الله أكبر.. سمع الله لمن حمده، وينطلق التفجير. لم يتردد هذا الحاقد رغم هيبة بيوت الله، في قتل عباد الله، وهم يرددون اسم الله، ركعًا سجدًا بين يدي ربهم في يوم من أعظم أيام الله. جرم فظيع وإرهاب تجاوز الوصف، كانت لغته الدمار، وحروفه النار، ودافعه الحقد والكراهية وزلزلة الوطن وإثارة الفتنة. وقبيل جريمة جمعة القديح هذه وبأسبوعين فقط أطلقت نار الحقد أيضا رصاصة الموت على عسكري أمن المنشآت في آخر ساعة من يوم الجمعة 8 مايو. الحادثتان تزامنتا مع ساعة الاستجابة من يوم الجمعة العظيم. جاءت الروايات على أن ما بين جلوس الإمام على المنبر حتى تقضى الصلاة وآخر ساعة من هذا اليوم العظيم هما أرجى الأوقات لتحري الاستجابة. ما الذي نستخلصه هنا؟ نستخلص أن هؤلاء القتلة المجرمين لا يحترمون شعائر الله ولا يقيمون وزنا لأيام الله الفاضلة ولا يعرفون قدرًا ولا مكانة للمكان ولا للزمان ولا للإنسان. في الآية "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب". وعليه، فمن لا يعظم شعائر الله فليس في قلبه تقوى لله تعالى وذلك بدلالة المفهوم على منطوق الآية الكريمة. ومن الدلالات المهمة في الحادثتين أن هؤلاء الضالين لا يفرقون بين سني وشيعي، فهم يستهدفون الكل بغض النظر عن المذهب. فهذا هو الشهيد ماجد الغامدي رجل أمن المنشآت تم قتله والتمثيل بجثته بإشعال النار فيها، وقبله بشهر تمامًا 8 أبريل قتل الشهيدان عمران المطيري وعبد المحسن المطيري أثناء قيامهما بعملهما في أمن الدوريات. ما حدث هنا وهناك هو تحد للكل، السني والشيعي، المدني والعسكري، الصغير والكبير. تطرف بغيض لا يعرف سوى الدم وإظهار الرعب وإفشائه بين أفراد المجتمع الذي لم يزده ذلك إلا تماسكًا وصلابة ووعيًا بما يحدث من مخططات هدفها واضح جدًا. لقد شيع جثامين شهداء القديح أكثر من نصف مليون مسلم في مشهد مهيب قطّع قلوب الحاقدين وأخرس ألسنة الحاسدين لهذا الشعب الكريم الذي يضربه الإرهاب فيزداد تماسكه أكثر وأكثر. الأخطر من هؤلاء الإرهابيين القتلة باسم الله الذين يعيثون في الأرض فسادًا هم أولئك الذين يعيشون بيننا من إعلاميين ودعاة وخطباء على منابر من نار الفتنة. يمارسون أدوار البغضاء والشحناء من قنوات التضليل والإقصاء، ومن حسابات التواصل الاجتماعي التي تغرد صباح مساء بالعنصرية والطائفية لملايين المتابعين بلا حياء ولا خوفًا من رقيب. ولا خشية من نظام يجرمهم ويوقفهم عند حدهم حتى يرغمهم على نبذ التحريض والتكفير بل ويضطرهم لحذف تغريداتهم السابقة التي لا تزال تتناقل بين الناس إلى اليوم، وتغيير مسار قنواتهم الفضائية الفوضوية إلى الاعتدال والوسطية. وإلى أن يصدر نظام يُجرّم تكفير وتفسيق السني والشيعي والإسماعيلي والصوفي وجميع طوائف الوطن الواحد، فإننا سنظل لقمة سائغة تلتهمنا نيران العدو المتربص بنا دون تفرقة بيننا سوى أننا مواطنون سعوديون ليس إلا. حفظ الله الوطن.. كفانا الله الفتن.