يعد عضو هيئة التدريس عماد العمل الأكاديمي في الجامعة ، ويقع عليه أعباء عديدة تتجاوز حدود وظائف الجامعة التقليدية في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع والنشاطات المصاحبة لكل وظيفة إلى مساحات أرحب في مجال الخدمة الإنسانية والإبداع المعرفي وعادة تحرص الجامعات عند تعيين أو التعاقد مع الأعضاء على توفر الحد الأدنى من معيار الكفاءة المهنية في وظائف الجامعة. والواقع المؤسف في جامعاتنا وبالذات الناشئة منها عدم الاهتمام بتقويم الكفاءة المهنية لأساتذة الجامعات رغم قناعة إدارات الجامعات ومعظم الأساتذة بضرورة هذا التقويم وإن اختلفت الآراء حول من يقوم بعملية التقييم والتقويم. ويعزى عدم الاهتمام بهذا الجانب إلى ثلاثة عوامل أساسية أولها الاعتقاد لدى كثير من المسؤولين في الجامعات بعدم ملائمة ذلك لأساتذة الجامعات بحكم مؤهلاتهم العليا وشهاداتهم الدولية ومكانتهم العلمية والاجتماعية وإدوارهم في صناعة وبناء المعارف وهو اعتقاد خاطىء في تصوري الشخصي لأن مستوى الأداء المطلوب تحدده إدارات الجامعات وفق معايير محلية ودولية تتناسب ورؤيتها ورسالتها وأهدافها ولضمان تحقيق المستوى اللازم من الأداء يجب أن يكون هناك تقييم وتقويم فعلي مبني على أسس وقواعد علمية ومعايير مناسبة وينفذ من قبل خبراء ومختصين على مستوى الجامعات وبآليات مقبولة لهذه الفئة المميزة. والعامل الآخر عدم توفر نظم وسياسات عليا على مستوى الجامعات تشرع هذه الممارسات بشكل صريح وتطبقها بشكل دقيق. وأعتقد أن هذا من مسؤولية إدارات الجامعات في ظل ما تحضى به من استقلال إداري يسمح لها بسن الأنظمة واللوائح التي تحقق غاياتها الأكاديمية بعيداً عن الأعراف الأكاديمية المتوارثة التي لا تخدم تطوير التعليم الجامعي وترتقي بمستواه . والعامل الأخير يكمن في سوء الممارسات الحالية عند تقييم وتقويم أعضاء هيئة التدريس في كثير من الجامعات ، وعدم ملائمة المعايير والآليات ومؤشرات القياس والجهات المختصة بالتقييم والتقويم وعلى سبيل المثال يعد تقييم الطالب لأستاذه الجامعي وتقييم الأعضاء لبعضهم البعض مؤشر على الأداء ويصعب الاعتماد عليه بشكل كلي للحكم على مستوى أداء أعضاء هيئة التدريس في حين يكون تقييم الخبراء من داخل الجامعات أكثر دقة في الحكم على مستوى أداء العضو . إن رؤية وطننا 2030 رؤية طموحه يتوقف تحقيقها على إحداث التحول النوعي في مستوى التعليم على وجه العموم ومخرجات الجامعات على وجه الخصوص لتوفير متطلبات التنمية من العنصر البشري المميز في معارفه ومهاراته. وهو مرتبط بوجود أعضاء هيئة تدريس في الجامعات غير تقليديين يقومون بأدوار مختلفة في البناء المعرفي والمهاري لطلاب الجامعات ويتمتعون بقدرات ومهارات عالية تستنطق مكامن القوة فيهم وتدفعهم نحو المشاركة الإيجابية والإبداع في عمليات التعليم والتعلم والبحث العلمي .