يا أمير المؤمنين .. كنت بعمورية فرأيت بسوقها امرأة هاشمية مهيبة جليلة تساوم رومياً في سلعة وحاول التحرش بها، صدته فلطمها لتصرخ : وامعتصماااه !!، فقال الرومي: وماذا يقدر عليه المعتصم وأنى له بي ؟..سمع المعتصم وكان في يده قدحاً يريد أن يشرب فوضعه وقال: لبيكِ لبيكِ .. ونادى لتحريك الجيوش ! كان ملك الروم ‘تيوفيل بن ميخائيل' قد هاجم شمال الشام والجزيرة مع مئة ألف فقتل وأسر وسبى وقيل أنه فقأ أعينهم وقطع آذانهم وجز أنوفهم وسبى أكثر من ألف امرأة، فاستغاثوا بالمساجد والطرقات إلى أن وصلهم المعتصم على رأس جيش بعد أن دمّر في طريقه أنقرة، وبعد حصار دام لستة أشهر لم يفتح عمورية فحسب بل دمرها وأحرقها ووقف واليها ‘ياطس' بين يديه مستسلماً، فحمل بابها الرئيسي مع الغنائم عائداً إلى ‘سامراء' ! القرن الثالث عشر الميلادي .. كانت فترة سوداء في تاريخ العالم الإسلامي وراح البعض يعتقد أن الإسلام لن تقوم له قائمة بعد اليوم بعد قضاء المغول على الدولة العباسية واحتلال الجيوش الصليبية أجزاء من شواطئ فلسطين، ولكن !، الإسلام لم يسقط فقد هُزم المسلمون في ميدان الحرب وانتصروا في ميدان العقيدة ففي أقل من نصف قرن دخل المغول في الإسلام وأصبحوا يدافعون عنه ونشروه حتى في أواسط آسيا .. القرن الخامس عشر .. في عهد الدولة العثمانية وفي أعظم فترات الإسلام في عصره الحديث أمر السلطان محمد الفاتح معمارياً رومياً بارعاً ببناء مسجد بإسمه على أن تكون أعمدته مرتفعة من المرمر وحدد له الارتفاع، ولسبب ما قام المهندس بقص الأعمدة دون اخبار السلطان وما أن علم حتى استشاط غضباً وأمر بقطع يديه، اتجه الرومي لقاضي اسطنبول فاستدعى السلطان وأوقفه أمام خصمه، شرح الرومي مظلمته ووافقه السلطان، فكان حكم القاضي: قطع يد السلطان محمد الفاتح !، ذُهل الرومي وتلعثم فهذه عدالة الله وعضمة الاسلام، وطلب الإكتفاء بالتعويض .. وقد كان ! بداية القرن العشرين .. السر في العقيدة .. تمسك العثمانيون بها فحكموا لستمئة عام وسيطروا على مساحات من آسيا وأوروبا وأفريقيا بلغت عشرون مليون كيلو متراً مربع، وعندما ضعفت العقيدة منهجاً وتطبيقاً تفككت أعظم دولة إسلامية في العصر الحديث وصرح مصطفى كمال أتاتورك في البرلمان عام 1932م وهو يعلن قيام تركيا دولة علمانية: لا نستطيع السير خلف كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون ! القرن الواحد والعشرون .. إطلاق أسير إسرائيلي واحد واسمه الصعلوك العبيط جلعاط شاليط .. في صفقة مقابل 1027 أسير فلسطيني وأسيره .. وسط احتفالات يتجدد معها الأمل لإطلاق ما تبقى من 8000 أسير ! محمد الغامدي