تعمل النملة بكل جد واجتهاد ، فهي تتجه صباح كل يوم إلى عملها بلا كلل أو ملل . فتنتج و تنجز الكثير بكل فخر و اقتدار . فلما رآها الصرصور بهذا الإنجاز بدأ يفكر بالإشراف عليها و إدارة عملها حتى تنجزه بفعالية و كفاءة متناهية كما يزعم . في هذه اللحظة ، وهكذا بدون مقدمات ، قام الصرصور بتعيين نفسه مديراً و مشرفاً على عمل النملة المتقن . فكان من أولى قراراته أن يحضر لنفسه مكتبا فخماً ، و يعين العنكبوت سكرتيراً خاصا له ليرتب ملفاته و ينسق اجتماعاته و أوراق عمله . و في أول اجتماع للصرصور مع العنكبوت مقرر الاجتماع أراد أن يعين الجرادة مراقبة للمكالمات الهاتفية و إدارة الأرشيف الخاص به . و النملة مازالت مستمرة في عملها الدؤوب . و في أحد الأيام جاءت ذبابة إلى مكتب المدير " الصرصور " الفاره لتطلب العمل عنده . فقالت الذبابة : لدي رغبة في العمل بمكتبكم العامر ، فأنا أحب العمل بوضع الخطط و متابعتها و قياس مستوى الخلل في التطبيق . فرح الصرصور أيما فرح بهذا الأمر ، حيث أنه يفكر في إحضار لجان تقييم خارجية للحصول على الجائزة السنوية الكبرى . لذلك وافق الصرصور على توظيف الذبابة شريطة أن تحضر له تقريراً عن العمل قبيل حضور لجان التقييم الخارجية . و النملة المكافحة مستمرة في عملها الدقيق ، و لا يلقي أي أحد لعملها أدنى اهتمام . جاءت الذبابة بتقريرها الأول للصرصور ، وبعد اجتماع مجلس الإدارة قرروا التالي : تعيين الناموس مستشاراً مالياً للمدير ، و تأثيث مكتب المدير مرة أخرى بأفخر وأجود الأثاث العصري ، و شراء مستلزمات تقنية للسكرتير ، و العمل على ذلك في أقصى وقت ممكن قبل حضور لجنة تقييم الجائزة السنوية الكبرى . استمر العمل لقرارات الصرصور المصيرية حتى قبل حضور اللجنة بيوم واحد فقط ، فبدأ يفكر الصرصور كيف يوثق هذا الإنجاز العظيم . فقرر تعيين الخنفساء مصوراً خاصا له ، حتى يقف من خلف الكاميرا بفلاشاتها البراقة . وجاءت لحظة الحسم بحضور لجنة التقييم ، حيث بدأت بتقييم عمل النملة ، ثم دخلوا إلى مكتب المدير الراقي و بدأوا بشرب القهوة و تبادل أطراف الحديث . فقرروا في ختام الزيارة منح الجائزة السنوية الكبرى للمدير فقط . طار الصرصور فرحا بهذا الحدث الجلل ، و أمر مرؤوسيه بالاجتماع بعد مغادرة الوفد . اجتمعوا جميعا ماعدا النملة المجتهدة التي تعمل ليل نهار . فقرر المدير في اجتماعه تعيين الفراشة مساعدة شخصية في وضع الاستراتيجيات التطويرية و إعداد الميزانيات الخاصة بذلك و استحداث قسم التطوير الإداري و تعيين القمل لخبرته في هذا المجال ، ثم قرر أن يجتمع لأول مرة مع النملة . وبعد اجتماع الكل واستجواب النملة ، لوحظ أن هناك تكدس في العمالة الزائدة ، و من باب تخفيف العبء المالي على عمله ، و بتوصية من مستشاريه ، قرر فصل النملة من العمل لزيادة الإنتاجية أكثر وأكثر . خرج الجميع من هذا الاجتماع و معهم النملة التي تعمل بكل جد واجتهاد و هي تحادث نفسها عن سبب فصلها ، ثم ذهبت للعنكبوت سكرتير المدير فقالت : لماذا حدث هذا ؟ فأنا أعمل منذ البداية بكل دقة وإنجاز ، و أنا العاملة الوحيدة هنا ، و الكل بالمجلس الإداري بلا إنجاز يذكر . قال الطائر الأزرق : مسكينة أيتها النملة الباذلة ، لأنك تعملين بين هؤلاء الحشرات . أنت تعملين و تجتهدين ، وتحصلين على اللوم و الفصل من العمل ، والمدير يفوز بالجائزة لوحده . فلا تكترث لذلك ، فعملك مستمر ، و أنت أهل للإنجاز ، و افرحي أنك خرجتي من إدارة بهذا الفكر والوعي . بقلم / بدر بن محمد الغامدي ( @BadrAlghamdi ) رابط الخبر بصحيفة الوئام: يا أيها النمل