سمحت محكمة إسرائيلية أمس الثلاثاء بنشر جزئي لشهادة أدلى بها رئيس الموساد السابق، مئير داغان، في قضية ضابط إسرائيلي قتل سائحا بريطانيا بدم بارد وأدعى أنه أقدم على فعلته بسبب خدمته في وحدة الاغتيالات (ريمون) التي أسسها ارييل شارون وقادها داغان، ويتبين من الشهادة ان داغان اعترف بأنه عندما وصل إلى قطاع غزة كانت قائمة المطلوبين الفلسطينيين لجيش الاحتلال تشمل 300 مطلوب ويتفاخر بأنه تمكن من قتل 290 فلسطينيا، وبقي عشرة مطلوبين فقط، على حد تعبيره، كما أنه قال في شهادته لم أقم بإحصاء الفلسطينيين الذين قتلتهم، وأضاف على أن كل فلسطيني تمت تصفيته كانت الوحدة تعتقل مئات الفلسطينيين. يُشار إلى أن الوحدة المذكورة أقامها ارئيل شارون بوصفه قائدا للمنطقة الجنوبية قبل أربعين عاما وبقيت موضع خلاف واختلاف حول طبيعتها والأهداف من إقامتها والمهام التي نفذتها والمعروفة في الصحافة الإسرائيلية بوحدة الاغتيالات والتصفيات. وبحسب التقارير الإسرائيلية، فقد قررت مؤخرا قيادة المنطقة الجنوبية التابعة لقوات الاحتلال إعادة بناء وإحياء الوحدة سيئة الصيت على طراز وحدات اغوز (الجوز بالعربي) والدفدوفان (الكرز بالعربية) وذلك للعمل في قطاع غزة بوصفه منطقة معادية تحتاج جنودا ذا خبرة وقلوبا غليظة لا تعرف الخوف وفقا لصحيفة ‘معاريف' التي أوردت النبأ. وأضافت الصحيفة في وصفها للوحدة الجديدة القديمة:عدة عشرات من الجنود المدربين جيدا والمسلحين بأفضل ما تحتويه الترسانة الإسرائيلية ويتمتعون بقلوب قاسية لا تعرف الخوف ويتصرفون بعنف شديد خلال توغلهم في عمق أراضي العدو متخفين في صورة مارة عاديين كي يتمكنوا من تصفية قادة وربابنة الإرهاب الفلسطيني. هذا الوصف والتوصيف ليس غريبا على مسامع قدماء قادة الجيش الذين خبروا وحدة ريمون المعروفة في إسرائيل باسم وحدة الاغتيالات التي نشطت في سبعينيات القرن الماضي وفرضت جوا من الخوف والإرهاب على المنظمات الفلسطينية وقادتها في قطاع غزة إبان النشاط المسلح المكثف الذي عاشه القطاع في تلك الفترة التي لم يبق من عملياتها القوية سوى القصص المروية التي يقوم الإسرائيليون بتناقلها حتى اليوم وفقا للصحيفة، التي زادت بأن العمليات بقيت ذكرى وقصصا لكن الإرهاب لا زال موجودا في المنطقة الأمر الذي استدعى إعادة وحدة الاغتيالات للحياة للعمل في ذات الميدان الذي شهد انطلاقة وحدة ريمون الأولى أي قطاع غزة . وشكلت وحدة ريمون السابقة الأساس والقاعدة التي انطلقت منه وحدات المستعربين الحالية والتي كانت بدايته وحدة دوفدوفان العاملة في قيادة المنطقة الوسطى الضفة الغربية، ونفذت العديد من عمليات الاغتيال والتصفيات ضد النشطاء الفلسطينيين لدرجة منح عناصرها وغالبيتهم من لواء المظليين ميداليتين عسكريتين حسب صحيفة ‘معاريف'. ووفقا لذات الأساس والمبدأ أقيمت وحدة اغوز التابعة للواء غولاني وأنيط بها مواجهة عناصر حزب الله اللبناني ونال عناصرها قبل خمس سنوات ميدالية رئيس الأركان الأمر الذي اثار غيرة قيادة المنطقة الجنوبية المسؤولة عن قطاع غزة التي قررت وبناء