السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    الجيش اللبناني يتهم الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق والتوغل في مناطق جنوب البلاد    استبعاد ياسر الشهراني من معسكر الأخضر في الكويت للإصابة    مانشستر سيتي يواصل الترنح ويتعادل مع ضيفه إيفرتون    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من الرئيس الروسي    «الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    السعودية وكأس العالم    أفغانستان: 46 قتيلاً في قصف باكستاني لمخابئ مسلحين    المملكة ترحب بالعالم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    وطن الأفراح    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    %91 غير مصابين بالقلق    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد العيسى: بيننا من يحاولون «إيهام» المجتمع بأن الثقافة لا تأتي إلا ب «الشر» و «الكفر»
نشر في الحياة يوم 10 - 03 - 2009

البدايات لجيلكم هل منحتكم صلابة لم تتح لأجيال بعدكم؟
- جيلنا جاء في بدايات عصر التنمية والتحديث، وهو جيل شاهد على عمق التحوّل الحضاري الذي حصل في جزيرة العرب بعد توحيد المملكة، واكتشاف النفط والطفرة الاقتصادية. ولكن بقي لجيلنا بعض الصلابة التي كانت لآبائنا، الذين عانوا كثيراً من شظف العيش والجهل وعدم الاستقرار. وأخشى أننا لم نمنح الأجيال الجديدة فرصة التعرف على الماضي واحترامه والنظر إلى المستقبل وامتلاكه.
يشعر الجيل الحاضر بأنكم سرقتم كل الفرص ولم تفكروا في منحهم ما يستحقون، إلى أي مدى يذهب هذا الشعور في اتجاهه الصحيح؟
- صحيح أننا حصلنا على فرص أسهل في التعليم والوظائف، ولكن الجيل الحالي لديه فرص عظيمة، ولكن تحتاج إلى تأهيل من نوع مختلف، وهذا ما فشلنا فيه حتى الآن.
عندما كنت طالباً جامعياً، هل كانت التوجهات والاهتمامات وطريقة التفكير تختلف عنها الآن بين الطلاب؟!
- عندما كنت طالباً، لم يكن أحد يحدد اختياراتي، فآباؤنا كانوا بعيدين عن ممارسة التوجيه لعدم توافر المعرفة وأدواتها لديهم، أما اليوم فنحن نتوقع أننا نعرف الكثير فنتدخل كثيراً في اختيارات أبنائنا ونفسد بذلك قدرتهم على تحمل المسؤولية.
هناك من يصف شبابنا بأنهم فاقدون للجدية والالتزام في كثير من مجريات الحياة؟!... هل هذا تصنيف صحي؟!... وإن كان كذلك، لماذا بلغ شبابنا هذا المبلغ «المخزي»؟
- لا يمكن التعميم بلا شك، ولكن شبابنا اليوم ينتظرون من يفكر عنهم ويحاول أن يجد الحلول لمشكلاتهم، وكما قلت سابقاً فقدوا القدرة على تحمل المسؤولية.
على رغم الصعوبات التي يواجهها مجتمعنا إلا أننا ما زلنا في خصام شديد مع المبادرات الجماعية لتغيير الحال... من عليه أن يبدأ المسيرة؟
- في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني، وفي ظل ضعف آليات الحوار، تبرز ثقافة الشك والتشكيك والتهوين من المبادرات والخوف من ردود الفعل غير المحسوبة.
لماذا تشهد مؤسسات حاضنة للشباب أدلجة معينة في الطرح والفكر؟
- غياب وسائل التثقيف الحقيقية والحوار الهادئ أسهم في ارتفاع الصخب والضجيج في حياتنا الفكرية، ونشأت فكرة التحصين والبحث عن التقاطعات الحادة... إنها فكرة «التصفية»، أو فكرة «الفرقة الناجية» التي أسيء فهمها واستخدامها.
تعددت محطاتك العملية... المتأمل فيها يجد كثيراً من الضجيج يسكنها... من يتحمل السبب... أنت، أم أقرانك في المشهد ذاته؟
- لا أعرف حقيقة، ولكن يسكنني شخص متمرد على السائد والعادي، لا يحب المجاملة، والتزلف.
