أعلنت شركة اتحاد اتصالات "موبايلي" أنها تتجه لبيع أبراج الاتصالات الخاصة بها، مشددة على أنها لا تزال في مرحلة دراسة فكرة إمكانية البيع دون التوصل لأي اتفاق بهذا الشأن ، وذلك بناء علي تقرير صدر من صحيفة "وول ستريت جورنال" يقول إن الشركة تعتزم بيع محفظة أبراج الاتصالات التابعة لها بقيمة إجمالية قد تصل إلى ملياري دولار ، وأضافت الصحيفة أن موبايلي عينت بنك "TAP ADVISORS" في نيويورك مستشارا لبيع 10 آلاف برج في مختلف مناطق المملكة، بحسب ما ذكرته وول ستريت جورنال. عندما نقرأ هذا الخبر ، ربما لن يرى غير المتخصصين أن هناك خطأ ما في التصريح ، لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً ، لكون عملية البيع يجب أن يقابلها مشتر ، وفي حالة وجود المشتري ، ما هي الجدوى من عملية الشراء ، مع العلم أن العشرة آلاف برج التي ذكرتها موبايلي ، معظمها لا تملك فيها الشركة الحيز العقاري الذي أنشأت عليه ، فأغلبها بعقود إيجار ، بالإضافة لكون المشتري لن يكون مقدم خدمة اتصالات ، لأننا لم نسمع عن طرح رخصة رابعة لتقديم خدمات الجوال ، إذا ما الجدوى عمليا من الشراء نظرا لكون شركات الاتصالات المتنقلة في السوق السعودي لديهم البنية التحتية الخاصة بهم ، وما يستثمرونه فيها حاليا ومستقبلا في ظل توسع السوق . مع العلم أن إدارة شركة موبايلي كانت واضحة في تصريحها أنها فكرة ، ولا يوجد أي إجراء عملي لتلك الفكرة على الأرض ، لكن تظل فكرة (البيع) إلى الآن غير واضحة المعالم من الناحية العملية والتنظيمية ، ومهما وضعنا من افتراضات واحتمالات ، قد لا نستطيع الخروج بنصف صورة على الأقل لما قد يتم بالنسبة لحالة البيع المذكورة ، وإن وجد مشتر وأصبح هناك بداية اتفاق فعلي ، فإن تلك الأبراج موجودة على الأراضي السعودية هي خاضعة لنظام الاتصالات السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/12) بتاريخ 12/3/1422م، ولا بد من توافر شروط في المشتري إن كان يريد تشغيل وإدارة تلك الشبكة البالغة عشرة آلاف برج جوال ، وهذه الشروط هي : 1- نصت المادة الأولى من نظام الاتصالات بان مقدم الخدمة او المشغل هو كل من يرخص له تقديم خدمة الاتصالات او من يقوم بتشغيل شبكة اتصالات تستخدم لتقديم تلك الخدمة أي أن المشتري يجب أن يتوفر فيه إحدى الصفتين العملية. 2- يجب ان يكون المشتري شركة مساهمة عامة، كما اشترط لذلك نظام الاتصالات في المادة الرابعة منه. 3- إن توافر الشرط الأول والشرط الثاني يجب أن يتوجها المشتري لكي يكون شراؤه صحيحا ونظاميا ويستطيع إدارة وصيانه و تشغيل الشبكة الخاصة بأبراج الجوال ، أن يتوجها بالحصول علي موافقة مجلس الوزراء بتقديم خدمات الاتصالات لأبراج الجوال موضوع البيع استنادا للمادة الخامسة من النظام ، والا يعتبر مخالفا للنظام استنادا للمادة سبعه وثلاثون الفقرة (1) . هذا ابرز ما تناوله النظام السعودي المنظم للسوق الاتصالات ، ودون الخوض في تفاصيل أخرى ، ما ذكرته يكفي لكي تكون