فتحت دراسة الماجستير التي نوقشت في جامعة بيزيت للباحث محمد أبو الرب، المساعد، والتي كانت بعنوان: “دور قناة الجزيرة في تشكيل العلاقات الدولية لدولة قطر”، النقاش مجدداً حول المقارنة بين الجزيرة والعربية. وكانت الدراسة قد طرحت سؤالاً مركزياً حول الدور الحقيقي للجزيرة الإخبارية، واستخلصت في النهاية أنها تقوم بعملية حجب وقولبة وإعادة تشكيل للأحداث، بما يخدم السياسة القطرية والتغطية على مشاريعها السياسية والاقتصادية مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل فقط. وقد برزت معالم واضحة في طريقة تعامل قناة الجزيرة والعربية بشأن تغطيتهما الأخيرة في الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية وفي طريقة التغطية للحدث ونوعية الضيوف المشاركين في التعليق عليه. وحين نضع مجموعة مقارنات في حصيلة موجزة لمتابعتنا لقناة الجزيرة والعربية سنجد مجموعة أقنعة في الجزيرة وأن تعرف أكثر في العربية، هذا ما قاله بعض الخبراء الذين استعرض هذا التقرير بعض أقوالهم. يقول خبراء إن مجموع دخل قناة الجزيرة من الإعلانات والأنشطة التجارية الأخرى لا تساوي 40% من مصروفاتها ويقال إنها بدأت بمنحة بمقدار 150 مليون دولار من حكومة قطر وقد قررت الحكومة لاحقا استمرار دعمها بمبلغ ثلاثين مليون دولار سنويا وتقول مجلة الايكونوميست أن أمير قطر قد قرر دعمها سنويا بمبلغ 400 أربعمائة مليون دولار سنويا اعتبارا من سنة 2010 هذا على الرغم انه لا يوجد بند في ميزانية دولة قطر يشير الى هذا الشيء. وفي حالة المقارنة بين محطتي “العربية” و”الجزيرة”، اللتين تحتلان المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط، فإن هذه المباراة المثيرة ليست بين فريقين كرويين فحسب، بل بين معسكرين ثقافيين، ومن الصعب التنبؤ في معظم الحالات عن الفريق الفائز، إلا أن أحداث مصر والبحرين وليبيا، جعلت “العربية” تتقدم على منافستها الشرسة بهدفين مقابل هدف واحد، بعدما استيقظت في مصر، وعوّضت غفوتها في أحداث البحرين، من خلال تغطيتها التظاهرات المثيرة في ليبيا، ولو أنها تعرضت لمطبات هوائية. وقد أثار أداء العربية في مصر الإعجاب، من قبل المصريين أنفسهم حسب استطلاع أميركي .وأبدت غالبية المصريين، سيما في مدن كالقاهرة والإسكندرية، انزعاجا من طريقة معالجة الجزيرة لأحداث الثورة في مصر، وفضلوا أثناء الأحداث مشاهدة قنوات تلفزيونية تمدهم بالمعلومات على حساب كثافة عرض الآراء. ففي استطلاع خاص، حول استخدامات ومتابعة وسائل الأعلام أثناء أحداث مصر التي أودت بحكم الرئيس مبارك خلال ثمانية عشر يومًا، تقلّص متابعو الجزيرة إلى ربع المشاهدين (25%)، لمصلحة ثلثي المستطلعين المصريين الذين قالوا إنهم كانوا يعتمدون على قناة العربية (65%) لمتابعة أخبار مصر، وقد أجري الاستطلاع هاتفيًا، على عينة عشوائية تركزت في كل من القاهرة والإسكندرية، وذلك في الفترة ما بين الرابع والعاشر من فبراير/شباط الجاري. وأثبتت الأحداث الأخيرة أن الشرط الوحيد على قناة الجزيرة هو عدم الإساءة للشأن الداخلي القطري وهذا اتضح في حكاية انقلاب عائلة الأمير عله في الأيام الماضية والذي لم تذكر الجزيرة عنه شيئاً، رغم أن الوضع في قطر يعاني من غياب حرية الصحافة وعدم وجود نقابة للصحفيين وكذلك الحاجة لتغيير القوانين المنظمة لحرية الصحافة والإعلام. لقد أثبتت الأحداث العربية أن هناك فوضى إعلامية نجحت فيها العربية وبالذات في الأحداث المصرية بالتمسك بالقيم الصحفية من صدق وجرأة وإنصاف وتوازن واستقلالية ومصداقية وتنوع دون تغليب للاعتبارات التجارية أو السياسية على المهنية، وفشلت الأخرى.