أكدت وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، أنه على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، طورت الحكومة السعودية من الصفر سوق صكوك وسندات محلية أعمق، وتعمل بشكل جيد على نحو متزايد، ما سمح لها بالاستفادة من الطلب المحلي والدولي المتزايد على أصول الدخل الثابت المتوافق مع الشريعة الإسلامية. ورجحت الوكالة أن تتفوق المملكة على ماليزيا لعام 2020، بحسبانها الدولة السيادية التي تمتلك أكبر مخزون من الصكوك الحكومية طويلة الأجل المستحقة، ومن المتوقع أن ترتفع حصتها من الصكوك في إجمالي الدين الحكومي إلى 45 في المائة، على نحو مماثل لماليزيا والثانية بعد الشارقة. وأضافت أن هذا بدوره ساعد في تنويع مصادر تمويلها مقارنة بما كان متاحا خلال صدمة أسعار النفط في 2015 – 2016 وتخفيف ضغوط السيولة وسط أكثر من ضعف الاحتياجات التمويلية الحكومية هذا العام. وأشارت الوكالة إلى إكمال السعودية في 17 أيلول (سبتمبر)، إصدارها الشهري المعتاد في إطار برنامج الصكوك المقوم بالريال السعودي للحكومة، وبذلك يصل حجم الإصدار المحلي من الصكوك من بداية العام الجاري حتى تاريخه 84 مليار ريال (22.4 مليار دولار)، بزيادة كبيرة قدرها 45 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبينت أن المملكة أصدرت في نيسان (أبريل) 2017، أول صكوك سيادية دولية (متعددة الشرائح) بقيمة تسعة مليارات دولار، ثم أنشأت بعد فترة وجيزة، برنامجا محليا للصكوك بالعملة المحلية في تموز (يوليو) 2017، وبحلول عام 2019 وصلت حصة الصكوك من إجمالي التمويل الحكومي إلى أكثر من 50 في المائة، وذلك بعد أن اعتمدت تاريخيا على الاقتراض التقليدي وسحب الاحتياطي المالي لتلبية احتياجاتها التمويلية الحكومية. ولفتت إلى أنه خلال الفترة نفسها، أصبحت المملكة أكبر مصدر سيادي للصكوك طويلة الأجل، حيث تجاوز إجمالي إصدارات الصكوك المحلية والخارجية 61 مليار دولار خلال 2017 – 2019، متجاوزة ماليزيا وإندونيسيا، اللتين كانتا رائدتين في تصدير الصكوك السيادية لأكثر من عقد. وذكرت أنه اعتبارا من نهاية عام 2019، كان لدى المملكة ثاني أكبر مخزون من الصكوك الحكومية طويلة الأجل المستحقة وأحد أكبر حصص الصكوك في إجمالي الدين الحكومي. وتتوقع الوكالة أن يأتي نصف إجمالي تمويل العام الجاري من إصدارات الصكوك، شاملة تلك المصدرة من خلال برنامج الصكوك المحلي المعمول به وكذلك عمليات طرح الصكوك الخاصة مع المؤسسات الحكومية المستقلة. ونتيجة لذلك، ترجح أن يتضاعف إجمالي إصدار الصكوك الحكومية تقريبا هذا العام إلى نحو 40 مليار دولار من 21 مليار دولار في عام 2019. وبحسب الوكالة، سمحت سوق الصكوك المحلية بالوصول إلى مصادر تمويل أوسع وأكثر تنوعا هذا العام مقارنة بما كان متاحا خلال صدمة أسعار النفط السابقة في 2015 – 2016، عندما أوفت الحكومة باحتياجاتها التمويلية من خلال سحب الاحتياطيات (173 مليار دولار) والقروض الدولية المجمعة (عشرة مليارات دولار) والسندات الأوروبية التقليدية (17.5 مليار دولار). وأشارت إلى أن الطلب المحلي على الصكوك مدفوع في نهاية المطاف بطلب التجزئة على منتجات التمويل الإسلامي المتوافقة مع الشريعة التي بدورها كانت مسؤولة عن النمو القوي في الطلب على الأصول الإسلامية من قبل المصارف المحلية. وذكرت الوكالة أنه اعتبارا من عام 2019، كانت 77 في المائة من جميع القروض المصرفية في المملكة متوافقة تماما مع الشريعة الإسلامية. كما تم تسليط الضوء على الطلب المحلي القوي على الصكوك من خلال عملية إعادة التمويل الحكومية في تموز (يوليو) 2020، حيث تمت إعادة تمويل السندات المحلية التقليدية القريبة من الاستحقاق إلى صكوك بعد تقص عكسي من حملة السندات المحليين. واستفادت الحكومة من إمكانات النمو هذه من خلال توحيد جميع الإصدارات المحلية منذ عام 2017 تحت برنامج الصكوك الحكومية المقومة بالريال السعودي، الذي يمثل الآن نحو 85 في المائة من جميع الصكوك الحكومية القائمة. منذ تموز (يوليو) 2017، كانت الحكومة مصدرا شهريا للصكوك الحكومية، بما في ذلك من خلال إعادة الاستفادة بانتظام من الإصدارات السابقة لتعزيز السيولة. ولتسهيل الإصدار المحلي في إطار البرنامج ولزيادة تحسين سيولة سوق الصكوك، أنشأت الحكومة في تموز (يوليو) 2018 برنامجا للمتداول الأساسي للصكوك الحكومية المحلية. علاوة على ذلك، في نيسان (أبريل) 2019، خفضت الحكومة الحد الأدنى لحجم الاكتتاب إلى 1000 ريال سعودي (267 دولارا) من مليون ريال (266666 دولارا) لتسهيل مشاركة الأفراد والسماح للصناديق المشتركة بإنشاء صناديق صكوك حكومية مخصصة. وبحسب وكالة "موديز"، نتيجة لذلك، تحسنت سيولة سوق الصكوك المحلية بشكل كبير خلال العامين الماضيين، مع ارتفاع العوائد في تداول الصكوك والسندات المحلية في السوق المالية السعودية (تداول) إلى نحو 70 مليار ريال سنويا خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020 من نحو عشرة مليارات ريال فقط في عام 2019 وأقل من مليار ريال في عام 2018. وأيضا تمكنت الحكومة من تمديد الفترات في إصدارات الصكوك المحلية بشكل كبير إلى متوسط مرجح يبلغ 17عاما تقريبا في عام 2019 من نحو ستة أعوام في عام 2018، مما قلل من مخاطر إعادة التمويل من خلال إطالة أجل استحقاق الإجمالي للدين الحكومي. كما أنه منذ عام 2019، تقوم بإصدار صكوك بمدة تصل إلى 30 عاما، التي تمثل حاليا نحو 15 في المائة من جميع الصكوك المحلية القائمة. وفي (أغسطس) 2020، وافقت هيئة أسواق المال على قرار يسمح لغير المقيمين بالاستثمار مباشرة في أدوات الصكوك المحلية المدرجة وغير المدرجة، الذي – بمرور الوقت – سيعمل على تحسين سيولة السوق الثانوية من خلال دعم التوسع التدريجي لقاعدة المستثمرين في السعودية، خاصة عندما يصبح من الممكن أيضا تسوية المعاملات في الصكوك المحلية من خلال أحد أهم مودعي الأوراق المالية المركزيين الدوليين.