حذر الباحث والأكاديمي الدكتور مرزوق بن تنباك، من هجرة غير العرب إلى دول الخليج العربية، موضحاً أنها تشكل أكبر خطر يهدد المكون السكاني للدول الخليجية منذ خمسين عاماً. وقال ابن تنباك في ندوة «اللغة العربية وتحديات الهوية»، التي أقيمت صباح أمس في فندق ماريوت في الرياض ضمن البرنامج الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 28»: إن الدول تقبل التعددية في كل شيء، في الأعراق، الأجناس، والديانات، إلا اللغات، مشيراً إلى أن الدول تضمن دساتيرها باللغة الرسمية للبلد. وأوضح أن اللغة العربية تواجه تحديات، منها العاميات، ومزاحمات اللغات الأجنبية، وكذلك العولمة، التي وصفها ب»التحدي الكبير للأمة»، مشدداً على أن دول الخليج تعيش حالياً أكبر خطر يهدد مكونها السكاني بهجرة هائلة من غير العرب إليها، لافتاً إلى أن في 85% من سكان الإمارات غير إمارتيين، ويقطن قطر 80% من غير القطريين، وأن الأجانب والمواطنين في المملكة والبحرين يقتسمون نسبة السكان فيها، أما عمان فيسكنها 40% من غير العمانيين. وأشار ابن تنباك إلى أن اللغة العربية أصبحت أقلية في دول الخليج، لأنها أضاعت الفرصة أن تكون اللغة العربية هي الوسيط بينهما، مبيناً أن الإنجليزية أصبحت هي اللغة الوسيط، وبهذه الطريقة ستتحول الدول الخليجية إلى منطقة دولية مثل سنغافورة، غير أنه لفت إلى أن قطر أدركت الخطر، وعادت إلى اللغة العربية، بعد أن جربت لغات أخرى، مطالباً بعدم رهن المستقبل على الغير. وشارك في الندوة، إلى جانب ابن تنباك كلٌ من: رئيس نادي المدينة الأدبي الدكتور عبدالله عسيلان، أستاذ اللغة في جامعة الملك سعود، والدكتورة وسمية المنصور، والناشرة اللبنانية غريد الشيخ محمد، وأدارها الدكتور محمد المطلق. وأكد الدكتور عبدالله عسيلان الحاجة إلى مزيد من الدراسات لمواجهة الحملات المشككة في اللغة العربية، وبث الوعي اللغوي، مشيراً إلى أن اللغة العربية محاطة بتحديات بوجود الجنسيات الأخرى، وأن الوعي الحضاري مرتبط بالاعتزاز باللغة، مشدداً على أن اللغة العربية تستوعب كل علوم العصر. من جانبها، قالت الدكتورة وسمية المنصور إن اللغة تعد أقوى أدوات التواصل، ومرآة الفكر، مشيرة إلى أن اللغة عناصر متعددة الروابط، هي مجموعة هويات فسيفسائية لها وجهان، محسوس ومعنوي. وعرضت المنصور استعمالات اللغة المحدثة «العربيزي»، مشيرة إلى أنها لغة بعض شرائح الشباب العرب السائدة اليوم، وتتداخل فيها مفردة أجنبية وكتابة عربية بخط لاتيني، بسبب تقنية الحواسيب. وأرجعت هذه الظاهرة، التي تنتشر بسرعة، إلى هيمنة اللغة الإنجليزية على حياة المجتمعات العربية، لافتة إلى أن الشباب العرب أصبحوا يلوكونها، مع كثرة الأخطاء الكتابية والإملائية والنحوية فيها، معتبرة «العربيزي» من التشويه اللغوي، وموضحة أن عوامل هذا التشويه تعود إلى ضعف انتماء دعاة «العربيزي» إلى اللغة الأم، وتغير ولاءاتهم، وسيطرة عقدة المغلوب. وبيَّنت أن «العربيزي» تتمثل في مزاوجة الأبجدية المكتوبة بالرقمنة، والاختزالات «العربيزية» في لغة الشباب المكتوبة على الإنترنت، وكتابة العربية بالخط اللاتيني، وانتشار القصائد الشعرية «العربيزي»، وتعريب المعاني العربية باللفظ الأعجمي. وحددت المنصور مسببات ساعدت على استقرار «العربيزي»، وهي: تقنية الحواسيب، وهيمنة اللغة الإنجليزية على جوانب الحياة في المجتمعات العربية، وحقيقة تأثيرها في الفكر المجتمعي كأسلوب حياة، موصية بضرورة الاقتراب من اهتمامات الشباب، وعدم التهوين من توجهاتهم، ومشاركتهم الشعور بالمسؤولية تجاه أمتهم وهويتهم وانتمائهم. أما غريد الشيخ محمد، وهي صاحبة أول معجم إلكتروني، فتحدثت عن المعاجم ودورها في الحفاظ على اللغة العربية وهويته، مبينة أن ابن عباس كان أول معجمي عند العرب، موضحة أن العرب مقصرون في متابعة اللغة، وأن هناك فجوة بين المعاجم الحديثة والقديمة.