لا تزال قوى الشر والإرهاب تثبت أنها أصغر بكثير من عزيمة وإرادة رجال الأمن البواسل، وإصرارهم على اجتثاث بذور الإرهاب وكسر شوكته. ومن إنجاز إلى آخر تؤكد أجهزتنا الأمنية بضرباتها الاستباقية لأوكار الفئة الضالة أنها تضعهم تحت المهجر، ولا مناص من اصطيادهم واحدًا تلو الآخر، حتى ولو انتحروا أو فجروا أنفسهم بالأحزمة الناسفة. وما حدث مؤخرًا في حي الحرازات وحي النسيم بجده، أقوى دليل على تلك الحقيقة الدامغة، ففي ساعات معدودة تمكن رجال الأمن من تطهير وكرين، اعتقد من بداخلهما من إرهابيين أنهم سيفلتون من قبضة العيون الساهرة، وإذا هم يفاجأون بالأسود أمامهم، وكعادة الجبناء وأصحاب الخسة والنذالة، لا يملك هؤلاء المجرمون سوى حيلتهم المعروفة سلفًا، وهي تفجير أنفسهم، يأسًا وإحباطًا من سقوطهم، وفشل مخططاتهم التي يتم إجهاضها بتعاون المواطن مع الأجهزة الأمنية. والسؤال المطروح.. ماذا يريد هؤلاء المارقون والمتاجرون بالدين ؟ ومن يقف وراء عمليات التغرير بفئة من شبابنا ضلت الطريق ؟ وماذا يجنون بعد عمليات الانتحار بالأحزمة الناسفة ؟ فإن كانوا يستهدفون المواطن السعودي بتأليبه وتحريضه باستخدام شعارات زائفة، فإن المواطن أكد لهم مرارًا وتكرارًا رفضه التام لفكرهم المنحرف وعملياتهم الإجرامية. وإذا كنوا يظنون أن أفعالهم ستهز المملكة أو تحرج نظامها كما يعتقد أو يتخيل من يقوم بتدريبهم، ويمدهم بالأموال والأسلحة فقد خاب ظنهم واعتقادهم؛ لأن الشعب السعودي بكل فئاته وشرائحه، يؤمن كما يؤمن بالله أن هذه البلاد المقدسة لها رب يحميها من شرور أعدائها، وأنهم مهما حاولوا النيل من استقرار البلاد، لن يفلحوا أبدًا لأن الشعب السعودي يدرك جيدًا ما يحاك له من مؤامرات ومكائد تجعله يزداد تمسكًا بقادته، ويدعو الله أن يوفق ولاة أمره في دحر هذه الفئة، وحماية المجتمع من شرور فكرها السام وأهدافها المكشوفة. ويبدو أن هؤلاء المجرمين، ومن يقف خلفهم، لم يستفيقوا بعد من سباتهم، ويدركوا أنهم يعلنون بهذه الحالات اليائسة، نهاية حلمهم بعيد المنال، فأجهزتنا الأمنية أصبحت من أكثر الأجهزة العالمية خبرة في مكافحة الإرهاب وفلوله، وأكثر دراية بأوكاره الخفية وأعشاشه الإلكترونية. لقد أدرك ملوكنا عبر التاريخ أننا مستهدفون من الحاقدين، ومن الذين يستكثرون علينا العيش في خير النعم، ولذا فقد أولوا مبكرًا جل اهتمامهم بمواجهة قلة منحرفة، كانت تظن أنها ستنجح في إرهاب شعب تحدى المستحيل حتى بنى نفسه، وصارت له مكانة دينية عالمية، وثقل سياسي دولي، وقوة عسكرية، وإذا بهذه القلة تصدم بأنها تحرث في ماء، وأنها لم تحرك ساكنًا، ولم تستطع تمزيق وطن يرفع راية التوحيد، ويلتف حبًا وولاء حول قادته. إن التاريخ الأسود للإرهاب في المملكة، حافل بأحداث تؤكد يقظة ووعي وخبرة أجهزتنا الأمنية في التعامل مع الإرهابيين و"الخوارج الجدد". وإن كانت تلك الأحداث تكشف أن المملكة من أكثر الدول تضررًا من الإرهاب وتنظيماته وجماعاته المختلفة، إلا أنها تؤكد وبما لا يدع مجالًا للشك أننا منتصرون دائمًا في معاركنا مع هؤلاء، وأنهم لن ينالوا مهما ارتكبوا من حماقات من الدور الريادي للمملكة في قيادة الأمة الإسلامية، ومن مكانتها المتميزة في المحافل الإقليمية والدولية سياسيًا واقتصاديًا ودينيًا. إن المشاهد المتكررة للأحزمة الناسفة، وهي تشطر أجساد من يحملوها، وتحولهم أشلاء تتطاير أمام أعين رجال الأمن، تعد دليلًا دامغًا على يأس المغرر بهم، وعلى فشلهم الذريع في إقناع المجتمع بفكرهم الفاسد، وتعلن لكل من يحاول السير في دربهم أن هذا هو مصيره الهالك، وأن أيادي الغدر لا يمكن لها أن تهزم وطن. وأنه مهما ضحى رجال الأمن بدمائهم وأرواحهم، لن يبخلوا أبدًا بمزيد من دمائهم، التي سطروا بها قصصًا بطولية ضربوا بها أروع المثل في الانتماء والولاء والوطنية الخالصة للدين والمليك والوطن.