القانون هو مجموعة من القواعد المنظمة للسلوك العامة والمجردة والملزمة والمعبرة عن الإرادة العليا في المجتمع، وهذه القواعد ما كان لها أن تنشأ إلا لتحقيق أمن المجتمع وعدله واستقرار معاملاته وتقدمه وتطوره وإبداعه، ولكون القانون فنا وعلما إنسانيا مثله مثل كل العلوم الغائية فإن أهم ما يميز قواعده هو غايتها، والمتتبع لنظام مجلس التعليم العالي يجد أن مضمون الفقرة (11) من المادة (20) قد جعلت من الجامعات سلطة تشريعية لها اختصاص سن اللوائح النظامية، حيث جاء في نص تلك المادة (مع التقيد بما يقضي به هذا النظام وغيره من الأنظمة، وما تقضي به قرارات مجلس التعليم العالي، يتولى مجلس الجامعة تصريف الشؤون العلمية، والإدارية، والمالية، وتنفيذ السياسة العامة للجامعة، وله على الخصوص إقرار اللوائح الداخلية للجامعة بما لا يرتب مزايا مالية أو وظيفية). هذه المضمون وخصوصا فيما يتعلق بإقرار اللوائح الداخلية للجامعة، توسعت الجامعات في فهمه، مما جعل لكل جامعة لوائح مستقلة تختلف عن غيرها من الجامعات، بل إن الموضوع تجاوز ذلك إلى الفهم الخاطئ لهذه القاعدة، مما رتب حقوقا ومزايا لمنسوبيها، بما يختلف عن غيرهم من منسوبي الجامعات الأخرى رغم أنها، أكدت على ألا يترتب على أي قاعدة قانونية تسنها الجامعة أي امتيازات مالية أو وظيفية، وهو ما سبب خللا كبيرا في المراكز القانونية لأعضاء هيئة التدريس وأثر على استقرارها، في جميع الجامعات بمقارنتها مع غيرها من الجامعات الأخرى، وجعلها عرضة للتبدل والتغير حسب ما يراه مجلس كل جامعة وفقا لتبدل الكراسي فيه أو وفق أهواء ونفوذ أغلبيته، وهو أمر يحتاج إلى عدم إعطاء الجامعات سلطة إقرار اللوائح الداخلية لها، وخصوصا أن مجلس التعليم العالي هو صاحب الاختصاص الأصيل في سن الأنظمة واللوائح، حيث إن المادة (15) من نفس النظام قد أكدت على أن مجلس التعليم العالي هو السلطة العليا المسؤولة عن شؤون التعليم فوق المستوى الثانوي والإشراف عليه والتنسيق بين مؤسساته، وله على الخصوص، إصدار اللوائح المشتركة للجامعات، وإصدار اللوائح المنظمة لشؤون منسوبي الجامعات الوظيفية من السعوديين والمتعاقدين بمن فيهم أعضاء هيئة التدريس ويشمل ذلك مرتباتهم ومكافآتهم وبدلاتهم وذلك بعد إعدادها من قبل كل من وزارة التعليم العالي ووزارة المالية والاقتصاد الوطني والديوان العام للخدمة المدنية، وإصدار القواعد المنظمة لتعيين أعضاء هيئة التدريس من السعوديين وترقياتهم وإعارتهم وندبهم ونقلهم إلى وظائف أخرى داخل الجامعة أو خارجها وعودتهم إلى وظائفهم الأكاديمية وذلك بعد إعدادها من قبل كل من وزارة التعليم العالي والديوان العام للخدمة المدنية، وإصدار اللائحة المنظمة للشؤون المالية في الجامعات بما في ذلك القواعد المنظمة لمكافآت وإعانات الطلبة وغيرهم وذلك بعد إعدادها من قبل كل من وزارة التعليم العالي ووزارة المالية والاقتصاد الوطني وإقرار القواعد اللازمة لتشجيع الكفاءات السعودية المتوفرة خارج الجامعات للقيام بالتدريس في كليات الجامعة ومعاهدها أو للقيام بإجراء بحوث محدودة بمراكز البحث العلمي وتحديد مكافآتهم. فهل نحتاج مع كل هذا الوضوح فيما تضمنته هذه المادة إلى سن لوائح داخلية في كل جامعة، قد تتعارض مع ما هو مطبق مع غيرها في الجامعات الأخرى أو على أقل تقدير يتعارض مع لوائح نظام مجلس التعليم العالي ولوائحه وهو ما يرتب عدم تحقق غايته التي هي أهم أساس في سن تلك التشريعات بما يكفل استقرار المراكز القانونية في كل جامعة وخصوصا مع تطور غاية القانون في عصر النهضة الذي طغت فيه أفكار الحرية والمساواة الذي جعلت من الفرد أساسا لها بما يكفل تحقيق التقدم الاجتماعي وفق مصالح المجتمع العليا. رابط الخبر بصحيفة الوئام: اختلاف امتيازات وحقوق أعضاء هيئة التدريس