اختلافك مع الدكتور علي الغفيص، هل مازال قائماً؟ ولماذا نشأ هذا الاختلاف أصلاً؟
- لم أختلف مع الدكتور علي الغفيص كشخص، فأنا أكن له التقدير والاحترام وأقدر حماسته للتغيير، وقد عملت معه أكثر من أربعة أعوام جنباً إلى جنب، ولكن اختلفت معه قبل ثمانية أعوام عندما أصبح محافظاً للتعليم الفني في ما يتعلق بطريقة تغيير مناهج الكليات التقنية، ومحاولته تصفية البعد العلمي والمعرفي والتوجه بالكليات إلى أن تكون «مراكز تدريب» كما كان يردد.
خلل في فلسفة التدريب
هل تشعر أن فلسفة التدريب التقني في بلادنا متأخرة عن مواكبة النمو حواليها؟
- فلسفة التدريب التقني المطبقة حالياً تعود إلى مرحلة تاريخية قديمة الفكر التربوي، خصوصاً مرحلة الثورة الصناعية عندما كان سوق العمل في الدول الصناعية تحتاج إلى عمالة ماهرة، أما عندما جاءت ثورة المعلومات والصناعة القائمة على التقنية الدقيقة، فسوق العمل تحتاج إلى العامل المفكر المبدع المتمكن من مهارات حل المشكلات والتحليل والتكيف مع المتغيرات المتسارعة، وعلى رغم أن جميع مؤسسات التعليم العام والعالي والفني لم تتمكن من خلق البرامج التي تركز على مهارات التفكير النقدي critical thinking والتحليل وحل المشكلات، إلا أن التعليم الفني والتدريب التقني يعانيان أكثر من غيرهما من ضعف المدخلات علمياً وسلوكياً ومعاناتهما اقتصادياً واجتماعياً، ما يعني أن دورهما يجب أن يكون مضاعفاً في التعليم الأساسي في القراءة والكتابة والرياضيات والتأهيل النفسي والتوجيه المهني قبل أن ينتقل الطالب للتدريب في الورشة والمختبر.
في كل مدينة كلية للتقنية... لكن الناتج منها غير مرحب به في سوق العمل...الخلل في الكليات أم في السوق؟!
- الخلل أولاً في فلسفة التدريب التقني والمهني وفي مناهجها وطرق التدريس، ثم في سوق العمل المشوهة.
والغريب أن وزارة العمل التي تشرف على مؤسسة التدريب التقني والمهني هي المسؤولة عن تنظيم سوق العمل في القطاع الخاص، ولكنها - مع الأسف - لم تجد خريطة الطريق لإجراء مصالحة تاريخية بين أرباب العمل والمسؤولين عن التعليم والتدريب.
انتقالك لكلية اليمامة (جامعة اليمامة حالياً)... هل هو هروب من واقع كنت تعيشه أم فرصة وأتيحت لك؟
- لقد فضلت عدم الاستمرار في موقعي السابق في التعليم الفني قبل أن تتاح لي فرصة الإشراف على إنشاء وتأسيس كلية اليمامة، ولكنها فرصة أتيحت لي، وأعمل ما في وسعي الآن دون الالتفات إلى الماضي.
تحتفل جامعة اليمامة هذا العام بتخريج أول دفعة من طلابها... كيف تنظر للأمر؟!
- هي مناسبة جميلة بالنسبة إلي لأرى أول مخرجات الجامعة التي أسهمت في وضع الخطوط العريضة لبرامجها وتوجهاتها العلمية والمهنية. وآمل أن يكون الخريجون في مستوى التحديات التي تواجههم في المستقبل.
حضور العالم العربي أحمد زويل «الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء» إلى «اليمامة» حدث عظيم، هل استثمرتموه علمياً وتجارياً كما ينبغي لمؤسسة ربحية؟!
- كانت مناسبة ضمن مناسبات ثقافية متنوعة، وكان حضوره مناسبة إعلامية جيدة، ولكن لم يكن للحدث استثمار تجاري محدد.
تجربة الجامعة التابعة لجامعة غربية..هل هي استنساخ أم سعودة؟
- الجامعة ليست تابعة لجامعات أجنبية أو محلية، وإنما هي استثمار وطني مكلف لعائلة أحبت التعليم وعملت في مجال التعليم لأكثر من نصف قرن حتى الآن.
نطالب بمؤسسات مجتمع مدني، وحين يوافق عليها تفشل في أدائها... أين يكمن الخلل؟
- أعتقد أنه لا يوجد لدينا حتى الآن مؤسسات مجتمع مدني منظم بأطر تشريعية واضحة. لقد كان هناك مشروع في مجلس الشورى لنظام الجمعيات الأهلية، ولكن لم ير النور حتى الآن. فالخلل أن هناك من يطالب وهناك من يعارض والمؤسسات القائمة في مهب الريح من دون حماية أو تشريعات تؤطر عملها.
