دخل الضابط البريطاني توماس ادوارد لورنس، المعروف أكثر بلقب "لورنس العرب" في أحد أيام 1914 إلى بار فندق اسمه "بارون" في وسط مدينة حلب بالشمال السوري، فتناول مقبلات واحتسى ما احتسى، ثم خرج ولم يدفع الفاتورة التي تمر عليها هذه الأيام 100 عام تماما. وتوجد الآن الفاتورة الأصلية نسخة في المتحف البريطاني، تراها مغلفة بلوح زجاجي ومعروضة منذ زمن طويل عند قسم الاستقبال في صالون الفندق الواقع بشارع استمد اسمه من "بارون" المصنف 4 نجوم، مع أنه يستحق 10 لأنه تاريخي وشهير. عند انتهاء البناء بعد عامين، كان لورنس في 1911 يتنقل في الشمال السوري كعضو في بعثة تنقيب عن الآثار، وكان عمره 23 سنة ذلك العام، فأقام 3 سنوات تعلم أثناءها العربية، وفي 1914 غادر آخر مدينة سورية بعد أن أقام فيها لأيام قليلة في "بارون" الأشهر من أي فندق بالمنطقة ذلك الوقت، فسدد حساب نزوله بالغرفة 202 وهمّ بالمغادرة، طبقا لسيناريو طبيعي بحسب العربية. لكن "يبدو" أنه مر بقرب البار وهو يغادر، فوسوست له الحانة بأن يتناول شيئا من مقبلاتها واحتساء مشروب ما، فدخل واستهلك 6 طلبيات سعرها الصافي 76.70 قرشا عثمانيا، وفق ما نرى بالصورة للفاتورة، وهو مبلغ مرتفع بعض الشيء، فهو تقريبا نصف ليرة "عثملي" مكونة ذلك الوقت من 162 غرشا (قرشا) أو أن المبلغ كان بالقروش ومكوناتها قبل اعتماد العثمانيين لليرة. وللمقارنة فإن تقريرا في موقع "ويكيبيديا" نقرأه بعنون "الجيش العثماني (1826-1922)" يذكر أن موازنة الإمبراطورية زمن السلطان عبد الحميد الثاني، أي تقريبا العام 1900 كمعدل، كانت أقل من 19 مليون ليرة عثمانية، أو تركية. ونلاحظ أن القيمة العامة للفاتورة هي 92 قرشا و70 من القرش، لكن نادل البار حسم منها 16 قرشا، ربما بسبب سياسة الفندق ذلك الوقت بتمييز نزلائه بحسم معين عن مرتادي مطعمه أو حانته، ممن ليسوا من النزلاء، لظنه "ربما" أن لورنس كان ما يزال في الفندق، لأنه كان سيحتاج إلى بعض الوقت ليعرف أنه غادره وسدد كلفة إقامته فيه، أو ربما قد يكون سبب الحسم شيئا آخر لا نعرفه. وباتصال مع الفندق ردت امرأة أرمينية وقالت إن صاحب الفندق، أرمين مظلوميان، مريض منذ مدة في البيت. وشرحت بعربية مفهومة أن الفندق مقفل حتى إشعار آخر. أما عن الفاتورة فذكرت أنها لا تعرف عنها معلومات كثيرة، وقالت: "الحالة مش كويسة، والفندق تغير، وما في زبائن.. بارون مسكر"، بحسب ما قالت قبل أن تقفل الخط. وفي 1918 نزل في الغرفة 215 الملك فيصل، ومن شرفتها ألقى خطابا أعلن فيه أن سوريا نالت استقلالها من العثمانيين. ونزل فيه أيضا الملك السويدي غوستاف أدولف مع زوجته لويزا، وكذلك الملياردير الأميركي ديفيد روكفلر، والأميرة أليس، وملكة الدنمارك أنغريد، وبيتر أمير اليونان. نزل فيه أيضا زعماء غابوا عن الدنيا، كالمصري جمال عبد الناصر الذي ألقى خطابا من شرفته، والتونسي الحبيب بورقيبة والأميركي تيودور روزفلت وزوجته، والسوري حافظ الأسد، والفرنسي الجنرال ديغول والتركي كمال أتاتورك ومؤسس الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إضافة لأول رائد فضاء، الروسي الراحل يوري غاغارين، وبعده أول امرأة ارتادته: فالنتينا تيليشكوفا. الفندق قبل 100عام والآن
رابط الخبر بصحيفة الوئام: فاتورة لم يدفعها لورنس العرب لفندق سوري منذ 100 عام