تشهد قاعات الأفراح والصالات، في مثل هذه الأيام، حركة نشطة وارتفاعًا في الأسعار؛ نتيجة الإقبال الكبير على حفلات التخرج، فمع إعلان نتائج الاختبارات في المملكة أخذ عدد من الأسر يتباهى ويتفاخر بنجاح أبنائه الصغار، الذين لا يتعدون المرحلة الابتدائية، بإقامة حفلات تخرج في صالات واستراحات بمبالغ باهظة الثمن. وأثارت ظاهرة المبالغة في الحفلات جدلاً كبيرًا على الشبكات الاجتماعية، وشهد وسم #الإسراف_بحفلات_النجاح_والتخرج تفاعلاً كبيرًا على موقع "تويتر". وتحدث الدكتور أحمد الشيمي، مدرب في تطوير الذات ومستشار تربوي،بحسب "هافينغتون بوست" بأن الأسر حائرة بين سندان المصاريف العالية، وفرحة التخرج بمناسبة النجاح، هناك أسباب كثيرة أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة؛ منها الرغبة في الظهور، والمباهاة بين أفراد المجتمع. ويضيف أنه حتى الأسر الفقيرة أو ميسورة الحال أصبحت تستدين لحضور حفل التخرج، سواء في المدرسة أو إقامة حفلة في المنزل، وتشارك بعض المدارس – خاصة الأهلية والعالمية – بهذا البذخ لأنها تسعى للتربح. وتصل قيمة الحفلة ما بين 1000 و2000 ريال للطالب الواحد، وهذا رقم كبير بالنسبة لمجموعة كبيرة من الطلاب. ويرى الشيمي أن المسؤولية الأولى تقع على وزارة التعليم، فعليها فرض قوانين صارمة، وعقوبات على المدارس التي تخالف النظام، وتبالغ في مصاريف الحفل. وتابع: "للأسف هناك قصص كثيرة منها قيام فتيات في الثانوي بإقامة حفلة تخرج في فندق ضخم، مع وجود مطربة تتصرف بطرق غير لائقة؛ وهنا قد تتأثر المراهقات بشكل سلبي، كما أنفقت طالبة على حفل تخرجها أكثر من 200 ألف ريال في أحد الفنادق، ويشير عدد من أصحاب الصالات والاستراحات إلى أن حفلات التخرج خلال السنوات الماضية رفعت إيراداتهم إلى أكثر من 30%، خصوصًا أن هناك إجازة صيفية طويلة قادمة". تقول السيدة أم نور، وهي أم ل 3 أطفال، اثنان منهم في المدارس الابتدائية، إنها تعاني من حفلات التخرج، خاصة أن أبناءها في مدارس أهلية، وطُلب من كل طفل رسم مالي قدره 500 ريال لحضور حفل التخرج، "ما اضطرني لصرف النظر عن إرسالهم للمدرسة، وحرمانهم من فرحة التخرج، وذهبت وحدي لاستلام شهاداتهم، وأقمت لهم حفلاً بسيطًا في المنزل". ولا يقتصر الأمر فقط على حفلات التخرج، إنما تتعداها إلى نوعية الهدايا التي يقوم الآباء بإهدائها لأبنائهم، حيث فاجأ مواطن ابنته الطالبة في المرحلة الابتدائية بمحافظة جدة بإهدائها سيارة "مشرعة" وأساور من ذهب بمناسبة تخرجها. وقام المواطن ويدعى ياسين الأهدل، وفقًا لصحيفة "المدينة"، بإهداء ابنته "جنة" ذهبًا وسيارة "مشرعة"؛ تعبيرًا عن سعادته بتخرجها في الصف السادس، مفاجئًا إياها بإيقاف السيارة أمام أبواب مدرستها. كما أهدى أحد الآباء ابنه هدية عبارة عن سيارة جيب لاند كروزر "هدد" طراز 2016؛ لتفوقه في الدراسة في السنة التحضيرية بجامعة الطائف، وحصوله على معدل مرتفع، مكافأة له على جهده طيلة العام الدراسي. وشهدت الظاهرة تفاعلاً كبيرًا على الشبكات الاجتماعية، وطالب المغردون بوقفها وتدخل وزارة التعليم . يُذكر أن وزارة التعليم وجّهت إلى إداراتها، قبل 3 سنوات، بمنع حفلات التخرج في قصور الأفراح، والفنادق الفخمة، كما طالبت بمنع المدارس الأهلية، والأجنبية، من إقامة حفلات التخرج في فنادق 5 نجوم؛ لورود شكاوى متكررة، من كثرة الأعباء المالية التي تطلبها تلك المدارس لمثل هذه الحفلات.