استنكر وأدان معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس باسمه واسم أئمة الحرمين الشريفين وعلمائهما، ما تقوم به دولة إيران من إساءةٍ للإسلام والمسلمين بتفريق الصف، وإثارة الحروب في بعض البلدان الإسلامية. وبيَّن معاليه أنَّ من أسوأ ممارساتها المسيئة لشعيرة الحج سعيَها إلى استغلاله سياسيًا، وإثارةِ الفوضى والنزاع والشقاق فيه، محذرًا من دعواتها النَّشاز التي ترمي إلى تسييسِ هذه الفريضةِ الدينيّة والزجِّ بها في شعاراتٍ سياسية تخالف المنهج الشرعيّ وتعكِّر الجوَّ الإيمانيّ والأمنيّ، وأنه يجب على كلِّ مسلم أن ينأى بهذه الشعيرة عن كلِّ ما يصرفها عن حقيقتِها ومقاصدِها وأهدافِها الشرعيّة، وعن كل ما يصرِف عن وحدة الأمة وتوحيدِ كلمتِها واجتماعِ صفوفِها؛ لأنَّ الحجَّ فريضةٌ شرعيَّة، وشعيرةٌ مقدَّسة، وقِيَمٌ حضاريَّة، وليس محلًا للتسييس والشعارات، أو المسيرات والمناكفات، ولا يجوز أبدًا أن تُحوَّل هذه الشعيرة إلى ما ينافي مقاصد الشريعة ومنهج الإسلام، ولا تكون فيها دعوة إلاَّ لله وحده، ولا يرفع فيها شعار إلاَّ شعار التوحيد لله. وأوضح معاليه أنَّ مساعي دولة إيران إلى تسييس فريضة الحج تتنافى تمامًا مع أيسر قواعد الحج التي تؤكد وتشدد وتنبه على الابتعاد عن الجدال، وأنَّ توجهات دولة إيران لا يمكن قبولها إطلاقًا؛ لكونها دعوات نشازًا تخالف المقاصد الشرعية للحج؛ فالحج له مقاصد سامية، وغايات نبيلة، وأهداف واضحة، أهمها إخلاص العبادة لله، وتوحيد الله، وتعظيم حرمات الله، وجمع شمل المسلمين وكلمتهم. ولا شك أن استغلال الحج لتحقيق أهدافٍ سياسية أو الزج بالفريضة إلى مناكفات باطلة أو نقلها من ساحة العبادة الخالصة لله إلى إثارة المهاترات السياسية مما يخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وديننا الإسلامي الحنيف، والحج من أركان الإسلام الخمسة وهو من أعظم شعائر الإسلام، وأنَّ من تعظيم هذه الشعيرة أن تُؤدَّى كما أداها النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإحداثُ فيها بما لم يأذن به الله في كتابه ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ينافي تمامًا مقصودها الشرعي من التعظيم والإجلال، وأنَّ مِن التزام أخُوّة الدين ورابطة الإسلام ، إبعادَ الحج عن ما يعكِّر على مظهر الوحدة، ويخالف الغايات السامية من ذكر الله تعالى والتزوُّد من البر والتقوى، ومقتضى هذه الأخوة الدينية: الابتعاد عنكافة أشكال الفوضى والبلبلة تحت أي دعوى، واستنكار أي محاولات للتشويش والمهاترات، إذ إنَّ استغلال جمع الحجاج لمثل هذه الأغراض لا يقره دين الإسلام، بل هو عبث بمشاعر العبادة ومناسك الحج. وأكد معاليه أنّ الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وأئمَّتها وعلماءها يؤيدون السياسة الثابتة للملكة العربية السعودية التي تخدم الحرمين الشريفين، وترعاهما، وهي تنهج عدم السماح لأي جهة بتعكير صفو الحج، والعبث بأمن الحجيج، ومحاولة شق الصف الإسلامي، ويشكرون القيادة الرشيدة لاتخاذها كل التدابير الحازمة الصارمة للحفاظ على أمن البلاد وأمن الناس، المواطن والمقيم، والعاكف والباد، فأمن البلاد وأمن المقدسات وأمن قاصديهما لا يمكن أن يسمح بأي عمل أو تصرف يكدر هذه الأجواء الإيمانية، أو يضر بالمصالح العامة، أو يمس احترام مشاعر المسلمين. وأضاف معاليه أن مِن شكر النعماء والتحدث بالآلاء ما حَظِيَ به الحرمان الشريفان في ظلِّ هذه الدولة المباركة من فائِق العناية، وبالِغ الرِّعاية. وأوضح البراهين الناطِقة، والأدلةالصادقة: تلك التوسِعات المعماريَّة التاريخية العملاقة، والخدمات المثلى الراقية؛ خدمةً للمصلين وعنايةً بالزائرين، واهتمامًا بالحجاج والمعتمرين. فمن قصدهما بسُوءٍ هلكَ، لا مجالَ ولا حظَّ للنَّيلِ منهما، أو المُساوَمة والمُزايَدة عليهما، فالحذرَ الحذرَ من الشعارات المسمومة، والحمَلات الموهومة، والافتِراءات المزعومة، خاصَّةً فيما يتعلَّقُ بالحرمَين الشريفَين وشُؤونِهما وأمنِهما. واختتم معاليه بأن يجزي الله قادةَ هذه البلاد المُبارَكة – بلاد التوحيد والسنَّة – خيرَ الجزاء، ويثيب القيادةَ الرَّشيدة خيرًا على الجُهود المُسدَّدة، في خدمةِ الحرمَين الشريفَين وقاصِديهما، سائلًا الله سبحانه وتعالى أن يكلِّل الجهود بالتوفيق والسداد، بما يعكس الصورة المشرقة لديننا الحنيف، ودولتنا المباركة، والصُّعود إلى أعلى المراقي، وأن يحفظ لنا عقيدتنا وقيادتنا، وبلادنا ورخاءنا، وأمنَنا وأماننا واستقرارنا وأن يحفظ أمن بلاد المسلمين ويكفيها شر أعدائها، وأن ييسر للحجاج والمعتمرين أداء مناسكهم وشعائرهم بكل يسر وطمأنينة؛ إِنَّهُ خَيْرُ مَسْؤُولٍ وَأَكْرَمُ مَأْمُولٍ، وصلَّى الله على نبيّنا محمَّد وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.