«لتفتحن القسطنطينية على يد رجل، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش».ولهذا كان الفاتح يطمح في أن يكون هو المقصود بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. يصفه المؤرخون بأنه أعظم قادة الحضارة الإسلامية ولاسيما بعد أن انطبقت عليه نبوة النبي حول فتح عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي استمرت لأحد عشر قرنا. تتداول كتب التاريخ التركية كيفية عناية السلاطين العثمانيين بالأوقاف وكيف تم توريث هذه الثقافة من جيل لآخر. وقد كتب محمد الفاتح في وثيقة وقفياته: بأنه قد أوقف ذلك الوقف من ماله الخاص الذي اكتسبه بفضل من الله تعالى ثم عرق جبينه. يقول الباحث المتخصص في الأوقاف عيسى القدومي :»كان محمد الفاتح حتى عندما يحاصر دولة ما، أو ينتظر الإمداد لفتحها، يأمر جنوده بشق الطرق وحفر الآبار ويقيم فيها الأوقاف، وحينما يسأل عن ذلك الفعل كان يقول: نحن مأمورون بإعمار الأرض». يقول الباحث التاريخي عبدالحليم عويس:»كان شابًّا بُعيد العشرين بقليل. وكان مسلمًا قبل أن يكون عثمانيًّا. وكان قد تسلّم قيادة أعظم إمبراطورية إسلامية تقف وحدها مدافعة عن المسلمين بعد سقوط الأندلس، وبعد انهيار خلافة العباسيين.. وبعد أن تداعت آيلة للسقوط دولة المماليك، «أبطال موقعة عين جالوت، التي صدّوا فيها الغارة التتارية، ويتابع: فكان ظهور العثمانيين إنقاذا من الله للعالم الإسلامي. وكان الفاتح محبًّا للعلماء، يقربهم لمجالسه، وقد تعلم منهم بعض الأحاديث النبوية، التي تثني على فاتح القسطنطينية، ومن ذلك ما تحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمير من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح القسطنطينية ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية. يقول عويس:» لقد بذل السلطان الفاتح جهودًا خارقة في مجال التخطيط لفتح القسطنطينية، كما بذل جهودًا كبيرة في دعم الجيش العثماني بالقوى البشرية، حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد. وهو عدد كبير إذا قُورن بجيوش الدول في تلك الفترة، كما اعتنى الفاتح بإعدادهم إعدادًا معنويًّا قويًّا، وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء الرسول على الجيش الذي يفتح القسطنطينية، وعسى أن يكونوا هم هذا الجيش المقصود.