يعد ما حدث في مدينة البصرة وعلى ملعب جذع النخلة تحديدا ، حدثا يستحق التحليل والإفادة القصوى من انعكاساته وابعاده الايجابية ، اذ انه درس متعدد الجوانب ، لم يقتصر على الملف الرياضي ، اذا ما تم تحليل المشهد بطريقة ورؤية علمية تستوعب جوانبه ونتائجه ومدلولاته التي لم تغب عن اجندات القائمين . كرنفال البصرة ذو الابعاد الابعد ، نجح بامتياز في تحقيق اهدافه المطلوبة ، التي ينبغي ان لا تربط وتحدد وفقا لكيفية وتوقيت رفع الحظر عن ملاعب العراق فحسب – فتلك نظرة قاصرة لحدث اهم – ، اذ انه يعبر عن انعطافة نحو الإفادة من الملف الرياضي وما يعنيه بدبلوماسيته الناعمة والشعبية في حلحلة قضايا وطن وما تبعها من هموم مواطنين . سيما اذا وضعنا معطيات الحدث – كل المعطيات – على طاولة الشرح والتحليل العلمي المختص من جوانبه المتعددة الخدمية والسياسية والرياضية والمنشئاتية والتربوية والإدارية … غير ذلك الكثير ، مما لا يمكن تغافله ونسيانه بمجرد انتهاء صافرة الحكم ورحيل شخوص ورجال المشهد المفترضين من مئات الاف الحاضرين او ملايين المتابعين . بعيدا عما الت اليه نتيجة لقاء الاخضرين العراقي والسعودي الشقيقين بكل معان الكلمة وما تعنيه رقيمتها الفنية التي حسمت بها المباراة ، التي لخصها الكابتن السعودي محمد الشهلوب الذي قال : ( ان ما حدث في ملعب البصرة اكبر من ارقام نتيجة مباراة بكرة القدم )، فعلا ان مدلولات الحدث كبيرة وفوائدها جمة ، اذا تم استيعابها ودراستها وتنظيمها على شكل برامج وخطط واهداف ينبغي التواصل معها والتاكيد على ضرورة بلوغها بمراحل وسقوف زمنية لا تقف عند حد ولا تركن جانبا لاي سبب كان وتحت أي عذر . حينما وصل سعادة الشيخ سلمان بن إبراهيم رئيس الاتحاد الاسيوي الى معلب جذع النخلة ، ضجت الجماهير مرحبة وهاجت المشاعر نابضة بروح عربية عربية جياشة ، اجتازت حدود المستطيل الأخضر ، اذ كان عابر لكل الملفات مهما تحددت رياضيا ، فقد صدحت الحناجر العربية العربية وغنت الجماهير ( دارك يلخضر دارك ) في واحدة من المواقف التي ابكت الإعلاميين السعوديين وهم يعانقون إخوانهم العراقيين ، بمشهد درامي واقعي حي امتد وتعزز ، بماركة الجماهير العراقية ورمزها بالملاعب ( مهداوي الكرخي ) حيث غنى ورحب بالاشقاء بطريقته العفوية المعروفة ، التي لا تقتصر على معنى ولا تموت ضمن اطار محدد ومصالح معينة ، اذ كان ينبض عراقيا عربيا حقا ، في صورة لم تكن تشجيعية لحدث رياضي فحسب ، بل تعدت رؤيته تلك الأطر لتتسع الى ما يختلج ضمير ومشاعر الجماهير التي تعدت المائة الف ، كلها تهتف لرمزية لقاء يجب ان يستوعب بشكل أوسع . ان بوابة البصرة لم تقتصر على ما جرى رياضيا بل انها البداية لانطلاق و عودة الروح الى العلاقات العراقية السعودية بل الخليجية والعربية وان كانت تحت عنوان اخضر ، لكنه بالتأكيد سيعود بالنفع على جميع الأطراف ، لما تثمله السعودية من ثقل عربي واقليمي وخليجي ينبغي ان يستثمر ويكون بمكانه واتجاهه الصحيح .. سيما في المجال الرياضي الذي يهمنا كرياضيين قبل كل شيء .