يأتي مشروع التحول الوطني للمملكة العربية السعودية، والذي يقود دفته ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، في ظل تحديات عالمية مختلفة، ليؤكد للجميع أن المملكة تملك مقومات التحول نحو التنمية الاقتصادية والمجتمعية القادرة على منافسة الدول المتقدمة. ولأن التحول الوطني يهم كل شرائح المجتمع المتنوعة والمختلفة تحت مظلة وطن واحد وقيادة حكيمة، أتت مشاركتي في منتدى الإدارة والأعمال السابع والذي أقيم بمدينة الخبر بورقة عمل حملت عنوان: "متطلبات التحول الوطني في المملكة العربية السعودية" من خلال ثلاثة محاور رئيسة هي: أولاً: أبرز ملامح التحول الوطني والتي منها، تحقيق طموحات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية والتعليمية والسياسية، تحقيق رفاه المواطن من خلال تحقيق متطلبات الحياة الكريمة للمواطن والمقيم بالمملكة، بناء وطنٍ قويٍ عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً، وأن يكون الاقتصاد السعودي جزءاً فعالاً ومؤثراً دائماً في نظام اقتصادي عالمي، والتحول من مجتمع الرعاية إلى مجتمع العدالة المجتمعية، ومكافحة الفساد ونشر ثقافة النزاهة في المنظومة الحكومية، ومنح الفرصة الكاملة للتنوع والمساهمة والاستقلالية في وطن شاسع يعم السعودية، وإيجاد بدائل تدعم اقتصاد الدولة، مع توفير معلومات وإحصاءات دقيقة لدعم التحول الوطني، مع التأكيد على قياس أجهزة الدولة من خلال مؤشرات قياس متنوعة ودقيقة، على أن يكون عام 2020 موعداً لقياس أداء تنفيذ الخطط والبرامج المطروحة من المسؤولين في الأجهزة الحكومية. ثانياً: نماذج عالمية في التحولات الاقتصادية والتنموية والمجتمعية، ومن تلك النماذج التي حققت نجاحات في تحولها وفق مؤشرات التنمية العالمية وما حققته من نجاحات واقعية، ومن خلال معدل ارتفاع الدخل الوطني والقومي وارتفاع دخل الفرد، وعليه تم اختيار كلٌ من ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتركيا والبرازيل، وكل تجربة تحتاج منّا وقفات تأمل واستفادة بكل تفاصيلها، وقد قمت بقراءة كل تلك التجارب بمؤشراتها وتفاصيلها فوجدت أن أهم عوامل النجاح والتفوق لتلك الدول هي: وجود رؤية تمثل الدولة (حكومة وشعباً) تمثل ما تريد الدولة الوصول إليه مستقبلاً. التناغم العجيب بين طموحات قادتها وشعوبها. الأجهزة والمؤسسات الحكومية في حراك دائم تتماشى من خلاله مع الرؤى المنشودة والأهداف الموضوعة. رفع مستوى الدخل الوطني. التفوق في الإنجازات. يلاحظ أن تلك الدول حققت تحسناً في الأداء في المؤشرات الاجتماعية كالصحة والتعليم. أيضاً حققت تفوقاً في عناصر دليل التنمية البشرية غير المرتبطة بالدخل. امتلاكها لاستراتيجية إنمائية تكون موضوع إجماع والتزام. توفر القدرات القوية والعمل بالسياسات المناسبة ومشاركة الأفراد. العمل التدريجي الذي يعمل على إزالة القيود التي تكبح التقدم. فرض ضوابط على السوق، وتشجيع الصادرات والتنمية الصناعية، والاستفادة من التكنولوجيا والتقدم. إطلاق عملية التحول في حياة المواطنين ورصدها، فتكون الدولة صديقة للتنمية. رعاية الإنسان من خلال توسيع نطاق عدد من الخدمات الاجتماعية والأساسية. تعزيز الرابط بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية. جذب الاستثمارات الاقتصادية التي تحقق النمو الاقتصادي والبشري للدولة. ثالثاً: وهو لب ورقة العمل والتي استفادت من ملامح التحول الوطني، ومن تجارب الدول، ومن تحليل الواقع الحالي للمملكة، وقد خلصت الورقة إلى عدد من المتطلبات هي: وجود رؤية واضحة ومصحوبة ببرامج وآليات عمل تقود التحول نحو المستقبل المنشود. ضرورة وجود مؤسسات وأجهزة قادرة على ترجمة تلك الرؤية إلى واقع ملموس ونجاحات متحققة عملياً. وجود الإنسان المؤهل القادر على التعامل مع متطلبات التحول الوطني. ضرورة وأهمية توافر الشفافية والنزاهة والعدالة المجتمعية. وجود قطاع خاص قوي يمارس دوره التنموي الاجتماعي. التكامل بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في تحقيق التنمية. الاهتمام بالشباب، لأنهم أهم مورد على وجه الأرض. الاستفادة من تجارب دول العالم التي حققت نجاحات في التحول نحو العالم الأول. توفير المعلومات والإحصاءات الدقيقة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية وغيرها. وجود هياكل إدارية وتنظيمية قادرة على إيجاد البيئة المناسبة والأرضية المطلوبة للتحول الوطني. الاهتمام بإعداد وتدريب وتطوير الإنسان لأنه محور التنمية. الابتكار والحزم في السياسات الاجتماعية. تغيير ثقافة المجتمع وفق متطلبات التحول الوطني عن طريق المؤسسات المختلفة التربوية والتعليمية والإعلامية. العمل التدريجي وفق خطوات علمية ومراحل عملية نحو تحقيق التحول الوطني. توفير تعليم عالي الجودة. توفية صحة عالية الجودة. ويأتي التعليم والصحة كأهم قطاعين ومرتكزين يقوم عليهما مشروع التحول الوطني، فنجاهما هو نجاح لمشروع التحول الوطني وتحقيق رؤيته وأهدافه الاستراتيجية.