طالبت «هيومان رايتس ووتش» السلطات الحوثية في اليمن بتقديم معلومات فورا عن متظاهرَيْن اختفيا قسرا منذ الاعتقالات الجماعية في مدينة إب في 12 أكتوبر 2015، مؤكدة أنه على السلطات أن تفرج فورا عنهما ، ما لم توفر سندا قانونيا لاحتجازهما. وقالت المنظمة: «على الحوثيين تعويض المتظاهرين الذين تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة في أثناء الاحتجاز، وإنزال العقاب المناسب على المسؤولين عنه». ومن جهته، قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: «على الحوثيين أن يعوا أن ممارسة السلطة تعني احترام الحقوق الإنسانية للخاضعين لسيطرتهم. عليهم الإفراج عن المتظاهرَيْن المختفيين وتعويض غيرهما ممن عُذّبوا». وأضاف: «مساء 12 أكتوبر، عقد 34 صحافيا وناشطا اجتماعا في الطابق السادس من فندق (جاردن) في إب للتخطيط لمظاهرة ضد الحوثيين، تندد بمنعهم المساعدات عن الأحياء الخاضعة لسيطرة غيرهم في محافظة تعز الحدودية». وكان المنظمون يعتزمون تنظيم مسيرة سلمية من إب إلى تعز صباح اليوم التالي تحت شعار «قطرة ماء تنقذ أرواحا أكثر من فوهة بندقية أو رصاصة». وقابلت «هيومان رايتس ووتش» 6 رجال شاركوا في الاجتماع، قالوا إنه نحو الساعة 5 مساء، اقتحم 6 مسلحين يرتدون ملابس مدنية الاجتماع، واحتجزوا 29 شخصا، في حين تمكن 5 آخرون من الفرار. وقال أحد الفارين إنه رأى 50 مسلحا على الأقل في الفندق وحوله، وكذلك 4 مركبات عسكرية، وشاحنتي شرطة، وسيارتين مدنيتين، متوقفة في الخارج. وصادر المسلحون الهواتف، والمحافظ، والنظارات، وغيرها من الأغراض الشخصية الخاصة بالموقوفين. وقال أحمد خرسان، أحد منظمي الاجتماع: «عصبوا أعيننا بأوشحتنا وكبلوا أيدينا»، ثم أخذ المسلحون الموقوفين إلى مقر «جهاز الأمن السياسي» – أحد أجهزة الاستخبارات الرئيسة في اليمن – في إب. وقال أحد المحتجزين ل«هيومان رايتس ووتش»: «حبسونا جميعا في زنزانة 4 أمتار في 5 أمتار. لم يسمحوا لنا إلا بفسحات قصيرة للذهاب للحمام 3 مرات يوميا. أُغمي علي مرتين في أول يومين بسبب متاعب صحية. أخذوني إلى غرفة أخرى، استجوبني فيها رجلان لمدة ساعة أو ساعة ونصف. سألاني عن عملي الذي أعيش منه وما إذا كنا نحصل على تمويل من التجمع اليمني للإصلاح ,أو الإمارات، أو السعودية . أبقياني معصوب العينين واستمرا في ضربي على ظهري، أحيانا بعصا وأحيانا بأيديهما فقط. في المرة الثانية، قالا لي إنه إذا لم أعترف سيصعقانني أو يعلقانني». في حين قال عادل طه، وهو معتقل آخر، إنه شاطر زنزانته مع متظاهر آخر بدت على ظهره إصابات بعد عودته من الاستجواب في 13 أكتوبر، مؤكدا أن المحققين «ضربوه». وأضاف طه أنه خلال استجوابه في اليوم الرابع بعد التوقيف، اتهمه 3 ضباط بتوصيل أسلحة إلى «المقاومة»، وزعم أن أحد المحققين ضربه بأدوات مختلفة، منها هراوة، وصعقه بالكهرباء لمدة تصل إلى نصف دقيقة أكثر من 50 مرة، ولكمه وركله في الوجه والبطن والصدر، مقدّرا أن التحقيق معه استمر ساعة على الأقل. وأضاف: «لم أستطع النوم مستلقيا طيلة 3 أيام بعد ذلك… هناك الكثير من