أبدت غالبية المصريين، ولا سيما في مدن كالقاهرة والإسكندرية، انزعاجا من طريقة معالجة قناة الجزيرة لأحداث الثورة في مصر، وفضلوا أثناء الأحداث متابعة قنوات تلفزيونية تمدهم بالمعلومات على حساب كثافة عرض الآراء. ففي استطلاع خاص حول استخدامات ومتابعة وسائل الإعلام أثناء أحداث مصر التي أسقطت حكومة الرئيس مبارك خلال 18 يوما، تقلص متابعو «الجزيرة» إلى ربع المشاهدين (25 في المائة)، لصالح ثلثي المستطلعين المصريين الذين قالوا إنهم كانوا يعتمدون على قناة العربية (65 في المائة) لمتابعة أخبار مصر. وهدف الاستطلاع الذي أجراه مجلس أمناء البث التلفزيوني والإذاعي الأمريكي في وزارة الخارجية الأمريكية لتتبع أثر ووزن القنوات التابعة لهذا المجلس أي قناة الحرة وراديو سوا على الأحداث في مصر. الاستطلاع أجري هاتفيا وشمل عينة عشوائية تركزت في كل من القاهرة والإسكندرية، وذلك في الفترة ما بين الرابع والعاشر من شهر فبراير الجاري. ووفق الاستطلاع المذكور، فقد شهدت مصر سيطرة للتلفزة على باقي وسائل الإعلام، إذ قال 98 في المائة من المستطلعين إنهم اعتمدوا على التلفزيون كمصدر رئيس للأخبار، فيما كان ثلث المصريين فقط يتابعون الأخبار عبر الإنترنت، وهو عكس الانطباع السائد بطغيان الإنترنت. وكشفت نتائج الاستطلاع، اعتماد الأغلبية الساحقة على التلفزة لاستهلاك الأخبار، بينما اعتمد مستخدمو الإنترنت على الشبكة العنكبوتية لإرسال المعلومات ومتابعة الأخبار على حد سواء. وفي الموضوع الرئيس للاستطلاع، تركزت الأسئلة الموجهة للشريحة المستطلعة على ثلاث نقاط محورية: القناة التي يشاهدها المصريون أكثر من غيرها أثناء الأزمة، القناة التي يعتمدون عليها عادة، والقناة التي يعتبرون أخبارها الأكثر موثوقية وصدقية. ووفق هذه المعايير، احتلت قناة العربية المرتبة الأولى أثناء الأزمة في مصر (65 في المائة)، فقد بلغت نسبة متابعة المصريين لقناة العربية 44 في المائة، وبالنسبة للقناة الأكثر موثوقية وصدقية نالت العربية نسبة 42 في المائة. وبهذا اعتبر المصريون قناة العربية صاحبة الأخبار الأكثر موثوقية، يليها قناة مصر بصدقية حظيت برضى نحو ربع المستطلعين، فيما كانت المفاجأة بمقدار صدقية قناة الجزيرة التي جاءت في ذيل القائمة. وفسر خبراء إعلاميون أشرفوا على الاستطلاع سر خيبة أمل المصريين من «الجزيرة» لصالح «العربية»، وقالوا لطالما انحاز المصريون في مرحلة ما قبل الأحداث المصرية إلى وسائل إعلامهم الخاصة في متابعة الشأن العربي عموما، وعلى قناة الجزيرة في متابعة قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، أما التحول الذي جرى، فقد نتج أولا وفق الاستطلاع نفسه عن أسلوب عمل الجزيرة في تغطية أحداث مصر، والذي لم يراع حساسية المصريين من تلقي دروسا في الوطنية من غير المصريين، وثانيا من جراء ميل «الجزيرة» إلى استضافة محللين في أوج الأزمة، غالبيتهم من غير المصريين، وكان أبرزهم عزمي بشارة، الذي يعمل مستشارا في الديوان الأميري في قطر منذ أن غادر الناصرة في الجليل تاركا مقعده في الكنيست الإسرائيلي قبل نحو عامين. ويقدر القائمون على الاستطلاع أن المصريين خلال تسارع الأحداث والتطورات كانوا تواقين إلى المعلومات أكثر من توقهم إلى الآراء، وفي هذا تفوقت قناة العربية على الجزيرة لناحية كثافة المعلومات، فيما كانت الجزيرة غزيرة في الآراء. الجدير ذكره، أن إجابات الشريحة المستطلعة جاءت في ضوء تغطية قناتي العربية والجزيرة خلال فترة ما قبل حظر بث الجزيرة على قمر نايلسات في 30 يناير واستمر أسبوعا، ورأى القائمون على الاستطلاع أن نسبة الخطأ المحتملة في هذا الاستطلاع الذي أجري على عينة تتألف من 500 مصري في القاهرة والإسكندرية عبر الهاتف يقدر ب 4.5 في المائة.