فكرة البيع فعلا مثارا للاستغراب من المتخصصين في سوق الاتصالات . إن هيئة سوق المال كانت أسرع الجميع في الاستجابة لهذا الخبر ، عندما أوقفت السهم عن التداول لساعات قليلة ، لأن المتغيرات التي سوف تنتج عن بيع أصول رأس مالية للشركة بقيمة اثنين مليار دولار ، ستنعكس حتماً على رأس المال بالتخفيض وما يتبعه من حقوق المساهمين . كما أن لفكرة البيع إن خرجت إلي حيز التنفيذ ، أبعادا تنظيمية أخرى لا تقل أهمية عن فكرة البيع نفسها ، وهي أثر هذه العملية على سوق الاتصالات من حيث المنافسة والسيطرة وجودة الخدمة . أعتقد أن كلمة (بيع) هي تعبير خاطئ لما يدور في فكر القائمين علي إدارة شركة موبايلي ، واعتقد أن الفكرة تدور حول تأسيس شركه استنادا إلى قرار مجلس الوزراء رقم(6) بتاريخ 8/1/1430 ، وأن يتم نقل ملكية الأبراج للشركة الجديدة ، لتقوم بمهام الاستثمار وتشغيل أبراج الجوال . ولو أضافت لها شبكة المعطيات الخاصة بخدمات بيانات ، يمكن حينها أن نقول إن تلك الخطوة سيكون لها أثر مالي إيجابي علي شركة موبايلي ، وتكون بالفعل قفزه جديده في سوق الاتصالات. وتكمن أهمية الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات باعتبارها استراتيجية جديدة لتوليد إيرادات إضافية وترشيد التكاليف ، وذلك في ظل ما تواجهه الشركات العاملة في سوق الاتصالات من ضغوط متزايدة للحفاظ على هوامش ربح إيجابية. كما أنّ الاستثمار في البنية التحتية سيعود بالنفع على شركة موبايلي ، لو عملت على إعادة تصميم عملياتها للاستفادة من فرص الاستثمار في البنية التحتية. إضافة إلى أن أنماط النموّ الحالية، توجب على شركات الاتصالات دراسة الخيارات المتاحة لرفع مستويات الأرباح، واستكشاف أساليب جديدة لزيادة الإيرادات وترشيد التكاليف، كما أن الاستثمار بطرح حصة من ملكية البنية التحتية أحد أشكال ترشيد التكاليف ومن شأنها المساهمة في خفض المصروفات الرأسمالية بشكل كبير. والاستثمار في البنية التحتية للاتصالات يوفّر فرصاً محتملة، حيث يمكن ذلك شركة موبايلي من تفعيل استخدام البنية التحتية الحالية وتوليد إيرادات جديدة، وتوظيفها في مشاريع توسّعية على المستوى المحلي و الدولي، والتركيز على تقديم الخدمات دونما تحمّل أعباء تركيب الشبكة وتجهيزات البنية التحتية. ولو قيمت موبايلي ما تملكه من بنيه تحتية لخدمات الاتصالات المتنقلة (أبراج جوال) بالإضافة إلى ما تملكه في الشركة الشقيقة (بيانات) ، فأعتقد أن التقييم سيتجاوز الملياري دولار بكثير ، حينها يكون بالإمكان تخصيص جزء منها لكيان قانوني جديد ومستقل ، تملك فيه موبايلي الحصة الأكبر ، ويتضمن مستثمرين وشركات متخصصة في بناء وإدارة البنية التحتية لخدمات الاتصالات، خاصة أن هناك اتجاها عالميا متزايدا نحو عمليات الفصل بين الشبكة وتقديم الخدمات، لذلك يجب أن تتخطّى شركات الاتصالات القائمة الخدمات محدودة النطاق لاستكشاف مجالات استثمار أكثر تقدّماً. رابط الخبر بصحيفة الوئام: موبايلي.. إلى أين؟