بعد تعطيل مؤسسات الدولة وحجر الرئيس ورئيس الوزراء وإجبار الحكومة على الاستقالة.. دخل الحوثيون مرحلة الحرب الكبرى.. لا أحد يعلم ماذا حدث بعد مهلة ال3 أيام التي أعطاها الحوثيون للقوى السياسية لملأ الفراغ السياسي.. حلوا البرلمان، ونصبوا رئيسا جديدا للبلاد، وأصدروا إعلانهم الدستوري.. وبالنسبة لهم تم الأمر إلى حكمهم الفعلي!! العارفون يعتقدون أن الحوثي قاد نفسه إلى الهاوية بهذا الانقلاب الفعلي على (الشرعية، مخرجات الحوار الوطني، اتفاق السلم والشراكة) وقبل ذلك على المواثيق والأعراف الدولية التي تعتبره «ميليشيا أو تنظيم» لا يحق له احتكار حكم الدولة ولو في حال في فراغ السلطة.. تعامل الحوثي مع الموقف قبل الانقلاب وكأنه الجهة المسؤولة والحاكمة الفعلية. أتى من صعدة ليحتل العاصمة، وعطل مؤسسات الدولة واحتجز رئيس الوزراء وأجبر الحكومة على الاستقالة وحجر الرئيس في منزله وأجبره على الاستقالة أو الاستمرار «بشروط»، ثم حلوا البرلمان ونصبوا رئيسا للبلاد وأصدروا إعلانهم الدستوري. لا جهة ترعى ذلك أو تباركه أبدا.. إيران فقط تدعم وتؤيد.. جمال بنعمر قدم بعض التسهيلات غير المشروعة في سبيل قبول الشعب والقوى السياسية بوجود الحوثي كقوة مؤثرة وحاكمة في المستقبل.. شرعها لسانه الدولي فقط.. علي عبد الله صالح ذلك المتهم الدائم ما زال يتصدر المشهد وإن أخذ الحوثيون هذا الوهج الأكبر. عندما تعاون صالح مع الحوثيين ليوصلهم إلى أبواب القصر الرئاسي بصنعاء مكتسحين كامل العاصمة كان يدرك فعلا أنه سيأتي اليوم الذي ينحصر فيه الصراع بينه وبينهم على السلطة. اعتقد الحوثيون أنهم قطعوا الطريق فعلا على صالح حينما أزاحوا الرئيس والحكومة وحلوا البرلمان ونصبوا رئيسهم الجديد ثم أصدروا إعلانهم الدستوري. اعتقدوا أنهم صنعوا دولتهم فعلا بهذه الهمجية، وتناسوا حقيقة وصولهم إلى آخر فصول الحرب.. أصبحوا ميليشيا تحكم الدولة؛ وكل القوانين الدولية تدينهم كما لن يتعامل معهم أي نظام أو هيئة دولية باعتبار عدم شرعيتهم أبدا.. ثم حينها تحين الفرصة لصالح كقوة بديلة على الأرض جاهزة لإدارة البلاد سواء بتكليف دولي أو بشرعية انتخابية.. صالح الذي تصدر أولى ردود الأفعال بعد الانقلاب الحوثي، ودعا المواطنين للنزول إلى الشارع ورفض الانقلاب في تصريح واضح بانتهاء شهر العسل بين صالح والحوثيين ووصول وقت الفصل في السلطة فيما بينهم.. وفيما لا يملك الحوثي أي شرعية تخوله لإدارة البلاد بقبول دولي وإقليمي فإن سقوطه هو الخيار الوارد دائما في كل احتمالات المستقبل، ما لم تكن هناك تفاهمات معينة حول تقاسم السلطة مع قوة أخرى شرعية.. «ربما صالح في بعض الظروف». في كل فصول الحكاية لا يبدو هناك موقف أكثر غرابة وريبة مثل الموقف الخليجي الذي اتحد على الصمت المطبق قبل الانقلاب الحوثي باستثناء بيانات الشجب والاستنكار، ثم التحرك ببطء نحو رفض شرعية الحوثي بعد الانقلاب. بالتأكيد لا يقل اليمن أهمية لدول الخليج عن أهمية مصر أو سوريا أو العراق التي تشهد نشاطا للدبلوماسية الخليجية فيها، بل قد يشكل أهمية أكبر لالتصاقه التام بجدارهم الخلفي وتأثيره الأكثر انعكاسا بالنظر للشراكة المصيرية والروابط الاجتماعية والسياسية الوثيقة بين الخليج واليمن منذ القدم.. وبالتالي فإن لغة الشجب والاستنكار تصنف كلغة فارغة تماما من أي معنى سياسي مؤمل من موجهها.. ولكن عندما يطلقها الخليجيون وبتوحد عبر بيان مجلس التعاون الخليجي فإنها تحمل عدة احتمالات تتمثل في رسائل ربما وجهها الخليجيون للبعض هناك في اليمن. إذا لم تساعدونا في إخراجكم من المأزق فإننا سنكتفي بإبداء مشاعرنا فقط بالأسف البالغ، وسنترككم لمصيركم. أو ربما أراد الخليجيون أن يسير الحوثي بأقدامه إلى سقوطه في حفرة التعدي على الشرعية التي تقود إلى حتمية إسقاطه عن الحكم وربما حل الجماعة نهائيا.. أو قد يرى الخليجيون أن الوقت لم يحن لتظهر رؤيتهم على المشهد اليمني، ولم لا؟ ربما لا يزال الخليجيون مختلفين ولم يتفقوا على يمن مناسب لهم وما زالوا يتشاورون. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الانقلاب الحوثي .. قراءة الموقف