ها هو العيد قد رحل، وانتزعت البلديات ما وضعت من أنوار الشوارع الجديدة المضافة، وتسابق الصبية إلى الدكان فوجدوا أن الألعاب النارية نفدت كما نفدت من جيوبهم، وكل مراسم العيد بدأت تختفي وتقهقرت إلى إشعار آخر، ولكن الوصل لن ينتهي، والابتسامة لا لن تغيب، والمودة لا تموت بيننا، والهجر ليس له طريق، وعلاقتنا كالصنوبر.. ما زالت متجذرة وشامخة في كبد السماء، والدعاء في ظهر الغيب باق في تراتيل المساء، ومع إشراقة الصباح، ومع طلوع الفجر السافر . والتسامح قد مد إلى الرجال ذراعه، بطول باعه، ولن تقصر يدينا على المصافحة، ولن يغلب الشيطان حزب المؤمنين، وأصالة الواثقين أهل المرواءات. كل يوم أحياه هو هدية من الله، أتدارك به ما فات، وأستولي به على المكدرات، وأعزز مشاعر الفرح، وأنمي جذور العيد بماء المعاهدة على الفرح حتى يحين موعده الموثق . أقول لمن أقحم أحزانه بأعياده وحفظ نص المتنبي كاسمه، عيدٌ بأيّةِ حالٍ عدتَ ياعيدُ بمَامضى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ أمّا الأحبة فالبيداء دونَهُمُ فليتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ ماذا تركت لبقية الأيام ؟ ها هو العيد قد رحل، فهل جاد الحزن ؟ وهل أجدى الأسى؟ فلا يرد البكاء غياب الراحلين . نحن نريد أن نرى نعم الله عليك في كل الأيام، ليس في العيد فحسب، وها أنت تخالف المشاعر الإنسانية والشعائر الدينية، هل تخلو من نعمة وموهبة ونزعة فرح؟ إن بعد العسر يسرا، وبعد الضيق الفرج والفجر الصادق، فلتكن أيامنا كلها أعياد وتسامح، ولا ننتظر مراسم الفرح القادمة فقد لا نكون من عالم الأحياء، عش يومك الجميل كما ابتسم لك شروقه، وطمئن قلبك الجميل بنهاية برودة شفقه الهادئ. وبعودة الطير العائد إلى عشه … وسكون الليل الجميل …