على امتداد 150 كم يتلوى كثعبان قاتل يحمل السم الزعاف في كل منعطف من منعطفاته المميتة، فتراه يترصد ضحاياه خلف كل رابية وأمام كل سارية، يلدغ هذا فيحيله معاقًامقعدًا، ويعض ذاك فيرديه قتيلاً مضرجًا في دمائه مدرجًا في أكفانه في لمح البصر. لا يكاد يُذكَر اسمه حتى يرتفع النحيب والبكاء في كل بيت من البيوت المجاورة، بل إن ضرره قد تجاوز المجاورين إلى العابرين والقادمين من مناطق بعيدة ومن أماكن شتى. لقد اعتاد القاطنون بجوار هذا الطريق على أصوات سيارات الإسعاف وهي تعوي كالذئاب الجائعة، وتئن كالأم الثكلى ذهابًا وإيابًا صباحًا ومساء، لقد أصبحوا كل يوم على موعد مع رائحة الموت وأنين المصابين. لن يتردد كل من يعرفه في أن يطلق عليه مسمى (طريق الموت) إنه طريق المخواة الممتد إلى محايل عسير، إنه الطريق الذي يلزمك أن تكتب وصيتك كلما سلكته وإن نسيت فسرعان ما تجده يذكرك. طريق مفرد لا أخ له منذ ما يقارب النصف قرن من الزمان يعبر ست محافظات وثلاث مناطق، وتتوسطه شركة إسمنت بناقلاتها الضخمة وصهاريجها الثقيلة، لقد شاخ ذلك الطريق لكنه ازداد عنفًا وأصبح متمرسًا في التهام ضحاياه ساديًّا في إيقاع الأذى بهم. ورغم أن مصادر في وزارة النقل قد أفادت أنه تم دراسة الطريق وتصميم ازدواجيته وهو مدرج ضمن الطرق المطلوبة في مناطق (مكة، الباحة، عسير) حسبما ما جاء في خبر نشرته صحيفة (سبق) الإلكترونية بتاريخ 22 ربيع الثاني 1434ه، حيث ذكر الخبر أنه سيتم إدراج هذا الطريق في ميزانية عام 1435ه، وها هو العام قد قارب على الانتهاء وهذا المشروع لم يرَ النور حتى تاريخ إعداد هذا المقال. وقد يتساءل البعض ما يا ترى أولويات ازدواج الطرق لدى وزارة النقل إذا كان هناك أولويات؟ أجزم أن هذا الطريق سيحققها كاملة وبكل جدارة واستحقاق. لا يزال النزيف مستمرًا. ولا يزال الطريق يحصد الضحايا.. ولا تزال الأرواح المغيبة تحت الثرى تلقي باللوم على من كان سببًا في بقاء هذا الطريق كوحش كاسر يغتال ضحاياه آناء الليل وأطراف النهار. حسن الشمراني رابط الخبر بصحيفة الوئام: طريق الموت.. المخواة – محايل