يتساءل كثيرون لماذا "نيوم"، وإلى أي مدى سيستفيد الوطن من الأموال التي ستنفق عليه، وهل له مردود إيجابي في المدى القريب؟ أسئلة مشروعة اختصر الإجابة عليها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعبارات موجزة حكيمة وهادفة، تؤكد "أن الشعب السعودي، الذي يملك الكثيرمن المبادئ، والقيم العظيمة، ويقف وراء تطورالمملكة وتقدمها، بوقوفه إلى جانب قيادته، يستحق مثل هذه المشاريع العملاقة التى تؤسس لسعودية جديدة، تبني حضارة رقمية وتصدر للعالم صورة ذهنية جديدة عن وطن يكرس الوسطية الدينية ويرفض التطرف ويكافح الإرهاب. أليس من حق أبناء هذا الوطن الذي صنع المجد في فترة زمنية قصيرة، لا تقارن بأعمار الشعوب وأجياله القادمة، أن يحلموا بمشروع يضعهم في مقدمة قاطرة التقدم العالمي، مهما تكلف هذا المشروع؟ كل الدراسات تؤكد نجاح "نيوم" بما يملكه المسئولون عنه من إرادة قوية وإصرار على التحدي، وبما رصدت له من أموال وبما يتوقعه الخبراء من استثمارات، ستحصد المملكة ثمارها، بعد سنوات قليلة من انطلاق الشركات العالمية، وتدفق مليارات الدولارات. كل المؤشرات تكشف أن شباب الوطن – وهم يمثلون 70% من السكان سيكونون أول المستفيدين، لأنهم من البداية وقود هذا المشروع التكنولوجي العملاق، ويتصدرون قائمة أهدافه الأساسية، التي هي جزء لا يتجزأ من أهداف رؤية المملكة 2030. ففي هذه المدينة الكونية الذكية، التي تحتل موقعًا استراتيجيًا ومميزًا شمال غربي المملكة، سينطلق المبدعون والمبتكرون والموهوبون من أبناء الوطن، يردون للآباء والأجداد الجميل، يعلنون للعالم، كيف اعتلى ابن الصحراء قمم الريادة العالمية، يقضي على البطالة، ويجذب الاستثمارات الدولية. بمشروع "نيوم" سيثبت السعوديون أنهم إذا تم توجيههم بشكل سليم يبنون ولا يهدمون، يقدمون للحضارة الإنسانية كل ما هو مثمر ومفيد، وللبشرية الوجه الحقيقي للإسلام. وهو ما عبر عنه بصراحته وشفافيته المعهودة الأمير محمد بن سلمان عندما قال: "أنا واحد من 20 مليوناً، هم يحفزونني، وهم يدفعونني إلى الأمام، إذا عملوا وتوجهوا توجهاً صحيحاً سيخلقون بلداً آخر، 70 % من السعوديين لديهم شغف ودقة وذكاء لتحقيق المستحيل". عودة إلى سنوات قليلة مضت عندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الحكم، ولدت الفكرة، وسرعان ما نمت، وباتت حلمًا، ثم صارت واقعًا، وبهذا الترحيب الدولي والمحلي، لن تمضي سنوات معدودة حتى يجني الشعب السعودي نتائج تخطيط القيادة الواعية الطموحة، وستدرك الأجيال القادمة أن قرارًا عبقريًا اتخذ من أجلهم، أسهم في صنع مستقبل مميز لهم. إن إطلاق "نيوم" في هذا الوقت الذي يموج فيه العالم بالصراعات الدينية والعرقية والمذهبية، يحمل دلالات عبقرية القرار والمكان، فبالإضافة إلى عائداته، التي يكفلها موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر، له أيضًا إيجابياته الاجتماعية دينيًا وثقافيًا وسياسيًا، فهو يزيد من الانتماء والولاء ويستثمر طاقات الشباب. أكاد أجزم أنه بعد سنة أو سنتين، لن يقبل أي سعودي بأن يبقى متلقيًا للتقنية، بل على العكس سيسعى ويجتهد ويسهم في صنعها وتصديرها، بعد أن دبت في شرايينه روح التحدي، وهذا في حد ذاته، عائد مهم إن تحقق وحده من "نيوم"، فيكفي أنه سيسهم في إعادة تشكيل العقل السعودي، ويبعد شبابنا عن عناصرالتطرف، ويحصنهم ضد جماعات الشر، ويعمل على زيادة ثقتهم في قدراتهم وإمكانياتهم، وهذا أيضًا من أهم أهداف (رؤية 2030). كما قال الأمير الشاب محمد بن سلمان: "من حقنا أن نعيش حياة طبيعية.. ولن نسمح أن تضيع علينا ثلاثين سنة مقبلة من حياة شعبنا بسبب أفكار متطرفة، نريد التعايش مع العالم". أعتقد أن البداية الحقيقية والفعلية لهذا التعايش انطلقت بالفعل الآن بمشروع سعودي سيغير وجه العالم بأشعة الشمس والريموت وراية التوحيد.