سأسرد عليكم القصة التي وصلتني عبر وسائط الاتصال الهاتفي من صديق يعمل خبيراً في التنمية البشرية ،انها قصة النملة مع أسد الغابة ، وخلاصة هذه القصة ان أسد الغابة وجد ان النملة تعمل بدون صوت وبدون رقيب ولا حسيب ، ولا احد يعرف متى تبدأ النملة عملها ومتى تتوقف ، فقرر الاسد بما له من سلطة وزعامة على حيوانات الغابة ان يعين الصرصار لتنظيم عمل النملة فقام الصرصار بوضع كشوف الحضور والانصراف ونماذج التقييم وساعات العمل ، كما قام بافتتاح مكاتب وشراء اثاث وتعيين موظفين متخصصين وخبراء في التقييم. كرهت النملة هذه التعقيدات الادارية وانخفض اداؤها ، وضاعت ساعات عملها في تقديم الاسباب والمبررات للأعمال التي تقوم بها ، وفي طلب الموافقات قبل الشروع في اي عمل وفي الدخول والخروج ، فقرر اسد الغابة تعيين الجرادة لتطوير العمل الاداري واستحداث وسائل تساعد في رفع كفاءة واداء النملة ، فاستعانت الجرادة بالخبرات الاجنبية ومكاتب استشارية للحصول على استشارات تفيد في التطوير الاداري. ولضخامة حجم العمل على الجرادة قامت بتعيين مساعدين لها لضبط المستندات والاوراق ، ونتيجة لهذه الخطوات التي اتخذتها الجرادة أظهرت الميزانية تضخماً في النفقات وارتفاعاً في المصاريف الادارية ، فقام اسد الغابة بتعيين البومة للمراجعة ولمعرفة اسباب ارتفاع النفقات ، فجاء تقرير البومة ان ارتفاع النفقات هو نتيجة تكدس العمالة الزائدة ، فاصدر اسد الغابة قراره بتخفيض العمالة لخفض النفقات المرتفعة ، وبعد جولات واجتماعات عديدة قرر اسد الغابة فصل النملة من العمل لتخفيض النفقات . انتهت القصة . وعلى ما يبدو ان صديقي خبير تنمية الموارد البشرية قد تعمد ( استفزازي ) بهذه القصة ، ، ولأنني لا اسكت على باطل فقد اخبرته انني أتهم الصرصار والجرادة بسرقة وقائع هذه القصة من بعض الشركات ونسبوها الى انفسهم حتى يحصلوا على الشهرة وهم لا يستحقونها ، واخبرته بعزمي على تشكيل لجنة فنية عليا لملاحقة الصرصار والجرادة ، ويتفرع من هذه اللجنة ، لجنة اخرى للمتابعة واعداد التقارير ومراجعة الخطط ، وهكذا فإنني حتماً سأصل الى الصرصار والجرادة . وامام هذه الإغراءات البيروقراطية وجد صديقي الخبير ان افاقاً كبيرة قد فتحت امامه ولأنه عانى كثيراً من فشله في تطبيق النظريات الادارية المعروفة مثل الادارة بالنتائج والادارة بالأهداف ، فقد شكرني من اعماق قلبه واستبشر خيراً بان سوق تنمية الموارد البشرية ( راح يشتغل زي الفل ) لأنني قدمت له خدمة لم يكن يحلم بها في حياته ، لقد ارشدته الى نظرية علمية جديدة في فن الادارة لم يسبق اليها احد ولا يعرفها العالم ، انها نظرية (الادارة بالتطفيش) .