إن الانفتاح على العالم بتقنية الاتصال المعاصرة والتي تحلق بنا في مساحات إعلامية شاسعة لمختلف المجالات السياسية والفنية والثقافية المتعددة , دون أن تكون خاضعةً للرقابة موجهة متوازنة تستوعب متطلبات الجيل المعاصرة , وما يقابله من تدفق معلوماتي موجه للمشاهد.. لابد وأن يؤثر على الجيل الناشئ ويعيد بناء أيديولوجية جديدة تنسلخ منها القيم الإسلامية وأمام هذا الكم الهائل من طرق انتقال المعلومة والخبر في سياق يبدو أكثر شفافية ووضوحاً.. ويضمر من خلفه الشرور, يقف المشاهد موقف الحائر, فهو الهارب من رتابة وجمود البرامج التي كانت تقدم له كوجبات مملة ومتكررة وضعت المجتمع في قوالب فكرية مجمدة لا تعرف لغة المرونة والتعاطي مع المستجدات الحديثة , وبين ما تقدمه البرامج الحالية من زخم معرفي ومعلوماتي يشمل الغث والسمين وغزو فكري ساقط يسري في المجتمع من خلال ما تقدمه بعض البرامج والمسلسلات في قنواتنا العربية , وفي غياب برامج وآليات الدفاع والصد المناسبة والتي تمتلك القدرة على جذب المشاهد . أن الإعلام سلاحا ذو حدين فهو مصدر للتنوير والتحديث وسلطة تغيير فكري من جهة , وأداة للتفسخ والتخلف والتطرف وإشاعة الأوهام والبطولات الفارغة ومحرضا للفوضى من جهة أخرى . فالمسلسلات المدبلجة الغثة وبرامج الواقع المقززة ونشرات الأخبار الكاذبة والمضخمة وغيرهم الكثير , يدخلنا في حالة متأزمة من الصراع القيمي الاجتماعي في ظل سطوة الإعلام المسيطرة .. فمنهم من يرى أن هذا ضروري للخروج من بُعد الفكر الأوحد والانفتاح على مناخ الفكر الأخر والتعايش معه .. وفي المقابل هناك من يرى أنه سرطان ناعم الملمس يسري في خلايا الأدمغة ويدمر قيمها ومعتقداتها الدينية لذلك فإننا بحاجة إلى – حالة توازن أيدلوجي- وتعامل تقني بمرجعية منفتحة واعية تتماشى مع ثوابتنا الفكرية وتتعاطى مع متطلبات العولمة بحكمة وموائمة وتقريب وجهات النظر المتنافرة في لغة حوار تستوعب الجميع وتزيد من مساحات التواصل والالتقاء , وهذا يحتاج إلى صحوة تنويرية و مواجهة حقائق العصر والتصدي لها بالبحث والنقد والتحليل بشفافية وشجاعة وعقلانية في إطار فكري معتدل يلبي حاجات الشباب وتوجهاتهم وميولهم ورغباتهم حتى لا يقعوا فريسة للإعلام الغربي ويطبق عليهم سلطته ويهمن على مقدراتهم الفكرية والنفسية . ويخضعهم تحت سلطة ما تنادي به جمعيات حقوق الإنسان ” بالإعلام العالمي الحر” ليجد نفسه تحت رحمة “قوى خارجية” خلقت هذه المساحة الإعلامية الشاسعة لكي تمارس نوعاً جديداً من الاستعمار الفكري , تَم التخلي فيها عن الأساليب المدمرة والآلات الفتاكة التي استخدمتها القوى الغربية لاستعمار الأرضي .. لتحل محلها أساليب أكثر حنان ورقة وجاذبية لاستعمار العقول . جميلة كعكي