حينما يدعو كاتب مثل أحمد عبدالرحمن العرفج للتوقف عن الكتابة والصحافة لمدة أسبوع ، يدعونا نحن للتوقف مع كلماته، لأن الكتاب والصحفيين لا يملكون غير أقلامهم وبعض المشاعر التي يحملوها بين ضلوعهم لهذا الوطن، فكيف إذن يكون صمت الصحافة ضمير الأمة هو سيد الموقف , فلا يكتب الصحافي كلمة ولا جملة واحدة تعبيرية. وببساطة فقد دعا العرفج في مقاله الأخير إلى توقف الصحافة وقال “لماذا وقَّف الصُّحف عَن الصّدور لمُدَّة أسبوع وَاحد كُلّ سَنة؟! حتَّى يَتبيّن الخَيط الأبيض مِن الخَيط الأسوَد في جَدوى الصَّحافة، عَلى اعتبار أنَّ بَعض النَّاس يَنظرون إلى الصُّحف بشَكلها الحَالي عَلى أنَّها آلة بيروقراطيّة مُعيقة للتّنمية، وطَالما أنَّ الأمور تَتبيّن بضدّها، فإنَّ تَوقُّف الصَّحافة لمُدّة أسبوع سيَجعلنا نَعرف حَجم فَائدتها، أو مقدَار ضَررها”! فهل للصحافة ضرر؟!! ولكن العرفج يجيب عن ذلك بأن أسبوع التوقف سيكون هو الأقل كذبًا بين أسابيع السَّنة كُلّها.. يقول العرفج عن فكرته “إنَّ هَذه فِكرة قَد تَكون مَجنونة، ولكن مَن قَال إنَّ الأفكَار دَائماً تَتَّسم بالعَقل..؟! وأرجو مِن أهل الصَّحافة -إذا صَدّقوا عَلى هَذا الاقترَاح وطبّقوه- أن لا يَمسّوني بسوءٍ، بحيثُ تَتوقَّف الصُّحف عَن الصّدور، ولَكن يَتواصل صَرف المُكافأة أثناء التَّوقُّف، لأنَّ أخاكم عَلى الحَديدة، وأخشَى أن خَصم أسبوع؛ قَد يَجعل الإخوة الذين يَجولون في شَوارع جُدَّة لَيلاً بَاحثين عَن قطع الحَديد، يَسحبونها مِن تَحت أقدَامي، وأهوي إلى الأرض، وحين يَحدث ذَلك لا يَفصل بَيني وبَين أكل التُّراب، إلَّا بَسط ذراعيّ بالوصيد.”!. ويدلل على فوائد التوقف بأن الحوادث ستَقلّ، لأنَّ مَن يُوزّعون الصُّحف ممَّن يَنطلقون فَجرًا -في كَافة أرجَاء البلاد- لتوزيعها بسُرعة البَرق، وسيَتوقّفون عَن هَذا الفعل، الأمر الذي يُخفّف مِن السّرعة والحَوادث، كَما أنَّ أولئك النَّاس الذين يَتهافتون عَلى مَراكز التّسوّق لشرَاء الصُّحف سيَتوقّفون عَن الخروج، وبالتَّالي تَخفيف الزّحام..! ويواصل بأنه ستَزداد إنتاجيّة الموظَّف، لأنَّ مَن يَدخل أغلب الإدَارات الحكوميّة؛ يَجد أنَّ الموظّفين مُنشغلون بقراءة الصُّحف، وأخبار كُرة القَدَم، خَاصَّة بَعد فَوز الاتّحاد على الهلال، ويَتركون مَصالح النَّاس ومُعاملاتهم لموجة البَركة، ولأسباب التّيسير..! وفي النهاية يقول العرفج “المُلاحظ أنَّ الصَّحافة تَعيش تَحزّبَات وتَخندقات واصطفَافَات وتَمترسات يُحارب بَعضها بَعضًا، فهَذا يَصف هَذا بالرّجعية والظلاميّة، وذَاك يَصف خصمه بالتَّغريب وتَنفيذ الأجندة الفُلانيّة أو العِلَّانيّة، وفي مَجال الرّياضة يُطالب الهِلاليّون بسَعودة الحُكّام في بطولة آسيا، في المُقابل يَصف الاتّحاديّون الهِلال بأنّه أسد مَحليًّا ونَعامة آسيويًّا... إلى آخره، وآخر الفَوائد مِن تَوقُّف الصّحف عن الصّدور لمُدّة أسبوع رَاحة للقَلب، لأنَّ المُلاحَظ أنَّ هُناك قَضايا مِثل: الصّحة والنَّقل والصَّرف الصِّحي، والبنية التحتيّة والفوقيّة، قَد أثبت الزَّمن أنَّها أمراض مُستعصية، مِن الصّعوبة بمَكان حلّها، في حين أنَّ العَالَم أوجد عِلاجَات وحلولاً للسّرطان، وتَصلُّب الشَّرايين، والكبد الوبَائي، ومَرض السّكري، لذلك عِندَما تَتوقَّف الصُّحف عن الصّدور؛ فإنَّ النّقد لهذه الأجهزة سيَتوقّف، وبالتالي تَستسلم النَّفس للوَاقع وتَركن إليه، وتَعيش في سَلامٍ مُؤقّت..”! ضوئية من مقال العرفج بالزميلة المدينة: