يبدو أن دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى وقف إطلاق النار في ليبيا، ومن ثم اللجوء إلى عملية الحوار بين الأطراف، جاءت بعد التقدم الكبير الذي أحرزته قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في المناطق الليبية المحررة وآخرها سرت، وكذلك خشية من تضخم كرة الثلج بين القيادة السياسية والجيش في تركيا. ومنذ نشوء تركيا الحديثة وقعت صراعات بين الجيش التركي الذي يصفه البعض بأنه يحمل الايديولجية الاتاتوركية وبين القيادات السياسة نجم عن هذا الصراع انقلابات وإزاحة رؤساء أو اغتيالهم وهو الأمر الذي حدث في عهد أردوغان نفسه 2016 والتي تشير تقارير مقربة إلى أنها مدبرة لتغيير نظام الحكم في تركيا إلى رئاسي، هذا بخلاف قيام أردوغان بإعفاء قادة للجيش عام 2011 وتسبب في حقد بين الجيش وأردوغان نفسه الذي يحاول صناعة صف جديد موالٍ له. وقبل إعلان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري عن وقف إطلاق النار الليلة الماضية، أكد اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوى بالجيش الوطنى الليبى، أن الجيش الوطنى سيطر على منطقة الوشكة بالكامل غرب مدينة سرت، وأن قواته تتقدم في اتجاه مصراته، مضيفًا أن: “مصراته بين كماشة الجيش الوطنى الليبى، وأهالى سرت انتفضوا وتحركوا لمقاتلة الميلشيات وطردوهم بالأغانى والزغاريد والأفراح واستقبلوا الجيش الوطنى استقبال الأبطال، وتمت السيطرة على 17 عربة مدرعة داخل سرت، جميعهم تركية الصنع”. وفي الوقت الذي يحقق فيه الجيش الليبي تقدما كبيرا في اتجاه مصراتة، كشفت تقارير إعلامية عن مراسلات داخلية بين قادة الجيش التركي تفيد بضغوطات على أردوغان لوقف القتال في ليبيا وخاصة بعد مقتل جنود أتراك وإصابة آخرين شملهم إعلان الرئيس التركي بإرسالهم إلى ليبيا، إضافة إلى انهيار جبهة مليشيات المرتزقة التي استعان بها أردوغان للقتال إلى جانب قوات فايز السراج، فيما سرت هناك دعوات لأسر جنود الجيش التركي للمطالبة باعتصامات لثني أردوغان عن إرسال جنوده إلى ليبيا لخوض حرب لاجدوى منها.
السراج إلى اسطنبول مجددا في غضون ذلك، وصل رئيس حكومة طرابلس الليبية، فايز السراج، الأحد، إلى مدينة إسطنبول التركية في زيارته الثانية خلال أقل من شهر، وذلك غداة دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في المنطقة الغربية من ليبيا، حيث تقع طرابلس. وأفادت التقارير التركية بعقد لقاء مغلق بين السراج والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ولم تكشف مزيد من التفاصيل بشأن اللقاء. وكان السراج وصل إلى تركيا قادما من إيطاليا، حيث أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الذي أعرب عن قلقه من تصاعد التوتر في ليبيا. أردوغان يلجأ إلى بوتين وفي ظل مخاوف أردوغان بسبب الارتباك الواضح في الدور التركي بليبيا لجأ إلى لقاء مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين في اسطنبول، وخلص الاجتماع إلى الضغط بشأن مبادرة لوقف النار في الأراضي الليبية. وأضاف بيان صادر عن اجتماع الرئيسين أن الصراع الدائر “يقوض الأمن الإقليمي ويؤدي إلى زيادة الهجرة غير الشرعية وانتشار السلاح والإرهاب والأنشطة الإجرامية الأخرى”. ورحبت الأممالمتحدة بدعوات وقف إطلاق النار، ودعت الأطراف الليبية إلى التعامل معها بإيجابية. الجيش الوطني يعلن وقف إطلاق النار وكان الجيش الوطني الليبي أعلن في وقت سابق عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ اعتبارا من ليل السبت الأحد بالتوقيت المحلي. وسارعت الميليشيات الموالية لحكومة السراج لوقف بخرق الهدنة في أكثر من محور، وفق ما قال الجيش. وربط المتحدث باسم الجيش أحمد المسماري، التزام الجيش بوقف إطلاق النار بالتزام الطرف الآخر، مضيفا أن “القوات الليبية سترد بشكل قاس على أي خرق للهدنة”. ورحبت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بإعلان وقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية من قبل كل الأطراف في ليبيا. وجاء الإعلان عن وقف إطلاق النار بعد جهود بذلتها القوى الدولية من أجل القتال في ليبيا، تمهيدا للوصول إلى حل سياسي.