جامعة اليمامة هل من آليات لتحويلها لمؤسسة مجتمع مدني؟
- نحن نرى أن الجامعات يجب أن تقود المجتمع نحو التطوير والتغيير، لا أن تكون تابعة وتنتظر الفرج يأتي من دهاليز البيروقراطية. الجامعات يجب أن تكون أكثر من مجرد قاعة محاضرات ومعمل حاسب، إنها مصانع للفكر والثقافة والتحول الحضاري.
التعليم الجامعي الأهلي... هل تضمن تشريعاته سلامة نتاجه؟
- تجربة التعليم العالي الأهلي لا تزال حديثة ومحدودة في بلادنا، ووزارة التعليم العالي تحاول دعمه وتمكينه من الرسوخ في بيئة منافسة. وفي تقديري أن التعليم العالي الأهلي سيتمكن من انتاج مخرجات أفضل إذا سلم من بيروقراطية وزارة التعليم العالي وفكر المركزية وتوحيد اللوائح والأنظمة.
أصدرت كتاباً حديثاً عن «إصلاح التعليم في السعودية»... هل التعليم في السعودية يحتاج إلى إصلاح فعلاً؟
- الكتاب يحاول الإجابة عن أسباب تعثر مشاريع وأفكار إصلاح وتطوير التعليم في المملكة على رغم أن هناك شبه إجماع على تخلف نظامنا التعليمي، وهناك دعم مادي قوي من القيادة ورغبة ملحة في الإصلاح، ولكن المردود الحقيقي لتلك المشاريع والأفكار على أرض الواقع ضعيف جداً لا يتناسب مع حجم الجهد والمال المبذولين.
لكن الكتاب يحتوي على أفكار جريئة وتحليل موغل في النقد، فهل تتوقع ردود فعل ساخطة على الكتاب؟
- هناك بلا شك الكثير من البوح والشكوى عن واقع تعليمنا المرير في الصحف ووسائل الإعلام وبشكل يومي تقريباً ومن كُتَّاب مرموقين إعلامياً وأكاديمياً، ولكن الكتاب يحاول الدخول في عمق عوامل وأسباب تعثر مشاريع الإصلاح أكثر من محاولة وضع خريطة طريق لإصلاح التعليم. فالخريطة واضحة المعالم، ولكن لم يستطع أحد أن يجوب دهاليزها ومطباتها ويقتحم حقول ألغامها.
هل جاء الكتاب في وقته، أم أنه تأخر كثيراً؟
- ربما تأخر بعض الشيء ولكن المهم أنه جاء... وآمل أن تكون القيادة الجديدة في وزارة التربية والتعليم لديها الرؤية التي بحث عنها «الكتاب» ولديها الاستراتيجية التي تمكنها من تنفيذ تلك الرؤية.
خصوصية مجتمعنا هل تقبل بالاختلاف والتعددية؟!.. وكيف تقرأ خصوصيتنا هذه؟
- لكل مجتمع خصوصية مرتبطة بقيمه وتطوره الحضاري وظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكننا نبالغ في طرح هذه الخصوصية، والبعض يريد أن يرى المجتمع كتلة واحدة فكرياً وثقافياً، وهذا ليس في مصلحة تطور المجتمع وتقدمه، والحقيقة أن المجتمع يموج بتعدد فكري واجتماعي، وهذا أمر طبيعي وإيجابي ويسهم في إضفاء حيوية وتفاعل داخل المجتمع.
التيار الليبرالي هل يشهد حلاً من التراجع الآن؟!... أم أنه يجيد سياسة «التهدئة»؟
- لا يوجد تيار ليبرالي صرف في المجتمع السعودي، وإنما هناك أفكار ليبرالية ومفاهيم حداثية تريد أن تخرج المجتمع من عصر المجتمع المنغلق على ذاته والمتحصن داخل ثقافته إلى آفاق أوسع تتسق مع الانفتاح الثقافي والتطور العلمي والتكنولوجي الذي نعيشه. ولهذا لا يمكن القول أن هناك تراجعاً أو تقدماً وإنما هناك موجات عالية وموجات منخفضة في حالة التجاذب الثقافي الذي نعيشه.
