لن تحتاج الى تفكير طويلا وبحثا عميقا لتصل إلى القول بان مصر باتت تقف حاليا على فوهة بركان يتوقع انفجاره بين لحظة وضحاها .. يلتهم الأخضر واليابس وتشهد بسببه الجمهورية ما يشبه حرب العصابات او تكون أثيرة في أيدي احتلال غربي يسعى منذ أمد بعيد إلى تقسيم الدولة والسيطرة على ما يحيط بها .
البركان يتمثل في حرب الأسلمة والتنصير التي بلغت ذروتها فى السنوات الأخيرة وانتهت ربما بأحداث منطقة إمبابة التابعة لمحافظة الجيزة وهى منطقة شعبية وعشوائية مكدسة بالإسكان إلى الدرجة التي يشبها فيها البعض بالصين .
وللتذكير بداية نشير إلى أن الأزمة اندلعت باستغاثة من فتاه قبطية هربت من زوجها وأشهرت إسلامها وفق القانون المصري إلا أن الكنيسة وكعادتها احتجزتها بكنيسة مار مينا بإمبابة وحين توجه سلفيون لإنقاذها اندلعت المواجهات وانتهت بمقتل واصبة نحو 250 مواطنا من الأقباط والمسلمين .
وربما كان الأمر – رغم مأساته – مقبولا إذا ما توقف عند هذا الحد إلا أن تداعياته أشعرت كل العقلاء بقلق على مصير الوطن فمن ناحية خرج الأقباط رافعين الصليب وكأنهم فى حرب مقدسة ومن ناحية أخرى حرض الشيوخ والمنتمين إلى الجماعات الإسلامية على حرق الكنائس وما بين هذا وذاك هدد نجيب جبرائيل الناشط الحقوقي ومحامى البابا شنودة راعى الأرثوذكس بتدويل قضايا الأقباط في إشارة إلى الاستقراء بالخارج وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية .
لكن دعوة جبرائيل لاقت استنكارا واسعا من قبل المسلمين وتحولت إلى حالة من الجدل في الشارع وعلى المقاهي وفى شبكات التواصل الاجتماعي بشبكة الانترنت .. واجتمعت الردود على دعوته هذه بمزيد من التهديد مفاده قتل ملايين الأقباط قبل وصول الحماية التي ينادى بها هذا الناشط .
على ارض الواقع سارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة – الحاكم الآن في مصر – إلى إرضاء الأقباط وأمر بإعادة تأهيل الكنيسة المحروقة في إمبابة كما أحال المتهمين إلى القضاء العسكري لمحاكمتهم وهو ما ينذر بأزمة جديدة خاصة وان بعض السلفيين كانوا ضمن المقبوض عليهم وهو تيار كبير في مصر خرج من” القمقم” بانهيار جهاز امن الدولة عقب نجاح ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام مبارك ورجاله .
ميدانيا اتهمت بعثة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقرير أعلنته خلال مؤتمر صحفي الأربعاء “فلول النظام السابق” وبلطجية بإشعال الاشتباكات الطائفية التي شهدتها منطقة إمبابة السبت الماضي وأرجعت سببها إلى الغياب الأمني وانتشار الأسلحة والتفسيرات الدينية المتطرفة فضلا عن ان طبيعة منطقة “إمبابة” سهلت سرعة التجمع بمجرد سريان شائعة تتعلق بالدين .
وأعلن المجلس التزامه بمتابعة الإجراءات القانونية التي اتخذت في الأحداث منذ اللحظة الأولى بالقبض على المتهمين، مرورا بالتحقيقات وانتهاء بالمحاكمات، وأنه قرر تعيين مفوض خاص لمتابعة أحداث التوتر الديني وسرعة التعامل معها.
واعتبر حافظ أبو سعده، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن أحداث إمبابة مقصودة وإذا لم يتم التعامل معها بقوة ستنتقل من منطقة لأخرى..