يصوم المسلمون شهر رمضان في كل عام إيمانا و احتسابا،و امتثالا لأمر الله تعالى، فهو فرض من فروض الإسلام الخمس. و كلما امتد الزمن أثبت العلم فوائد الصوم، ولكن الرسول عليه الصلاة و السلام سبق الأمم بتبيان فوائد الصوم. وحول هدي الرسول في رمضان يقول الداعية الإسلامي عبد الرحمن بن عبيد السدر: "الحمد لله الرحيم الرحمن، واسع الكرم والإحسان، نحمده ونشكره، ونثني عليه الخيرَ ولا نكفُره، ونصلي ونسلم على من بُعِثَ بالهدى والنور، المطيعُ لربه والشكور، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه في المسائي والبكور، أما بعد عباد الله: فلقد كان هدي نبيكم صلوات ربي وسلامه عليه في أفضل هدي وأكمل طريقة كيف وهو أفضل البشرية على الإطلاق، وأتقاهم لربه سبحانه وتعالى. كان من هديه في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات, من الصدقة والإحسان إلى الناس وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف. ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 3220، صفحة رقم (619). وكان يخصه من العبادات بما لا يخص شهرٌ مِثله، فقد ثبت عنه أنه واصل في صيامه أحياناً ليتفرغ للعبادة، وكان ينهى أصحابه عن الوصال، فيقول إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، رحمة بالأمة، وقد أذن لأصحابه إلى وقت السحر. وكان من هديه تعجل الفطر، والحث عليه، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 1957، صفحة رقم (372)، ومسلم، برقم الحديث 1098، صفحة رقم (425). كما كان من هديه صلى الله عليه وسلم تأخير السحور، والحث عليه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 1923، صفحة رقم (365)، ومسلم، برقم الحديث 1095، صفحة رقم (424). وعن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: (تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 1921، صفحة رقم (364). ونهى الصائمين عن الرفث والصخب والسباب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائمٌ – مَرَّتَيْنِ – وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ – تَعَالَى – مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 1894، صفحة رقم (360). وكان يصوم في سفره تارةً، ويفطر أخرى، وربما خيَّر أصحابه بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم؛ ليتقووا على قتاله، وكان صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل أزواجه وهو صائم، وربما جامع أهله بالليل قبل أذان الفجر، فأدركه الفجر وهو جنب، فيغتسل ويصوم ذلك اليوم. وصح عنه أنه يستاك وهو صائم، وإسقاطه القضاء عمن أكل أو شرب ناسياً. هذا ما تيسر من هديه صلى الله عليه وسلم، نسأل الله جل في علاه أن يجعل صومنا كصوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يتقبل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا إنه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الأطهار وسلم تسليماً كثيراً مزيداً.