المفهوم السائد الخاطئ أن الإسلام يناقض الليبرالية... من يتحمل وزره؟
- نحن نقرأ الدين الإسلامي قراءة ضيقة ومن منظور الحلال والحرام فقط، ولم نتعلم الابحار في آفاقه الواسعة وبحاره الزاخرة بالعلوم والقيم الوجدانية العميقة والمعرفة بحقيقة الحياة والكون، ولم نتربَّ على القيم الأخلاقية العظيمة التي يدعو لها. المصطلحات تشوش أذهاننا وعقولنا وتجعلنا نتقوقع في ظل مفاهيم نشأت في فترة انحطاط حضاري وثقافي وعلمي عاشها العالم الإسلامي لقرون طويلة.
المجتمع يهاجم المفكرين، هل القصور في المجتمع أم أن المفكرين ما زالوا يسكنون أبراجهم العالية؟
- لا أعتقد أن المجتمع يهاجم المفكرين، بل هناك أصوات محدودة تفتعل الأزمات وتحارب أي فكرة جديدة، وتحاول إيهام المجتمع بأن الثقافة والفكر والقراءة لا تأتي إلا بالشر والكفر والإلحاد.
اغتراب داخلي
الحوار الوطني، هل هو الكذبة التي لم يصدقها أحد؟
- الحوار الوطني فكرة جميلة ومبادرة خلاقة، ولكنها لا يمكن أن تعيش وفق إطار واحد ونسق بيروقراطي حكومي. ولهذا خبا وهج هذا الحوار بعد محاولة أو محاولتين.
لدينا أنظمة وقوانين جميلة، لماذا جمالها يبقى أسير الأدراج المغلقة؟
- التنظير سهل وإعداد الاستراتيجيات ليس بالأمر الصعب، ولكن التطبيق والمتابعة تحتاجان إلى مجهود أكبر وإلى عقول أكثر فعالية من عقول التنظير والعمل المكتبي. لقد كانت مشكلة التنمية ولا تزال هي الإدارة الفاعلة التي تستطيع أن تحول الأرقام والأموال والاستراتيجيات إلى واقع مشاهد على الأرض.
هل ما زلنا نعيش في دائرة الاتكالية ونعتقد بأن المسؤول عن مشكلاتنا دائماً هو شخص آخر، ألا توجد مسؤولية فردية؟
- هذه مشكلة أصلتها فكرة أن الدولة هي الراعية والمجتمع مجرد رعية.
الإسلاميون تسلموا دفة المجتمع السعودي أكثر من ثلاثة عقود، لو أتيح لليبراليين المدة نفسها، ما الذي سيتغير؟
- صدقني أنا لا أرى الأمر بهذا التصنيف الحاد، فهناك كثير من المتدينين يحملون أفكاراً ليبرالية، ويحلمون بمستقبل أكثر حرية ومسؤولية، وهناك كثير ممن يفتخر أو يتشدق بالليبرالية وهو أكثر إقصاء وضيق أفق.
تظهر على وجوه الناس الآن آثار اغتراب نفسي وعبثي واجتماعي، لماذا برأيك؟
- أعتقد بأن سرعة التغيرات التي حدثت في واقع المجتمع من مجتمع بدائي قبلي منغلق، إلى مجتمع يتعامل مع أكثر منتجات الحداثة تعقيداً قد أوجدت هذا الاغتراب. لو تأملت في الماضي القريب في المجتمع الذي عاش فيه والدي والمجتمع الذي يعيش فيه أبنائي الآن لرأينا الفارق الضخم في منتجات الحضارة. عندما أتمكن اليوم من حضور ثلاثة اجتماعات في ثلاث قارات مع مشاركين من 15 دولة ويحصل ذلك في يومين فقط، بينما لم يتمكن والدي من زيارة الأماكن المقدسة للحج من بلدته الصغيرة في وسط نجد إلا بواسطة وسائل نقل بدائية تأخذه لشهر أو أكثر، لعرفنا حجم النقلة الكبيرة التي حصلت في مجتمعنا. ولهذا لم يتمكن المجتمع من تأسيس وسائل التقويم والتربية الصحيحة، كما أن المتغيرات السريعة لم تتح فرصة لالتقاط الأنفاس.
التعديلات الوزارية الجديدة... هل تعني أن باب التغيير فتح على مصراعيه؟
- بلا شك أن التغييرات جاءت جذرية في قطاعي التعليم والقضاء، ولهذا فهي لم تأت من فراغ، أو لمجرد التغيير. فهناك توجه حقيقي للتغيير، وآمل أن يتحقق في وقت قصير، وبأقل قدر ممكن من الضجيج.
