ولا تزال الحملات المُنظَّمة التي يستمر فيها تنظيم الحمدين للنيل أكثر من دولتي السعودية والإمارات، وفي عدة اتجاهات، عبر محاولات حثيثة لقلب خارطة المصلحة السياسية في المنطقة وفي العالم لصالحهم، لكن لم تجدِ أي نتيجة تذكر. حاول التنظيم استمالة أطراف سياسية محلية ودولية عبر تحريك ملفات عدة، ولم يؤد ذلك إلا لقلب السحر على الساحر. حاولت تركيا أن تظهر الحياد طيلة مدة مقاطعة الدول الأربع لقطر، لكنها لم تستطع الصمود على موقفٍ مشرفٍ يحفظ ماء وجهها، حيث بدأت بتعزيزات عسكرية لقاعدتها العسكرية في الدوحة وبدون أي مبرر، وانتهت مؤخراً بدعم السودان، وتخللتها تصريحات عنترية إردوغانية ضد أبوظبي والرياض. "تركيا دولة عظمى ذات توجه إسلامي بحت، ونصيرة للمسلمين وتدعم قضايهم" المضحك أن أردوغان استطاع زخرفة هذه الجملة الطويلة المهزوزة في أذهان أتباعه ومن استطاع استمالتهم لجهلهم في التاريخ الأردوغاني وتبهرهم الشعارات، حيث نسوا أن تركيا في الأصل تحتمي بحلف أطلسي يدعم علناً النظام الصهيوني في إسرائيل، وفي الجانب الآخر يصرخ أردوغان بوجه "تل أبيب" بسبب إعلان الرئيس الأمريكي الشهر الفائت نقل سفارة بلاده إلى القدس في إشارة لتسمية الأخيرة عاصمة للكيان الصهيوني، ورغم ذلك انبهر السذج بالعنتريات وتناسوا العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياحية بين البلدين، بل ولم يفكر الخليفة التركي ولو للحظة طرد السفير الإسرائيلي أو سحب سفيره في تل أبيب. الحماقات التي يطلقها أو يتشبث بها الرئيس التركي لا تعدو من كونها مراهنات خاسرة جداً، فمن يستطيع خسارة دول حليفة في المنطقة لصالح قطر أو تنظيم إرهابي دولي كالإخوان!! فبإمكان تركيا أن تكون حليفا استراتيجيا للدول الأربع يغنيها عن الارتماء بأحضان سياسات مشبوهة، تضعها في توتر ملتهب، وإلا فعلى أردوغان النظر بإحدى مقلتيه، إما العرب أو الأوربيون، لكن الحقيقة أن سياسة الرئيس المهزوزة أضاعت البوصلة، فلا هو الذي انظم للمنظومة الأوروبية، ولا تمكّن من الحضوة بمكانة إسلامية عربية. يقول كبير المخططين الاستراتيجيين الأسبق بإدارة الرئيس ترمب "ستيف بانون": بأن تركيا أخطر من إيران، وقطر أخطر من كوريا الشمالية". تفسير هذا الرأي يكمن في إطالة أمد الأزمة من قِبَل قطر تحديداً، فكلتا الدولتين تسهمان في جلب القلاقل بسبب استفزازاتهما لدول المنطقة، مما يجعل من المتربصين استغلال كل الثغرات لخلق أزمة كبرى. محمد العمر