أبكي على حالنا وما آلت إليه لغتنا في يومها العالمي الذي يوافق 18 من ديسمبر ، اليوم الذي أقرت فيه الأممالمتحدة اللغة العربية لغة رسمية ! لقد تنكرنا لها ، وبتنا نفرح باعتراف غيرنا بها … وصرنا نلهث خلف لغات الغرب في انسلاخ مريع للثقافة والقيم ، حتى تفردت شعوبنا العربية بكونها الوحيدة بين الأمم ، التي لا تعتز بلغتها على الرغم من عراقتها وجمالها وخصائصها المتفردة ، علاوة على أنها لغة القران ومطلب كل المسلمين . دول العالم المتقدمة تعتز بلغتها وحضارتها فأصغر الدول في أوروبا لا يحدثك سكانها إلا بلغتهم على الرغم من تقاربهم وتوافقهم دينيا ، وربما حضاريا ، لكنه الاعتزاز باللغة والموروث ، لدرجة أن بعض الدول لو لحنت في لغتهم لم يتجاوب معك متحدثهم وادعى عدم الفهم بل وربما تعامل معك بازدراء ! والتنين الصيني وامبراطور الصناعة الحديثة لم يتخل عن لغته ولم يقف ذلك حاجزا أمام منجزاته ، بل حول جميع العلوم للغته ، وابتكر مواقع وبرامج منافسة لأشهر المواقع العالمية كقوقل وغيرها حفظا للخصوصية واللغة ،ومنع القنوات الفضائية حفاظا على قيمه وحضارته. بينما نحن كرماء في بيع لغتنا وفي إهانتها وتكسيرها مع القاصي والداني فخرجت لنا مصطلحات مخزية ( أنتا روح أنا يجي ، أنتا حفرة أنا يدفن … ) وغيرها من الهرطقات التي نختص بها بخصوصية الكرم العربي والأدهى أن انسلاخنا من اللغة والهوية غير محصور لدى الشباب والمراهقين بل تجاوزه لعواجيز المثقفين والأكاديميين ممن ظن أن تحدثه بالأعجمية سيرفع من شأنه ! لا زلت أجل وأحترم أحد أساتذتي الأكاديميين ممن ابتعث شابا ودرس في أمريكا الماجستير والدكتوراه ومكث فيها أكثر من عقد ومع ذلك لا تسمع منه اللفظ الأعجمي في حديثه ومحاضراته مع إتقانه التام لها ، بعكس زميله الذي تعلم اللغة على كبر ، واعتقد أن ذلك مفخرة له فغث أسماعنا برطانته وفيهقته الانجليزية . على الرغم من تخلفنا وعدم تمكن أبنائنا من لغتنا وعدم وعيهم بماضينا وحضارتنا إلا أن مختلف المؤسسات تقحم اللغات الأخرى على النشء والشباب في مزاحمة خطيرة تنبئ بكارثة ثقافية وحضارية ، فترسخ فيهم عدم الاعتزاز بالهوية واللغة. لذا يجب على الجامعات ومؤسسات التعليم والتربية وقف الإصرار على تكثيف تعلم اللغة الأجنبية ، لأن ذلك أحدث شرخا في المجتمع ، ووجدت بسببه ظواهر سيئة أحدها ظاهرة ( العربيزي ) والتي يكتب فيها شبابنا العربية بحروف انجليزية . خافوا الله في لغتنا وثقافتنا ، وكثفوا تعليمها لأبنائنا وأبرزوا جوانبها المضيئة ، وعلموا الأجيال الاعتزاز بما لديهم لينهضوا بأنفسهم وبمجتمعاتهم . حمد المحيميد رابط الخبر بصحيفة الوئام: اللغة المخذولة