امرأة سعودية في منصب وزاري رفيع... هل يعني هذا شيئاً لبناتنا الجالسات الآن على مقاعد الدراسة؟
- هي إضافة إلى مكتسبات المرأة في بلادنا، وأتمنى لها التوفيق... أعتقد بأن المجتمع يعج بالكفاءات من النساء اللاتي سيجدن طريقهن لخدمة الوطن في مجالات عدة.
تقدم المرأة علمياً ووظيفياً من الذي يعوقة؟ الذكور من عائلتها، أم الذكور الغرباء في العمل، أم المجتمع نفسه بأنظمته وتشريعاته و»جلافة» بعض ناسه أم ثقافة «العيب» المنتشرة في البلاد؟
- لا يزال موضوع مشاركة المرأة، موضوعاً محورياً في فكر وثقافة المجتمع، وتقدمها يحتاج إلى صبر ونفس طويل، وقد حصل هذا في مجتمعات أخرى كثيرة غربية وشرقية، فهل تعرف أن جامعة أكسفورد العريقة في بريطانيا مثلاً لم تسمح بقبول الطالبات إلا بعد ستة قرون من إنشائها، وكانت مخصصة للرجال فقط، ولم تتمكن امرأة من الوصول إلى منصب قيادي فيها إلا في عام 1960.
الحوار هو الحل
إنشاء مبنى جديد لكلية البنات في جامعة اليمامة... وفصلها عن مبنى الطلاب، هل يعني أن العدد في ازدياد أم يعني أنكم تحاولون «سد الباب الذي تأتي منه الريح» درءاً لأي تفسير خاطئ؟
- أبداً المبنى تم تخطيطه قبل قيام كلية اليمامة، ووجود مبنى مستقل للبنات وتتوافر به الخدمات كافة هو ضرورة وقناعة راسخة لأهميته في تحقيق تعليم عالٍ متقدم.
أحداث الركل والبصق والضرب والتكسير التي رافقت العرض الثاني لمسرحية «وسطي بلا وسطية» في أسبوع كلية اليمامة الثقافي... هل صرفت نظرك عن الكتابة للمسرح؟
- أنا لست كاتباً محترفاً، ولكن اهتمامي بالمسرح يزداد يوماً بعد يوم. وقد كتبت نصين بعد مسرحية «وسطي بلا وسطية»، وهما رهينا الأدراج حتى يكتب الله لهما الخروج إلى النور.
أنت رجل ملتحٍ و «موصوم» بالليبرالية... كيف يجتمع الضدان؟
- أنا عملت في مجال العمل الإسلامي ولله الحمد ولا أزال، وأنا أدرّس مقرراً بعنوان مختارات من الفكر الإسلامي المعاصر، ومهتم بالوسطية وبالاعتدال في الفكر والسلوك، وأعتقد أن الحوار هو السبيل الوحيد لالتقاء المثقفين والمفكرين مهما كانت مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية ولكنهم جميعاً - في تقديري - مسلمون موحدون ومتطلعون إلى مستقبل واعد لبلدهم مهما اختلفوا.
هل تفكر في أن يكون أحد مقاعد مجلس الشورى مخصصاً لك؟
- خدمة الوطن والمجتمع شرف في أي مكان يعمل فيه الإنسان. وأتمنى لمجلس الشورى التوفيق، ولكن إطاره الحالي يحتاج إلى تطوير جذري حتى يمكنه أداء دور تشريعي ورقابي حقيقي.
بعد «جامعة اليمامة»... أين تريد أن يستقر بك المقام؟ وهل تخطط لمكتسباتك أم تنتظرها حتى تطرق بابك؟!
- المستقبل بيد الله سبحانه، والحياة قصيرة، المهم أن نعيشها بما يرضي الله أولاً ثم بما يحقق السعادة والهدوء والصفاء والمشاركة في البناء.
أخيراً: حين تحرث رمل الذاكرة بين «كاونتر المطار» حيث أول وظيفة عملت بها وبين باب مكتبك الفخم في جامعة اليمامة... ما الذي ينبت في مخيلتك؟
- يقول نيتشه: «سأهاجر وأحاول أن أكون سيداً لأقطار جديدة، وفوق ذلك سأحاول أن أكون سيد نفسي، وأغير مسكني كلما هددني خطر العبودية، ولن أتجنب المغامرة أو الحرب، وإنما سأستعد للموت لو حدث أسوأ الأمور المحتملة، ولا أريد مزيداً من هذه العبودية المهينة، وهذه الاستثارة والكراهية..».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.