اندلعت معارك جديدة في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء أمس الثلاثاء مع انهيار هدنة هشة بين الجماعات القبلية والقوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح مما دفع البلاد أكثر إلى شفا حرب أهلية. وتضغط القوى العالمية على الرئيس اليمني لتوقيع اتفاق لنقل السلطة توسطت فيه دول خليجية في محاولة لوقف الفوضى المتنامية في هذا البلد الذي يتمركز فيه تنظيم القاعدة بجزيرة العرب. وقال متعاملون إن الاضطرابات في اليمن تمثل أحد العوامل التي أبقت على أسعار النفط مرتفعة. وقالت نافي بيلاي مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان إن مكتبها تلقى تقارير لم يتسن التأكد بعد من صحتها تفيد بمقتل أكثر من 50 محتجا منذ يوم الأحد. وردا على سؤال أن كانت الاشتباكات التي وقعت مساء الاثنين تعني انهيار الهدنة قال مسؤول حكومي لرويترز “انتهى اتفاق الهدنة.” وكانت هناك ثلاث نقاط رئيسية للاشتباكات الثلاثاء حيث اندلعت معارك في شوارع العاصمة وأطلقت القوات الحكومية النار على محتجين في تعز واندلعت معركة مع القاعدة والإسلاميين المتشددين في مدينة زنجبار الساحلية. وفي وقت لاحق قال سكان حي بشمال العاصمة صنعاء أن انفجارات قوية هزت الحي الذي يقع به مقر الفرقة العسكرية التي يقودها اللواء علي محسن الذي انضم للمعارضة. وقال أحد السكان مشيرا إلى الانفجارات القوية “أعتقد إنها المرة الأولى التي تستخدم فيها الصواريخ في معارك الشوارع.”وكان متحدث حكومي قال في وقت سابق أن وحدات عسكرية متمردة هاجمت مقر الحزب الحاكم في صنعاء. وقال عبده الجندي نائب وزير الإعلام اليمني لرويترز أن الجديد في اشتباكات اليوم هو استخدام العربات المدرعة التي لا يملكها رجال قبائل الأحمر. ويتحدى صالح نداءات من زعماء من أنحاء العالم ومن قيادات في جيشه ومن عشرات الألوف من المحتجين لإنهاء حكمه المستمر منذ 33 عاما والذي وضع اليمن على شفا انهيار مالي. كما أثار صالح غضب دول الخليج لتشبثه بالسلطة وتراجعه ثلاث مرات في اللحظة الأخيرة عن توقيع اتفاق يقضي بتنحيه. وفي صنعاء سمع دوي عدة انفجارات وسط نيران الأسلحة الآلية في حي الحصبة. وقال محمد الصرمي الطبيب بمستشفى العلوم والتكنولوجيا في صنعاء إن المستشفى استقبل قتيلين و17 جريحا. ولم يتسن على الفور الحصول على أرقام كاملة عن القتلى والجرحى نظرا لشدة القتال. وقالت جيني هيل التي تدير منتدى اليمن في مركز أبحاث تشاتام هاوس “هناك ثلاث آليات مختلفة تتحرك في وقت واحد”. وأضافت إن التفتت في البلاد والصراع على السلطة بين النخب كانا العنصرين السائدين لبعض الوقت ثم أصبحت الثورة في الشارع هي العنصر الأحدث. وقالت “قد ينظر إلى رحيل صالح على أنه بداية لعملية تنافس محموم قد تكون طويلة.” وقال شهود ومصور تلفزيون رويترز في تعز إن القوات الموالية لصالح أطلقت النار على محتجين في المدينة التي تبعد حوالي 200 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة بعد محاولتهم التجمع في ميدان الحرية. وقالت مصادر طبية إن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب العشرات في أحدث موجة للقتال. وقالت نافي بيلاي إن أكثر من 50 محتجا قد يكونوا قتلوا منذ يوم الأحد في تعز بأيدي الجيش اليمني والحرس الجمهوري وعناصر أخرى مرتبطة بالحكومة عندما استخدمت الجرافات والرصاص لقمع المحتجين. وأضافت بيلاي في تصريح نشر على الإنترنت “هذه الأعمال المستهجنة للعنف والهجمات العشوائية التي يشنها ضباط أمن مسلحون على المدنيين العزل يجب أن تتوقف على الفور.” وندد برنار فاليرو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية بالهجمات في تعز. وقال كذلك إنه لم ترد أنباء عن موظفي المعونة الفرنسييين الثلاثة الذين اختفوا في جنوب اليمن يوم السبت. وتعتقد باريس أنهم خطفوا. وفي جنوب البلاد تحاول القوات الحكومية والسكان إخراج مقاتلي القاعدة ومتشددين إسلاميين آخرين من مدينة زنجبار التي سيطروا عليها مطلع الأسبوع. وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) اليوم أن 21 جنديا يمنيا قتلوا في الاشتباكات التي جرت في اليوم السابق بينما قصف سلاح الجو اليمني بالقنابل المدينة الساحلية قرب خليج عدن ويعيش فيها نحو 20 ألفا. وقال سكان أن الجثث ملقاة في الشارع وأضرمت النيران في البنك الوطني اليمني وان الانفجارات تهز المدينة التي فر منها معظم سكانها. وقال أحد السكان “الانفجارات تضيء السماء. سقطت قذيفة في الشارع خلف بيتي حيث تمركز المتشددون.” واتهم زعماء المعارضة الرئيس صالح بالسماح بسقوط مدينة زنجبار القريبة من ممر بحري تنقل عبره ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا في أيدي القاعدة لإظهار مدى الفوضى التي ستسود اليمن بدونه. وقتل ما لا يقل عن 320 شخصا في اليمن منذ ان بدأت قبل أربعة أشهر مظاهرات للمطالبة بإنهاء حكم صالح مستلهمة انتفاضات “الربيع العربي” التي أطاحت برئيسي تونس ومصر.