت المشروع وليس عندي شيء، كل ما كان عندي هو بيت في الخبر، واذكر أنني رهنته مقابل 8 آلاف ريال احتجتها لأتدبر أمري عندما تسلمت المشروع. التوسع في المكان والمشاريع وعن توسع مشاريعه داخل وخارج المملكة يقول: في عام 1959م كانت الأعمال في ذلك الوقت قد هدأت بشكل ملموس في المملكة، فاتجهت إلى المنطقة المحايدة، وأقمت فيها مشروعاً استوجب بناء مخيم وسكن للعمال وورشات، أي مدينة صغيرة، وكانت الكويت تبعد عن الخبر 10 ساعات، وكانت بيروت مركزاً للمصارف والمستشارين الاقتصاديين، ووجدت انه طالما اتسع عملنا بين المملكة والكويت فمن الأفضل ان يكون لنا مكتب في بيروت للتنسيق. أنشطة المجموعة تأخذ استثمارات مجموعة العليان في الصناعات الوطنية 3 أشكال رئيسية: 1/ مشاريع صناعية قائمة خاصة بالمجموعة متخصصة في إنتاج العديد من المنتجات البلاستيكية والفولاذية والأنابيب ومنتجات العناية بالفرد ومواد غذائية وغيرها. 2/ المشاريع الصناعية المشتركة مع مصنعين من خارج المملكة والمساهمة في التعاون مع أسماء عالمية لامعة مثل كوكاكولا وكمبرلي كلارك وكولجيت بالموليف ورينولدز وبولاركوب وبي بي سولار وغيرها, إضافة إلى المشاركة مع مصنعين وطنيين في مشاريع صناعية مشتركة عديدة. 3/ المساهمة في تأسيس شركات صناعية، والاستثمار في أسهم الشركات الصناعية السعودية، حيث تضخ المجموعة أكثر من 2,5 مليار ريال سعودي في سوق الأسهم المحلية عن طريق ذراعها الاستثماري شركة العليان الاستثمارية (أوسيكو). بالإضافة إلى قيام العديد من الشركات التابعة للمجموعة بتقديم خدمات استشارية وصناعية وهندسية وإدارية لمجالات الصناعة الوطنية في صناعة النفط والبتروكيماويات وغيرها, ومن هذه الشركات العليان بكتل، العليان ديسكون الصناعية والعليان ديسكون الهندسية وشركة أطلس للمعدات وغيرها. وقال خالد سليمان العليان رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات العليان بأن المجموعة تعمل بجدية للاستثمار في الصناعة الوطنية من منطلقات عدة منها الاستفادة من الميز النسبية المتوفرة والعمل على نقل التقنية الصناعية إلى المملكة والمساهمة في تكوين نهضة صناعية محلية ودعم الجهود المبذولة لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني.. وتابع خالد العليان مؤكدا أن الاستثمار الصناعي يأتي على قمة الأولويات الاستراتيجية لمجموعة العليان. ويقول العليان في تصريح نشر عام 2000م حول شركات العليان ونتائجها: ان المجموعة تمتلك وتساهم في حوالي 40 شركة بالمملكة وخارجها، يعمل بها حوالي 10 آلاف موظف، وتحقق معدلات نمو سنوي تزيد على 21 بالمائة. وتملك مجموعة شركات العليان وتدير شركات ومشاريع في مجالات الخدمات الهندسية والتصنيع وتجارة المواد الغذائية والمكتبية والطبية وتجارة وتصنيع المعدات الصناعية وغيرها كثير.