لا يزال إعلان البنك الأهلي التجاري طرح 25% من أسهمه للاكتتاب الأحد المقبل، يثير المزيد من الآراء المتباينة والتحليلات المختلفة حول شرعية الاكتتاب، وعوائده المرتقبة، ويدفع للبحث في أسرار الحملة الكبيرة التي يواجهها البنك. الشرعيون اتجهوا إلى «هيئة كبار العلماء»، بصفتها السلطة الشرعية الأعلى لاستصدار فتوى تحرّم الاكتتاب؛ بحجة التعاملات الربوية في البنك. وجاء بيان الهيئة مفاجئا ومؤيدا، وصارفا للكثيرين ممن ينتوون الاكتتاب بغية تحقيق عوائد جيدة. وفي حين تنسجم هذه الفتوى مع فتاوى سابقة حول البنك، والقناعات التي يحملها رجل الشارع البسيط عنه، يشكك بعض المهتمين بما وراء الأحداث في حملة غير نزيهة تقودها بعض المصارف المنافسة ضد «الأهلي» تدفع لتشكيل رأي عام ضد الاكتتاب فيه، ويُرجِعون أسباب الحملة إلى دافع المنافسة المحتدمة في الأوساط المصرفية. وفي ظل عدم وجود أدلة على شكوك هؤلاء، يصعب تجاهل تأكيدات كثيرة أوردها مصرفيون في أوقات سابقة باستحالة خلو المصارف السعودية من التعاملات الربوية، بدليل وجود أقسام وحسابات باسم التطهير تصرف دون الإعلان عنها، في مصارف يؤمن الناس بإسلاميتها ولا يقبلون مجرد التشكيك فيها. وفي خطوة توقعها العالِمون ببواطن الأمور في السوق المصرفية، أعلنت الهيئة الشرعية للبنك الأهلي التجاري في بيان لها اليوم (الخميس)، أن الاكتتاب في أسهم البنك سائغ شرعا ولا حرج فيه. وقالت الهيئة إن حكمها بجواز الاكتتاب ناتج عن أن 67% من أصول البنك إسلامية، وذلك بنهاية يونيو 2014، مبينة أن 33% أصول تقليدية، ومؤكدة أن أكثر من ثلثي أصول البنك إسلامية. وبينت هيئة البنك أن 92% من مصادر أموال البنك (المطلوبات) من مصادر إسلامية، وأن 73% من دخل البنك بنهاية شهر يونيو 2014 كان من المعاملات الإسلامية. وأشارت إلى أنه جرى التأكد من أن جميع فروع البنك يقتصر عملها على التمويل والخدمات فقط، وأن الهيئة الشرعية تثق تماما بأن الخطة المعتمدة من البنك ستؤدي إلى تحقيق التحول الكامل إلى المصرفية الإسلامية خلال مدة معقولة. وتضمن البيان الخاص بالهيئة الشرعية للبنك توقيع كل من: الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، والدكتور عبد الله عبد العزيز المصلح، والدكتور محمد علي القري. وبغض النظر عن ما سبق أن أفتت به اللجنة الدائمة للفتوى بتحريم الاكتتاب في «البنك الأهلي التجاري» والمساهمة في البنوك والشركات والمؤسسات التي تتعامل بالربا بيعا وشراء واستثمارا، وبعيدا عن الفتوى الداخلية المضادة، فإن المنافسة المحتدمة بين المصارف السعودية، تأخذ أشكالا وألوانا مختلفة، وتبدأ من السباق على استقطاب صغار العملاء ولا تنتهي عند استقطاب كبار الموظفين أصحاب الخبرة والقدرات العالية، ولعل في استقطاب الأهلي سعيد الغامدي الذي يتسنم منصب الرئيس التنفيذي حاليا – خير مثال. وسعيد الغامدي، المصنف ك«عراب التطوير»، والعقل التقني، في «مصرف الراجحي» المنافس ل«الأهلي»، ورائد عملية التحديث فيه – يعده مطلعون «قائد مرحلة تحويل (الراجحي) من شركة عائلية إلى شركة مساهمة»، إلا أن خلافات وجهات نظر المساهمين في إدارة «الراجحي» ألقت به خارج لعبة كرسي الرئاسة. فما إن انتقل الغامدي إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، حتى نجح ضمن فريق مستشارين استعانت بهم المؤسسة لصياغة لوائح وأنظمة «مبادئ حماية العملاء»، الأمر الذي دفع ب«البنك الأهلي» لاستقطابه، وتسليمه دفة البنك، ليقود بدوره عملية تحديث ضخمة تضمنت استقطاب قيادات مؤثرة في مصارف أخرى، واستهدفت عملاء لها، جعلت من «الأهلي» منافسا مهما في معدلات النمو وكذلك الأرباح، وأحد أهم 3 بنوك بالبلد في السنتين الأخيرتين. وبعيدا عن هذا، يظل الجدل الذي أثاره اكتتاب «الأهلي» يثير معه تساؤلات عن وجود حملات خفية وتحركات لمنافسين، دون إغفال التأثير الكبير للرأي المعارض الذي تشكله الفتاوى الدينية. رابط الخبر بصحيفة الوئام: حملات خفية تشعل معركة الفتاوى في اكتتاب «الأهلي»