غياب المسؤولية ناتج من غياب الضمير وعدم تحمل عبء المسؤولية وعدم وجود المسؤول الصحيح في المكان الصحيح، غابت المسؤولية في حادثة حريق مستشفى جازان فكانت الأضرار كوارثية، لم تكن مادية فقط بل قتل أرواح، فالوفيات والخسائر نتيجة الإهمال وغياب المسؤولية الموكلة على من هو موكل بها لأنه إذا غاب الضمير غابت المسؤولية. الحريق كان بسبب الإهمال والفساد والتقاعس وسوء الإدارة ودائما عند الكوارث يهرب المتقاعس عن الحقيقة حتى تتلاشى شيئا فشيئا، بل المؤسف أن انعدام المسؤولية يتحول للتبرئة بدل الإدانة بحجة القضاء والقدر، نعم كلنا مؤمنون بقضاء الله وقدره، وكلنا موقنون أن كل شيء في الكون يخضع لقضاء الله وقدره ولا راد لقضاء الله، فحريق مستشفى جازان قضاء وقدر، وزيارة المسؤولين بعد الحادثة قدر وتصويرهم من قبل وسائل الإعلام هي قدر، ولكن أليس من الإيمان بقضاء الله وقدره أن يستشعر المسؤول أمانته ويتخذ سبل السلامة وأن تطبق معايير السلامة في كل المرافق وقبل حلول الكوارث. نتذكر حادثة مدرسة مكة ومدرسة جدة وحريق القديح، وكلها نفس السيناريو نفس الإهمال ونفس الاهتمام، طبعا الاهتمام بعد الكارثة، وليس قبلها، إهمال في تحمل المسؤولية، وإهمال في تفقد المرافق، إهمال في اختيار الإدارة، إهمال في التعامل مع الحريق، وكل ما سلف من قدر الله سبحانه، ولنا العبرة في قول الفاروق رضي الله «نفر من قدر الله إلى قدر الله». عندما رفض دخول الشام حين انتشر فيها الطاعون فالمسؤولون الذين زاروا المستشفى بعد الحريق، هل زاروه قبل الكارثة، هل تفقدوا مخارج الطوارئ المغلقة، وهل عرفوا عن مناقصة الأسقف المستعارة القابلة للحريق، هل مدير المستشفى يتفقد ويراقب حضور موظفيه أم يكتفي بغلق أبواب الطوارئ بالسلاسل الحديدية، وهل تفقد صافرات الإنذار وكواشف الحريق أم لا، توجد صافرات ولا كواشف، هل وزير الصحة لديه قسم سلامة في الوزارة يتفقد المستشفيات ومعايير السلامة بها، هل تعلم وزارة الصحة عن البرتوكولات التي تهتم بإخلاء المستشفيات عند الحرائق والكوارث الطبيعية، أليست من مهام الدفاع المدني في المنطقة القيام بجولات على المباني الحكومية، والقيام بتنفيذ خطط طوارئ لتدريب العاملين بالمرافق على مواجهة الكوارث ومعرفة الخلل والاستفادة من التجارب الوهمية للتعامل مع الأحداث لا قدر الله، هل هناك لجان كوارث في المناطق والمحافظات تدرس النواقص وتتخذ التدابير الوقائية، أم تشكل هذه اللجان بعد الكوارث لتقدير الإضرار والتعويضات، هل آن الأوان لتشكيل وزارة للكوارث، تكون لديها القدرة على التوقع والتدريب وسرعة التعامل مع الكوارث ووفق المعايير الدولية، وبعيدا عن اجتهادات الدفاع المدني الخجولة؟ أسئلة كثيرة ليس لها إجابة لدى المسؤولين إلا أن ما حدث هو قضاء وقدر، والإجابة أيضا أن محاسبة المقصر هي قضاء وقدر فليؤمنوا بقضاء الله وقدره. همسة من كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله «إننا جميعًا في خدمة المواطن الذي هو محور اهتمامنا، وقد وجهنا بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين». مشعل بن سلطان المحيا ماجستير في أصول التربية. [email protected]