التفاصيل عن التعذيب لست مستعدا للحديث عنها. أتعالج الآن وأعاني مضاعفات كثيرة. وأذهب إلى الطبيب بانتظام في محاولة لعلاج ما حصل»، مطلعا «هيومان رايتس ووتش» على صور تظهر كدمات شديدة في ظهره وفخذه. وأردف طه أنه عندما أعاده الحراس إلى زنزانته، ربطوا رجله برجل معاق عقليا، كان يركله كلما أوشك النوم. وقال الحراس له إن هذا الرجل خنق سجينا آخر وهو نائم حتى مات. ومن ناحيته، قال أحمد خرسان، منظم الاجتماع، إنه بينما كان معصوب العينين، هدده المحققون بالصعق أو رميه في بركة من الماء المتجمد أو المغلي. وإنهم استجوبوه حول التخطيط للمظاهرة، وعمن كان يدعم المتظاهرين، ورأيه في الحوثيين وفي «التجمع اليمني للإصلاح». بينما قال معتقل آخر إنهم طلبوا منه التوقيع على تعهد ب للإفراج عنه. ولم يكن بوسع المحتجزين الوصول إلى أفراد الأسرة أو محام. في غضون أسبوع، أفرجت السلطات عن 23 من المعتقلين، وأطلقت سراح 4 آخرين خلال الأسابيع التالية. لكنها لم تفرج عن الشفق، وهو مدير في وزارة التربية والتعليم وأحد قادة «التجمع اليمني للإصلاح»، والمبارزي وهو مهندس في شركة «يمن موبايل». وقال حراس لأسرتيهما إنهما نقلا من مقر جهاز الأمن السياسي في 30 أكتوبر، لكن لم يكشفوا عن مكان احتجازهما الآن. وليس لدى الأسرتين أي أخبار عن مكانهما. يذكر أن «هيومان رايتس ووتش» تحدثت في تقارير سابقة عن الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة، والاختفاء القسري على يد الحوثيين في العاصمة صنعاء، وغيرها من المناطق التي يسيطرون عليها منذ أواخر 2014. وشملت هذه الممارسات الكثير من الشخصيات السياسية المعارضة والنشطاء والصحافيين، وكثير منهم اعتُقل بسبب صلاته المزعومة ب«التجمع اليمني للإصلاح». وفي حين قد يتخذ الحوثيون تدابير مناسبة لمعالجة المخاوف الأمنية في أثناء النزاع المسلح في اليمن، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي الحقوق الأساسية، بما فيها الحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي، أو سوء المعاملة، أو الاختفاء. وكحد أدنى، يتعين اطلاع المعتقلين على أسباب محددة لإلقاء القبض عليهم، وأن يُمكّنوا من الطعن في اعتقالهم أمام قاض مستقل ونزيه، وأن يُمكّنوا أيضا من الوصول إلى محام وأفراد الأسرة، وأن تُراجع قضيتهم دوريا. وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يحدث الاختفاء القسري عندما تحتجز السلطات شخصا ما، وتنكر احتجازه، أو ترفض الكشف عن مصيره، أو مكانه. والمختفون هم أكثر الناس عُرضة للقتل دون محاكمة، أو للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، لا سيما عندما يُحتجزون خارج مرافق الاحتجاز الرسمية، مثل مراكز الاحتجاز والسجون الشرطية. وقالت «هيومان رايتس ووتش»، إن على مجلس حقوق الإنسان الأممي إجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات المزعومة لقوانين الحرب . وأضاف ستروك: «على الحوثيين إظهار قدرتهم على إدارة المدن والبلدات الواقعة تحت سلطتهم، وفقا للمعايير الأساسية لحقوق الإنسان. حتى الآن لم يفعلوا».