عاشت الكرة السعودية منذ عهد طويل أحداثًا دراماتيكية حول منافسات الأندية الكبيرة على بعض النجوم، وتحويل مسار البعض من نادٍ لآخر. الكرة السعودية وقبل دخول الاحتراف شهدت حالات جدلية واسعة بخصوص هذا الموضوع، والتي يتداول بعض منها حتى الآن على ألسنة الجماهير، وبعد دخول الاحتراف لم تسلم الكرة السعودية من ذات الأمر، حيث عانت لجنتا الاحتراف المحلية والدولية من عدة قضايا مثيرة للجدل. بدأت هذه القصة في عام 1389 من الهجرة، حيث انتقل أفضل لاعب سعودي في الحقبة الرياضية الأولى لكرة القدم السعودية مهاجم نادي الاتحاد والمنتخب السعودي سعيد غراب من الاتحاد إلى النصر، في صفقة مفاجئة وغير محسوبة، حيث فاجأ غراب جماهير الاتحاد بالرحيل إلى النصر، مبررا ذلك بكونه كان يمثل العميد كهاوٍ، وأنه يبحث عن تأمين مستقبله ماديًا، ومعللًا ذلك أيضًا بالفراغ الإداري الكبير في إدارة العميد آنذاك، إلا أنه قدم شكره لجماهير العميد، مؤكدًا أنه ضحى من أجل الكيان وتفانى في خدمته رغم الظروف الصعبة، مسؤولو العميد شككوا في صحة تلك الصفقة المفاجئة، وطالبوا بإعادة اللاعب، إلا أن غراب أكمل مسيرته مع العالمي والتي لم تدم طويلًا، حيث عاد إلى جدة بعد رحلة غير موفقة، ولكن باتجاه القطب الآخر النادي الأهلي، وبعدها بفترة عاد إلى بيته الاتحاد واعتزل فيه. وفي ثاني قضايا الانتقالات، وتحديدا بعد نهاية كأس القارات 1999م بالرياض، انتقل أخطبوط الحراسة الآسيوية محمد الدعيع من الطائي إلى الهلال بعد منافسة شرسة مع غريمه اللدود النصر، وكان العالمي قد اتفق مع الدعيع على كافة التفاصيل وأعطى الدعيع رئيسه الأمير فيصل بن عبد الرحمن وعدا بحضوره لتوقيع العقد، إلا أن الدعيع اجتمع يومها مع أعضاء شرف الهلال في قصر الأمير الوليد بن طلال، وقدموا عرضًا أكبر للاعب، والذي تكفل بجزء كبير منه الأمير الوليد بن طلال، وهو الأمر الذي حول وجهته للهلال، رمز النصر الأمير عبد الرحمن بن سعود صرح حينها بأن الدعيع حارس مميز، ولكنه كبر في السن وقل عطاؤه، وأن النصر يمتلك عدة حراس مميزين، وأن المبلغ الذي قدم للاعب من الهلال مبالغ فيه ولا يستحقه أي لاعب عربي، رواية الدعيع اختلفت عن رواية النصراويين، حيث أكد أنه اختار الهلال رغم كون عرض النصر أعلى بالنسبة له، وذلك لكون عرض الهلال أفضل بالنسبة لناديه الأم الطائي، وهو الأمر الذي دعاه لقبول عرض الهلال تقديرًا للنادي الذي أبرزه للوسط الرياضي. وفي ذات العام برزت على الساحة الرياضية قضية جديدة بين ذات الناديين، وكانت حول حارس مرمى الهلال الشاب حسن العتيبي، حيث أن اللاعب قد رفض تجديد تعاقده مع الهلال بعد قدوم الدعيع، لضعف فرصته في المشاركة، إضافة إلى ضعف عرض الهلال ورفض إدارته تقديم مقدم عقد للاعب، العتيبي غادر آخر مران له مع الهلال باتجاه منزل أحد أعضاء شرف النصر ووقع عقده مع العالمي بعد مفاوضات سابقة بين الطرفين، ثم اختفى عن الأنظار، في الوقت الذي كان مدرب الهلال ينوي الدفع به في لقاء الرياض بكأس الملك، اللاعب ظهر وأكد توقيعه للنصر رسميا، إلا أن ضغوطات