أكد مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن 4.52 مليون شخص يعيشون بمواقع يصعب الوصول إليها في سوريا، بما في ذلك 393 ألفا و700 شخص في 15 بقعة محاصرة، بينما أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن 18 منطقة سورية يتعذر الوصول إليها. ويقدر مدير برنامج منظمة "أطباء بلاحدود" بيير بوليه ديباريو، في سوريا عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت درجاتٍ مختلفة من الحصار بالبلاد بما يتراوح بين 1.8 و2 مليون شخص. وتدخل الحملة على ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي شهرها الثاني، وبعد سيطرة قوات النظام على قريتي جرجيسة ودير الفرديس حاولت تلك القوات التقدم إلى بلدة حربنفسه في ريف حماة الجنوبي، بتغطية من الطيران الروسي، الأمر الذي كان سبباً في نزوح ثمانية آلاف مدني من قرى حربنفسه ودير الفرديس باتجاه منطقة الحولة المحاصرة في ريف حمص الشمالي، مما شكل عبئاً كبيراً على المنطقة. ويقول الناشطون المتواجدون في الحولة بحسب مواقع إعلام سورية إن النظام يتبع سياسة الحصار والتجويع كوسيلة لإخضاع المدنيين على غرار ما يحدث في مضايا، حيث بدأ النظام بتطبيق هذه السياسة على مناطق ريف حمص الشمالي عامة من خلال إغلاق معابر تيرمعلة وتل عمري، ومن ثم جنان في ريف حماة الجنوبي، ليطلق أخيراً معركة في ريف حماة الجنوبي الغربي وتحديداً في قرية حربنفسه المجاورة لمنطقة الحولة. وبما أن حربنفسه تعد عمقاً استراتيجياً لمنطقة الحولة، فقد كان التصدي لمحاولات التقدم أمراً محتوماً على فصائل المنطقة، لتدور معارك مستمرة منذ ما يزيد على الشهر دون أن تتمكن قوات النظام من تحقيق أي تقدم يذكر على الأرض، مما دفع قوات النظام إلى فتح جبهة جديدة إلى الشرق من منطقة الحولة، وهي جبهة كيسين، سعياً منه إلى تحقيق هدفين معاً، أولها عزل منطقة الحولة بشكل كامل عن ريف حمص الشمالي من خلال قطعه للطريق الوحيد الذي يربطها مع مناطق الرستن وتلبيسة مروراً بكيسين، والهدف الثاني هو إشغال المقاتلين عن المعارك الدائرة في قرية حربنفسه وتوسيع الجبهات وإدخال المنطقة في حالة استنزاف. ويتبع النظام سياسة الأرض المحروقة تحت تغطية نارية كثيفة من الطيران الروسي والسوري, إلا أنه عجز عن تحقيق أي تقدم يذكر على الأرض، واكتفى بتدمير الشجر والبشر والحجر، ومن خلال هذه المعارك ورغم عجزه عن تحقيق أي تقدم على الأرض فقد حول الطرق المؤدية إلى منطقة الحولة إلى مناطق اشتباكات ومعارك مستمرة مما فصل منطقة الحولة عن باقي المناطق. ووصل ثمانية آلاف نازح من قرى حربنفسه وديرالفرديس في ريف حماة الجنوبي إلى منطقة الحولة المحاصرة ساهم في زيادة العبء على أهالي المنطقة المحاصرة، وارتفاع الأسعار وشح في المواد، وذلك تزامناً مع انقطاع الطرق المؤدية إلى المنطقة، مما سبب أزمة إنسانية تتهدد 78 ألف نسمة محاصرين في منطقة الحولة، فقد قطعت كافة المواد الأساسية من الأسواق كالأرز والبرغل والسكر وغيرها من المواد، و كان آخرها الطحين، لتعيش منطقة الحولة منذ يوم الأحد الساس من فبراير بلا خبز، كما ارتفعت أسعار المحروقات بشكل كبير، حيث وصل سعر ليتر البنزين إلى 750 ليرة وتحاوز سعر ليتر المازوت 650 ليرة والكميات محدودة قد تنفذ خلال أيام. ونتيجة لانقطاع الكهرباء لما يزيد على الشهر وارتفاع أسعار المحروقات لحدود خيالية، خرجت آبار مياه الشرب عن العمل لعدم وجود كلفة تشغيلية لهذه الآبار، مما سبب أزمةً في مياه الشرب، حيث أصبح الاعتماد الوحيد على الصهاريج، ووصل سعر ليتر المياه المكعب إلى 900 ليرة، وأخذ بالارتفاع. "رغيف الخبز" كان الغائب الأبرز عن الأسواق بعيد الحملة بأيام فقط مما سبب احتقاناً شعبيا وتساؤلا من المواطنين حول خطط الطوارئ التي كان من المفترض إعدادها من قبل المجالس المحليّة هنا، خصوصا أن ريف حمص كان قد أنتج ما يقارب من 12 ألف طن من مادة القمح العام الماضي وتم شراء 1200 طن منها فقط لدعم مادة الخبز رغم وصول منحة خارجية خصصت لأجل هذا الموضوع. وفيما يخص الوضع الطبي، ذكر ناشطون أن معظم الأدوية فقدت من الصيدليات حتى المسكنات منها، ويشكل فقدان الأدوية وخاصة أدوية الأمراض المزمنة كارثة قد تصيب أكثر من 2000 مريض من أصحاب هذه الأمراض، كما تعاني المنطقة من فقد حليب الأطفال بشكل شبه كامل مما يهدد حياة أكثر من 2400 طفل رضيع في منطقة الحولة، كما تعاني المستشفيات الميدانية من نقص في كل شيء بداية بالمواد الطبية وخاصة الإسعافية منها وانتهاءً بالكوادر الطبية المتواضعة. وتهدد هذه الأزمة إنسانية 78 ألف نسمة من المدنيين المحاصرين في منطقة الحولة، مع فقد لمعظم المواد الاساسية وارتفاع كبير في الأسعار، مما يبشر بكارثة إنسانية على المدى المنظور، وسط صمت فاضح للمنظمات والهيئات الإغاثية وصمت دولي يملأه العار.