تبدأ المستشارة الألمانية انغيلا ميركل اليوم الاحد، جولة خليجية تشمل كلا من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة حيث تبحث مع قادة البلدين قضايا المنطقة العربية وتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف الصعد. وتحتفظ ألمانيا بعلاقات وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي حيث يوجد تقارب في المواقف بين الجانبين تجاه كثير من قضايا المنطقة العربية والملفات الدولية لذا يبدو الجانب الاقتصادي هو الأبرز في زيارتي ميركل إلى الرياضوأبوظبي لما تتمتع به الشركات الألمانية من حضور قوي وسمعة طيبة في منطقة الخليج العربي. ويعود تاريخ العلاقات بين المملكة وألمانيا إلى عام 1929 حين وقع البلدان معاهدة صداقة تضمنت موادها الرغبة في إنشاء العلاقات السياسية والاقتصادية ومن ثم جرى تعيين قنصل لألمانيا لدى السعودية في عام 1931 ليشهد بعدها مسار العلاقات بين الجانبين تطورا مستمرا على مختلف المستويات في ظل التبادل المستمر للزيارات الرسمية بين قادة البلدين. وترتبط السعودية وألمانيا بالعديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والعلمية والعسكرية من بينها اتفاقية التعاون عام 1966 واتفاقية التعاون العلمي والفني عام 1985 ومذكرة التفاهم للتعاون الفني والصناعي والاقتصادي في عام 1977 والتي شكلت بموجبها اللجنة السعودية – الألمانية المشتركة ممثلة بوزارة المالية وكان لهذه اللجنة الأثر الواضح في ترسيخ وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين. ووقع البلدان في عام 1997 اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بينهما وفي عام 1998 تم التوقيع على البروتوكول الخاص بتبادل وثائق التصديق على اتفاقية تشجيع الحماية المتبادلة لاستثمارات رؤوس الأموال بين الجانبين فضلا عن اتفاقيات مهمة أخرى مثل تفادي الازدواج الضريبي ومذكرة تفاهم بين المجلس الألماني للتعليم ومجلس التعليم العالي في المملكة واتفاقية تعاون علمي بين وزارة التعليم العالي في المملكة ووزارة التربية والبحث بجمهورية ألمانيا الاتحادية. وينظم الجانبان بشكل متكرر فضلا عن مجموعة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لقاءات وفعاليات اقتصادية. وتعد ألمانيا من أبرز الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة فقد ارتفع حجم التبادلات التجارية بين البلدين الى 12ر6 مليار دولار في عام 2015 مقارنة ب 6ر9 مليار دولار عام 2006 بزيادة قدرها 83 في المئة بحسب بيانات رسمية. كما بلغت صادرات المملكة إلى ألمانيا في عام 2015 أكثر من مليار ريال سعودي (نحو 265 مليون دولار) بزيادة تقدر بنحو 27ر8 في المئة عن العام الذي سبقه. وتشمل الصادرات السعودية مختلف المنتجات النفطية في حين تأتي السيارات الخاصة والأدوية الطبية ومنتجات التبغ والقمح كأبرز الواردات السعودية من ألمانيا. وتعول الرياض على الشركات الألمانية للقيام بدور فاعل في دعم رؤية المملكة 2030 حيث تعمل حاليا أكثر من 400 شركة ألمانية في المملكة باستثمارات بلغت أكثر من 8 مليارات دولار وفقا لهيئة الاستثمار العامة السعودية. وعلى صعيد الإمارات فإنها أقامت العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا في بداية السبعينيات من القرن الماضي ابتداء بتبادل البعثات الدبلوماسية على مستوى السفراء ثم على مستوى القنصليات العامة وتبعها تأسيس علاقات اقتصادية قائمة على التعاون والمنفعة المتبادلة. ويرتبط الجانبان بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من أبرزها مذكرة تفاهم حول تطوير التعاون الاقتصادي والتقني واتفاقية النقل الجوي واتفاقية حركة الملاحة الجوية ومنع الازدواج الضريبي واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار. ولعل نقطة التحول في العلاقات الإماراتية الألمانية تمت في عام 2004 حين وقع البلدان على الشراكة الاستراتيجية بينهما واعلان الرغبة المشتركة في تعميق العلاقات الاقتصادية من خلال التجارة المكثفة القائمة والتعاون في القضايا السياسية المختلفة. وشهد عام 2009 تأسيس المجلس الألماني الإماراتي المشترك للصناعة والتجارة بهدف تشجيع الاستثمارات الاقتصادية في البلدين وتوفير التسهيلات المعلوماتية المهمة للمستثمرين. ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 66ر11 مليار درهم (نحو 9ر2 مليار دولار) خلال عام 2015 إذ تستحوذ الصادرات الألمانية إلى الإمارات على الحصة الأكبر من التجارة. وتعد الإمارات الشريك التجاري الأول من حيث الصادرات مع ألمانيا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا حيث سجلت الصادرات الألمانية إلى الإمارات نموا بنسبة 16 في المئة خلال عام 2015 مقارنة مع عام 2014 بحسب إحصاءات رسمية. وتتركز أغلب الاستثمارات الإماراتية في ألمانيا في قطاع البناء والتشييد والنقل والشحن والخدمات بينما تنتشر مئات الشركات الألمانية في الإمارات حيث تعمل في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة والتقنيات المتخصصة بالمعدات الميكانيكية. وهناك العديد من الجهات الألمانية التي تقوم على رعاية وتشجيع التجارة الخارجية مع الإمارات منها مكاتب التمثيل الخارجي لغرفة التجارة والصناعة الالمانية في أبوظبي ودبي وممثل للوكالة الاتحادية للتجارة الخارجية بالإضافة الى الملحق التجاري للسفارة الألمانية.