ذكر خبير القيادة الأمريكي جون سي ماكسويل في أحد كتبه القصة التالية: ” أخذ رئيس أحد الشركات مديراً تنفيذياً مبتدئاً تم تعيينه حديثاً في جولة حول المكان وبينما هما يتجولان، مرَّا من أمام مكتب كبير ضخم تجلس فيه امرأة على مقعد مريح، وتنظر من النافذة، لم يكن في المكتبة منضدة أو جهاز كمبيوتر أو خزائن ملفات أو أية تجهيزات أو أدوات أخرى كتلك التي تكون موجودة عادة في بيئة العمل، قال الرجل الذي تم تعيينه حديثاً: المعذرة يا سيدي، لكن ما سبب عدم استخدام ذلك المكتب، أجابه الرئيس: لكنه مستخدم. حسناً، أنا لم أرى منضدة أو أي شيء؛ لذا اعتقدت أنه قد يكون في مرحلة انتقالية، مَن تلك التي كانت جالسة على المقعد؟ فأجابه الرئيس قائلاً: إنها واحدة من نواب الرئيس لدينا، وهذا مكتبها. فما دورها الذي تقدمه للشركة؟ أجابه الرئيس بابتسامة: “إنها تفكر”، وهل تدفع لها أجراً لتفكر فقط؟ أتعني أنه لا يتعين عليها إنتاج أي شيء؟ يا للروعة، كم أود أن أحصل على وظيفة كتلك. آخر فكرة قدمتها لنا أنتجت 20 مليون دولار لهذه الشركة، إذا تمكنت من فعل ذلك بشكل ثابت، يوماً ما قد تحصل على وظيفة مثل وظيفتها” المفكر هو من ينتج أفكاراً جديدة لها سندها النظري أو التجريبي، يتم توظيفها في سياق حيوي مناسب. المفكر ينهل من موارد ثقافية مختلفة، وينظر من زوايا متباينة، ويمتلك بنى عقلية متفاوتة ومتنوعة. المفكر صاحب تجربة فكرية عادة ما تكون طويلة من حيث الزمن، وجادة من حيث التعامل، وثرية من المعرفة، ومميزة من حيث التقاليد. المفكر يشعر بالذاتية الفكرية على سبيل الفعل، وليس الذاتية النفسية أوالاجتماعية أوالاقتصادية أو غيرها. المفكر لديه حب للمعرفة ويحتفل بالجديد منها، ويملك نسيجاً واحداً متكاملاً من الفكر. المفكر يتمتع باستقلالية الفكر، ولديه شعور بالمسؤولية، ويملك رؤية منوعة من الجزء إلى الكل، ومن الكل إلى الجزء. المفكر إنسان متعدد المواهب، مُحب للعمل، شغوف بالإنجاز، متطلع نحو المستقبل وتحقيق التقدم والنمو والتطور. المفكر ينير العالم بأفكاره، ويقود الناس بآرائه. المفكر قائد نحو تحقيق الأهداف وشحذ الهمم وتحفيز الموظفين والعمل المستمر نحو التطوير. فالدول تحتاج المفكر لصناعة توجهاتها المستقبلية ورسم سياساتها وصنع خططها، والمؤسسات الحكومية تحتاج المفكر لرفع كفاءتها الإنتاجية وتحسين فعاليتها وتطوير أدائها وتحقيق أهدافها، والشركات تحتاج المفكر لزيادة إنتاجها وتطوير ابتكاراتها وصناعة ميزتها التنافسية وتحقيق أرباحها. فالمفكر عضو رئيس ومهم وحيوي لتقدم وتطور ونهضة الشعوب والأمم والدول. فابحثوا عن المفكرين، واستفيدوا من قدراتهم ومواهبهم، فالمفكر لا قيمة توازي ما يقدمه من أفكار ومنتجات. فحينما يكون للفكر قيمة يصبح للمجتمع بكل مؤسساته المختلفة وأفراده قيمة