لا يمكن فهم أي مكونات حضارية إلا بإدراك العمق التاريخي التي مرَّت من خلاله، فتأسيس دولة مدنية ذات سيادة واستقلال سياسي في شبه الجزيرة العربية لم يكن بمحض الصدفة. كما هو الحال عندما تم استعادت الدولة السعودية للمرة الثانية والثالثة، ومن نفس الأسرة الحاكمة الكريمة وبمكوناتها الاجتماعية ووحدتها الجغرافية. لا يوجد شبيه لهذا الفعل الاجتماعي تاريخيًّا على مستوى العالم إطلاقًا. السبب في ذلك -لمن لا يفهم التاريخ- هو القبول الاجتماعي التي تحظى به الأسرة الحاكمة الكريمة منذ أكثر من ثلاثة قرون من قبل مجتمعها، وقدرتها على حفظ حقوقه ووحدته واستقراره وحمايته، فتحقق ذلك حينما تولى مقاليد الحكم الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- يوم 22فبراير من عام 1727م، فعمل على تأسيس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، لتمثل نموذجًا للحكم الرشيد حتى آخر أئمتها بانتهاء الدولة عام 1818م. الانتهاء أعقبه استعادة وفي أقل من سبع سنوات ومن نفس الأسرة الحاكمة، فقد استعاد الإمام تركي بن عبدالله آل سعود -رحمه الله- الدولة السعودية الثانية في عام1824م وعاصمتها الرياض، بدلًا من الدرعية التي دمرها الغزاة المعتدين واستمرت حتى انتهت عام 1891م. وبعد مرور عشر سنوات يظهر من نفس الأسرة الحاكمة الملك الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله -ليستعيد الدولة السعودية الثالثة وعاصمتها الرياض أيضًا في عام 1902م؛ ليوحد جميع أطرافها تحت مُسمَّى المملكة العربية السعودية، ليستمر أبناؤه الملوك -رحمهم الله- من بعده على نفس النهج القويم في البناء والتطوير، وصولًا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله- رجل التاريخ الأول في وطننا والمؤتمن عليه، الذي يُدرك أهمية إبراز العمق التاريخي للوطن. فأمر بإنشاء هيئة تطوير بوابة الدرعية برئاسة ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- عراب رؤية المملكة (2030) وإعادة إعمارها وفق النمط التي كانت عليه؛ لتكن معلمًا تاريخيًّا وجذبًا سياحيًّا يُبرز دور الوجود الاجتماعي والحضاري لعاصمة دولة التأسيس الأولى . سيحتفي أبناء الوطن بيوم (22 فبراير ) من كل عام بذكرى تأسيس الدولة السعودية كما هو الحال عندما يحتفون باليوم الوطني لتوحيد المملكة في (23سبتمبر) من كل عام، أيضًا ولتستذكر الأجيال الحالية من خلالها بالدور العظيم لحكامهم وتضحياتهم وكذلك أسلافهم من الأجداد عبر المراحل الثلاث ، بدءًا من التأسيس والاستعادة والتوحيد للوطن الغالي الذي يستحق منَّا الوفاء له والولاء لقيادته الحكيمة.