تعاني الدولة الإيرانية وضعًا اقتصاديًا متأزمًا رغم مرور أكثر من عام على إلغاء العقوبات الدولية ولكن انشغال إيران بالتدخل في شؤون البلاد العربية المجاورة وزعزعة استقرارها بتمويل الميليشيات الإرهابية في الشرق الأوسط التي يتم تأمينه من عوائد إيران جعلها تنسى الاهتمام بشعبها والنهوض باقتصاد الدولة الفارسية. وكشف محللو الشؤون الإيرانية أن أسباب الوضع المتأزم للاقتصاد الإيراني أن هناك عوامل متعددة بدءًا من اهتراء البنى التحتية والفساد المتفشي وعدم الاستقرار السياسي والمخاطر العديدة المترتبة على الاستثمار وعدم ثبات القوانين إلى جانب أحد العوامل الهامة وهو تمويل الميليشيات الإرهابية في الشرق الأوسط الذي يتم تأمينه من عوائد إيران. وتابع المحللون أن الرواتب الشهرية لأفراد الميليشيات وأسلحتهم ومعداتهم ونفقات نشاطاتهم يتم دفعها سرا من قبل إيران ففي الميزانية المقدمة للعام الإيراني الجديد (1396) (مارس2017-مارس 2018) تم تخصيص أكثر من 85899 مليار تومان (يعاد 24.5 مليار دولار) للشؤون العسكرية والأمنية. أي 23 بالمائة من الميزانية العامة للبلاد ولكن أرقام هذه الميزانية لم تذكر بالاسم للميلشيات ويأتي تمويل هذه المجموعات عادة تحت عنوان «أعمال خيرية» أو «شؤون ثقافية اسلامية» آو عناوين أخرى. وأضاف المحللون أنه يتم دفع قسم كبير من تمويل هذه المجموعات عبر عوائد شركات Setad Ejraiye Farman-e Hazrat-e Emam(EIKO) وتعاونية الحرس Imam Khomeini Relief Foundation(IKRF) و تعاونية التعبئة (البسيج) وقسم من الميزانية الحكومية. فهذه المؤسسات تستحوذ على أكثر من نصف الإنتاج الإجمالي الداخلي الإيراني ولكن حجم العوائد وحالات النفقات سرية ولو أنه لم تنشر معلومات رسمية عن نفقات الميليشيات، إلا أن قائمة هذه المجموعات تدل بشكل واضح عن النفقات الباهظة التي تكلف الاقتصاد الإيراني. ولفت المحللون إلى أن عدد الميليشيات الشيعة التابعة لإيران في العراق يصل إلى العشرات يكاد يكون كلها أعضاء في الحشد الشعبي وهي: منظمة بدر، حركة النجباء، عصائب أهل الحق، كتائب حزب الله، كتائب الإمام علي، سرايا الخراساني، كتائب سيد الشهداء، لواء أبو الفضل، حركة الابدال وعدد من المجموعات الصغيرة الأخرى. أما في اليمن فتمول إيران أنصار الله (الحوثي) والتي تأسست هذه المجموعة في عام1997 بأمر من الحكومة الإيرانية لتكون نسخة من حزب الله اللبناني. وفي لبنان تمول إيران حزب الله وفي البحرين تمول تيار العمل الإسلامي، وائتلاف شباب ثورة 14 فبراير المكون من عدة مجموعات. أما في الخليج تمول إيران حزب الله الخليجي والذي أسسه عميد الحرس الثوري محمد مصطفى نجار (وزير الدفاع ووزير الداخلية في أعوام 2005-2013) وكانت نشاطاتها تخص دول جنوبإيران في الخليج وفي فلسطين تمول حركة الجهاد الإسلامي، وحركة الصابرين المكونة من الشيعة الفلسطينيين حيث تم تأسيسها في أبريل 2014 بشعار مستنسخ من الحرس الثوري الإيراني. أما في مصر فتمول إيران «الحرس الثوري الإسلامي المصري» الذي تم تأسيسه في ديسمبر 2012. وقال أمين عام هذه الحركة محمد الحضري: «اذا كان من المقرر أن نحصل على تمويل وتسليح سنفعل ما فعله حسن نصر الله في لبنان». وفي الكويت تمول حزب الله الكويتي، وفي أفغانستان تمول لواء فاطميون هذه المجموعة أهم مصدر لتأمين المجندين الأفغان المطلوب للحرس الثوري للحرب في سوريا وفي باكستان تمول لواء زينبيون هذه المجموعة إضافة إلى النشاطات التطرفية في باكستان ترسل بعض أفرادها إلى سوريا لمساعدة العمليات الحربية للحرس الثوري الإيراني. وتتعمد إيران عدم نشر تقارير عن حجم النفقات التي تكلفها هذه المجموعات أعلاه وتثقل كاهل الاقتصاد الإيراني. حيث إن التقديرات الغربية تعكس جزءًا قليلًا من التمويل. وعلى سبيل المثال قدّر مركز خدمات الأبحاث في الكونغرس في تموز 2015 حجم تمويل هذه المجموعات إضافة إلى مساعدات إيران إلى النظام الأسدي 16-3.6 مليار دولار. من هذا المبلغ ما يتعلق بالميليشيات 300 مليون دولار فقط. بينما هذه المجموعات تخوض عدة معارك واسعة نيابة عن إيران ولا يمكن أن تكون نفقاتها هذا الحجم. وختاما يستمد عفريت ولاية الفقيه حياته من استمرار التوسعية في الشرق الأوسط. وموته يأتي عندما ينحصر في داخل الحدود الإيرانية. فالشرق الأوسط لن يرى الاستقرار وأن دومينو دول المنطقة لن يتوقف عند أراض بلا حكومة إلا وأن تصنف الدول الغربية لاسيما الولاياتالمتحدة الحرس الثوري في قائمة المجموعات الإرهابية وأن تطرده من دول المنطقة. وهذا الهدف في متناول اليد متى ما تتركز الدول العربية والمسلمة عليه.