على اللاعب ووالده وتواصل مسؤولي الهلال مع كبار رجالات قبيلته أدى لفسخ عقده مع النصر، وإعادة المبالغ المالية التي استلمها، والعودة مرة أخرى لناديه الهلال. رابع هذه القضايا كانت أكثر إثارة من سابقتها، وذلك في عام 2005، وكان أطرافها أندية الاتحاد والهلال والقادسية واللاعب ياسر القحطاني، حيث اتفق حينها رئيس نادي الاتحاد منصور البلوي مع النجم ياسر القحطاني بالقاهرة على الانتقال لصفوف العميد، ثم اتفق البلوي مع رئيس القادسية جاسم الياقوت على حصة القادسية، بتأكيد من القحطاني على رغبته في اللعب بصفوف الاتحاد، إلا أن دخول أطراف أخرى في الصفقة، أثرت على اللاعب وعائلته وضغطت عليه للانتقال لصفوف الهلال، رغم ضعف عرض الهلال مقارنة بالاتحاد، حيث قدم الهلال قرابة 22 مليونًا، في حين أرسل الاتحاد شيكًا مصدقًا للقادسية بقيمة 25 مليونا، إضافة إلى استثمارات للقادسية بحوالي 15 مليونًا. وفي عام 2008 تجدد الصراع الاتحادي الهلالي مرة أخرى، بطل القضية هذه المرة كان النجم العالمي محمد كالون، والذي مثل الاتحاد قبلها في عام 2005، حيث اتفق الهلالييون مع اللاعب، والذي حضر للعاصمة الرياض وسط استقبال حافل في المطار، وتوجه للفندق الذي سيقيم فيه لحين انتهاء الفحوصات الطبية، كالون غادر الفندق باتجاه مطار الرياض دون علم مسؤولي الأزرق، تاركا وراءه بعض أمتعته الشخصية، حيث غادر المملكة على متن طائرة خاصة صوب العاصمة البحرينية المنامة، الطائرة كانت تقل رئيس نادي الاتحاد منصور البلوي، والذي اتهم بأنه من وقف وراء هروب كالون، وأنه المتسبب في عدم إتمام الهلال للصفقة، وبسبب ذلك أبعد البلوي عن رئاسة نادي الاتحاد، وأوقف من مزاولة أي نشاط رياضي، البلوي صرح وقتها بأنه لا شأن له في هروب اللاعب، وأنه تصادف معه في الطائرة، ولو كان يريد التوقيع معه لفعل ذلك مبكرا، وأضاف أن اللاعب لم يوقع رسميا مع الهلال، إلا أن الطرف الآخر أكد أن البلوي أراد خطف اللاعب لصفوف فريقه، ولأجل ذلك أبعد البلوي ومنع اللاعب من اللعب في المملكة، واستحدث بعدها نظام ميثاق الشرف بين الأندية. وبعدها بعدة أشهر، برزت قضية أخرى لا تقل إثارة، وكان أطرافها هذه المرة قطبا المنطقة الغربية الاتحاد والأهلي، حيث تنافس كلا الناديين على جلب اللاعب الأرجنتيني مانسو، وبعد أن ظفر الاتحاد باللاعب رسميا، رفض الأهلي ذلك وقرر التوقيع معه بحجة مفاوضته أولا للاعب، وذلك حسب ميثاق الشرف الذي أقر مؤخرًا، ولم يصل الطرفان لحل هذه القضية، الأمر الذي دعا رئيس لجنة الاحتراف الدكتور صالح بن ناصر لمنع الناديين من التعاقد، وذلك بتوصية من الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم حينها الأمير سلطان بن فهد، والذي تكفل بدفع كافة التكاليف التي تنتج عن هذه القضية وتعويض الاتحاد، إضافة إلى منع سموه من مشاركة اللاعب مع أي ناد سعودي، إلا أنه عاد بعدها بعدة سنوات للنصر، بعد العفو الذي شمل كافة المبعدين. وفي عام 2009 ظهرت قضية أخرى مثيرة، كان أبطالها هذه المرة قطبي العاصمة الهلال والنصر ونجم نادي الوحدة