اعتاد التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين مناهضة أي رأي أو مبادرة من أي مصدر يراه خارج نطاق مودته، حتى ولو كان «فيه» «ومعه» الحق. فالتنظيم يتخبط في قراراته وتوجهاته حسب الأوامر التي ترده من بعض الدول التي تغذيه سياسيًّا وماديًّاومعنويًّا، ولا يستطيع الخروج من عباءة التبعية السياسية لتلك الدول التي سلَّم لها تحركه وتعاطيه مع أحداث المنطقة والعالم لصالح حساباتها ومصالحها. ما تزال تلك الدول التي تؤوي قيادات الإخوان تُروّج الشعار المتهالك والمتهاوي، الذي تعني به كفالة الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وحقوق الشعوب من خلال الحرية والعدالة والتنمية الاجتماعية، وأن وقوفها مع الإخوان وبعض التيارات الإسلامية يهدف إلى رعاية مصالح الأمة، وهي في الحقيقة تُعيق كل ما من شأنه الحفاظ على سمعة الإسلام من التشويه والتضليل والتزييف، وأن الشرخ الذي يقوم به التنظيم الإخواني في جسد استقرار دول المنطقة عبارة عن شعارات دنيئة يتكئ عليها لتلميع مكانة تلك الدول. اتفق الإخوان بقياداتهم وأتباعهم والمتعاطفين معهم في الرأي، حول اعتراضهم على التحالف الدولي لمواجهة «داعش»، لكن هذا الرفض لم يقم على اعتبارات أخلاقية وإنسانية كما يسوقون في شعاراتهم التي تردد بأنه الحرب الدولية على الإسلام، أو كما يقول البعض الآخر من المعترضين على هذا التحالف باعتباره استكمالاً للمشروع الأمريكي لتدمير المنطقة، بل كان مكسب الإخوان من الرفض سياسيًّا بحتًاوحزبيًّا صِرفًا، ولعل الرفض جاء مواءمة لقرار تركيا الرافض لفكرة المشاركة في التحالف الدولي. مما يعضد ذلك أن رفض الإخوان جاء تضامنًا مع عُذر «أنقرة» الذي قدمته بحجة أن هناك 49 من رعايا سفارتها يقبعون رهائن لدى «داعش» في العراق، لتعطي الصورة الأخلاقية السياسية المزيفة، لكن كيف لنا أن نصدق هذا الادعاء، وهي التي تبتاع من «داعش» النفط بأبخس الأثمان عبر وسطاء مرتزقة؟ وكيف لنا أن نصدق وهي تستفيد من توافد مَنْ يُسمَّون بالمهاجرين إليها، ومن ثم تُسهّل لهم العبور تجاه سوريا للالتحاق بلواءات «داعش»، وغيرها من تلك التنظيمات الإرهابية؟ كما كيف لنا أن نصدق وهي تقوم بما يشبه عمليات المكافأة لذلك التنظيم من خلال إيواء جرحى مقاتليه في مستشفى مدينة «هاتاي»، ويتلقون العلاج بأمان تام وتحت غطاء حكومي، بل وإن سكان هذه المدينة التي تقع على الشريط الحدودي مع سوريا، نظموا احتجاجات نددوا فيها بوجود الدواعش داخل مدينتهم، وأنهم يتنقلون بحرية دون رقابة وكأن الحكومة ترعى وجودهم متهمين الحزب الحاكم برعاية ونشر الإرهاب. من جانب آخر، لا يفوتنا صورة المُراوغة لدى الإخوان، من خلال ترديد بعضهم تصريحات مائعة، أثناء التنديد على الحرب المعلنة على «داعش»، والتي يعلنون فيها عدم تأييدهم للتنظيم في ما يفعل، بالمقابل يستحيل عليهم إعانة الكافر على قتل المسلم. الشاهد أن الإخوان المسلمين الذين يُعدَّون الرحم الكبيرة التي خرَّجت كل تلك التنظيمات المتطرفة، وربَّتهاحتى قويت شوكتها وتفرعنت، ولا يريدون زوالها لكي يَبقوا بينها الفصيل الإسلامي المعتدل والمرجع الرئيس للرسالة السماوية والبديل السياسي الأمثل وسط وهج الأنظمة الاستبدادية والانبطاحية في نظرهم، لأن في زوال «داعش» و«جبهة النصرة» وأخواتهما فراغًا يُشكّل خطرًا على كيانهم وأعمدتهم، ويفتح جبهة أكبر تحاصرهم بأكثر مما هم يواجهونه الآن، لأنه لا حظَّ لهم في انعدام تلك الميليشيات المتطرفة التي يعتبرونها الذراع العسكرية التي يطلقونها على مناهضيهم في كل أزمة تخنقهم. هناك قرائن كثيرة تجعل من الإخوانيين يطبطبون على يد الإرهاب وأدواته، ولعل الأحداث الأخيرة التي واجهتها السعودية ومصر وتونس وحتى ليبيا في حق القوات الأمنية، لم يعلّق أو يُدن أو يُجرّم أي إخواني عليها، بل ذهب بعضهم إلى كتابة مقالات وتغريدات تحمل في طياتها وجهين في صورة احتمالين، حسب فهم وتوجه كل قارئ وما يميل له، إما في صف الحق وإما في صف التطرف، وهذا يُعد اللون الذي يجيده كل خائن يلعب دور الاسترزاق القذر على أكتاف القضايا الوطنية. رابط الخبر بصحيفة الوئام: لماذا يُطبطب الإخوان على «داعش»