على الدروس والعبر المستخلصة من الحرب الأخيرة على غزة إقامة وحدة اغتيالات مشابهة تتبع لواء غفعاتي ويشكل قطاع غزة ساحة عملياتها بكل إشكالها ومكوناتها، بحسب الصحيفة العبرية. ولهذا الغرض، أضافت المصادر الأمنية بحسب الصحيفة العبرية، جمعت قيادة المنطقة الجنوبية خلال الأيام الماضي (غيدسر) النخبوية التابعة للواء المذكور وستقام في البداية وحدة من هذه القوات سيخضع عناصرها للتدريبات الخاصة والمكثفة وفي حال سارت الأمور كما هو مخطط لها ستتحول هذه الوحدة إلى كتيبة مستقلة تعمل تحت شعار غفعاتي. وفيما يتعلق باسم الوحدة الجديدة قررت قيادة المنطقة الجنوبية إطلاق اسم ريمون تيمنا بالوحدة السابقة التي عملت في القطاع بعد حرب عام 67 وبادر إلى إقامتها قائد المنطقة الجنوبية آنذاك ارييل شارون وتولى قيادتها رئيس الموساد السابق مئير داغان، وأخذت وحدة الاغتيالات اسمها ريمون من إحدى العمليات الناجحة التي نفذتها في القطاع حيث اكتشفت مخزنا كبيرا للقنابل اليدوية (ريمون تعني باللغة العربية قنبلة) ولجأت إلى تعطيلها بطريقة تنفجر بين أيدي الفدائيين حين يهمون باستخدامها. الصحافي الوف بن رئيس تحرير صحيفة ‘هآرتس' نشر تحقيقا حول شخصية رئيس الموساد أشار فيه إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، ارييل شارون، اصر في حينه على تعيين داغان كرئيس لجهاز الموساد بفضل خبرته الفائقة وهوايته المتمثلة في فصل رأس العربي عن جسده، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن العلاقة بين شارون وداغان تعود إلى مطلع السبعينات من القرن الماضي، عندما كان شارون قائدا للمنطقة الجنوبية وكان داغان قائدا لوحدة الموت (ريمون)، حيث كلفه شارون بمطاردة المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة وإعدامهم بعد إلقاء القبض عليهم. شارون كان يسره كثيرا رؤية داغان وهو يقوم شخصيا بقطع رؤوس المقاومين الفلسطينيين بعد قتلهم، كما قال الصحافي الإسرائيلي، كما أكد أن عددا من الجنود الذين خدموا تحت إمرة داغان في قطاع غزة في تلك الفترة أصيبوا بعقد نفسية بسبب تنفيذهم الأوامر التي أصدرها بشأن تنفيذ أحكام الإعدام الميدانية بحق الفلسطينيين بالأساليب الاكثر فظاعة، كما أن عددا من هؤلاء الجنود بعد أن تسرح من الخدمة العسكرية تورط في عمليات قتل على خلفيات جنائية، حيث أكدوا خلال محاكماتهم أنهم أقدموا على ذلك متأثرين بالفظائع التي كان يرتكبونها ضد الفلسطينيين تحت إمرة داغان. الصحافي جدعون ليفي، من صحيفة ‘هآرتس' كشف في مقال النقاب عن أن الرقابة العسكرية حظرت قبل عدة سنوات نشر تحقيق أعده عدد من الصحافيين حول الفظائع التي ارتكبها داغان ضد المدنيين اللبنانيين عندما تولى قيادة الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان في الثمانينيات من القرن الماضي، لافتا إلى أنه إذا سمحت الرقابة العسكرية بنشر التحقيقات التي تؤكد أن هواية داغان تتمثل في قطع رأس الفلسطيني وعزله عن جسده، فإنه يمكن الافتراض أن ما يحظر الرقيب نشره هو أكثر فظاعة من ذلك، على حد تعبيره.