عيسى المحياني، حيث اتفق النصر مع المهاجم الهداف على كافة التفاصيل، وحدد الطرفان موعدا لتوقيع العقد النهائي، إلا اللاعب غير وجهته بشكل مفاجئ لقطب الرياض الآخر الهلال، اللاعب أكد أن هذا الأمر جاء برغبة شخصية منه وبعد استخارته، في حين يرى النصراويون أن هذا الأمر تم بضغط على اللاعب، رغم كون عرض العالمي أكبر، وبعد هذه القضية ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن قانون ميثاق الشرف لم يعد مجديًا. هدأ الوسط الرياضي بعد هذه القضية لسنوات عدة، حتى جاءت قضية اللاعب عبد العزيز الجبرين صيف 2014 بين ذات الناديين، الجبرين اتفق مع الهلال وأعلن ذلك رئيس نادي الهلال، وحدد نادي الهلال ونادي الرائد واللاعب موعدًا لتوقيع العقود النهائية، مندوب الهلال فهد المفرج كان في الموعد وحضر برفقة الشيك المصدق إلى نادي الرائد، إلا أن اللاعب تغيب عن هذا الاجتماع، وأغلق كافة جوالاته ورفض الظهور في أي وسيلة، واختفى عن الأنظار لفترة ليست بالقصيرة، إلى أن ظهر بعدها في مداخلة تلفزيونية وأكد أنه بخير وصحة، وأنه اختار النصر برغبة شخصية منه ودون ضغوط، لكون عرض النصر مغرسًا جدًّا له ولناديه الرائد، ثم ظهر بعدها برفقة رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي ووقع عقود انضمامه للعالمي، مسؤولو الهلال يشيرون بأصابع الاتهام نحو النصر الذي كان وراء إخفاء اللاعب، إلا أن رئيس النصر نفى ذلك وأكد أن اللاعب هو من رغب في القدوم للعالمي. و في أواخر عام 2014 عاد الوسط الرياضي للضجيج مرة أخرى ولكن في جدة هذه المرة، حيث وقع نادي الاتحاد مع لاعب الأهلي سعيد المولد بعد دخوله الفترة الحرة، الأهلي قدم عرضًا للمولد والذي رأى بأنه غير مجز، حينها قدم الاتحاد للاعب عرضا مناسبا دفعه للتوقيع مع العميد، خرج مسؤولو النادي الأهلي بعدها وأكدوا أنهم قدموا عرضًا مجزيًا للاعب وأن وكيله أخفى عنه هذا العرض، الأمر الذي دفع اللاعب الذي كان يكمل بقية عقده مع الأهلي إلى تصريحه بعدم نيته الانتقال للاتحاد، ورغبته في تجديد تعاقده مع الأهلي، المولد فسخ عقده مع وكيله أحمد المزيني وقدم شكوى عليه لدى لجنة الاحتراف، النادي الأهلي أيضًا قدم شكوى على ذات الوكيل، انتهى عقد سعيد مع الأهلي مطلع العام الجديد، تزامن ذلك مع رفع الاتحاد أوراق عقد لاعبه الجديد للجنة الاحتراف، اللجنة اعتمدت العقد رسميًا، اللاعب طعن في هذا العقد ورفع ذلك رسميًا للجنة الاحتراف، اللجنة رفضت الطعن وأثبتت العقد، استأنف اللاعب لدى لجنة الاستئناف، وكانت النتيجة تأييد الاستئناف للاحتراف، المولد صعد القضية دوليا بالاستعانة بوكيل أعماله الجديد فهر الطيب ومحاميه الكوري، سعيد تغيب عن تدريبات ناديه الجديد، الأمر الذي دفع إدارة الاتحاد لرفع شكوى ضده لدى لجنة الاحتراف وتثبيت الغياب للخصم من مستحقاته، الاتحاد رفض فسخ العقد رغم قانونية الأمر، ورفض التسوية مع اللاعب وناديه الأهلي الذي قدم عروضًا لإغلاق هذا الملف، ورفض عروضًا أخرى مقدمة للاعب من عدة أندية، وتمسك بحضوره لتدريبات الفريق، سعيد تجاهل كل ذلك واختفى عن المشهد، وظل يتدرب في أحد الأندية الخاصة للمحافظة على لياقته، وبعد عدة شهور غادر سعيد باتجاه البرتغال ووقع عقدًا مع أحد الأندية هناك، بعد أن طلب بطاقة مؤقتة من فيفا تخوله من اللعب مع النادي البرتغالي، فيفا أصدر بطاقة مؤقتة للاعب الذي يمتلك قضية منظورة، وأثناء مشاركة سعيد مع ناديه البرتغالي صعدت القضية إلى محكمة (كاس) الدولية، سعيد قضى موسما كاملا في البرتغال، ثم عاد إلى السعودية عن طريق نادي الرائد، بعد أن خيرت لجنة الاحتراف نادي الاتحاد بتجميد عقد اللاعب مع الاتحاد أو طلب تعويض مالي، الاتحاد اختار التعويض المالي، مما دفع لجنة الاحتراف بالسماح للاعب بالمشاركة مع الرائد ببطاقة دائمة، وفي الفترة الشتوية الحالية عاد سعيد إلى بيته الأهلي بعد أن قضى نصف موسم في صفوف رائد التحدي، حيث اشترى الأهلي المتبقي من عقده مع الرائد والمقدر بنصف سنة، محكمة كاس لم تصدر حكمها النهائي في القضية حتى الآن، المولد اعترف في أكثر من تصريح بصحة عقده مع الاتحاد واحترامه لهذا العقد ولمسؤولي الكيان الأصفر، إلا أنه أكد رغبته في فسخ هذا العقد وتعويض الاتحاد ماليًا، على غرار ما يحدث في العالم كله. آخر هذه القضايا المثيرة كانت في هذه الفترة الشتوية، وكان بطلها حارس المرمى الدولي الشاب محمد العويس، والذي وقع عقدًا رسميًا قبل يومين مع النادي الأهلي، حارس مرمى الشباب كان يمتلك عرضين من الهلال والأهلي، إضافة إلى عرض ناديه الشباب بالتجديد، اللاعب اتفق مع ناديه على التجديد بعد نهاية معسكر المنتخب، إلا أنه لم يحضر في الموعد، واختفى عن الأنظار مغلقا كافة وسائل التواصل معه، النادي الأهلي الذي كان قد وقع مذكرة تفاوض مع اللاعب مع مسؤول الاحتراف بالشباب ماجد المرزوقي، وقع مع العويس عقدا وأرسله للجنة الاحتراف، اللجنة رفضت العقد بحجة عدم أهلية المرزوقي الذي لا يمتلك تفويضا كتابيًا رسميًا من إدارة الشباب لإتمام هذه الصفقة، الأهلي عاد بعدها بعدة أيام ووقع عقدًا مع اللاعب بعد دخوله الفترة الحرة، على أن يبدأ العقد بداية الموسم المقبل، خلاف العقد الأول المرفوض والذي كان سيبدأ فيه اللاعب المشاركة مع الأهلي من الفترة الشتوية الحالية، الشباب اتهم الأهلي بإخفاء اللاعب وتحريضه وتقديم سيارة فارهة له قبل عدة أشهر للقدوم إليه، الأهلي أصر على صحة موقفه، وألمح إلى وجود أطراف أو أندية أخرى وراء رفض الشباب للعقد الأول، الشباب أكد على شكواه النادي الأهلي لدى الاتحاد السعودي وهيئة الرياضة، وأنه قد يصل الأمر لطلب دخول جهات حكومية أخرى في القضية، وطالب بإيقاف هذا العقد وإيقاف اللاعب وتغريمه وإيقاف الفريق الأخضر من التسجيل لفترتين مع فرض غرامة عليه، الأهلي لمح أيضًا إلى إمكانية رد الشكوى بشكوى مثلها على بعض مسؤولي الشباب بحجة التزوير، القضية ما زالت في بدايتها ولم تنتهِ حتى الآن، ولا أحد يعلم كيف ومتى ستنتهي وعلى أي شيء ستنتهي عليه، فهل يبيع الشباب المدة المتبقية من عقد العويس للأهلي وتحل القضية وديًا، أم سيكمل اللاعب عقده مع الشباب لحين انتهاء القضية؟!