تطرق كتاب الأعمدة بالصحف السعودية الصادرة اليوم الاثنين للكثير من الموضوعات على الساحة السعودية حيث تناول الكاتب بصحيفة عكاظ خالد السليمان ملف هيئة مكافحة الفساد وقال أنه يحسب لرئيسها انفتاحه على الإعلام وسعة صدره في تقبل النقد لكنه برأيي يواجه مشكلتين مع المجتمع، الأولى أن الحضور الإعلامي لنشاط هيئته كزبد البحر، كم بلا كيف، فحتى الآن لا يبدو أن الهيئة نجحت في وضع يدها على مكامن ومفاصل الفساد التي أصابت بعض الكروش بالتورم والأرصدة بالتضخم والوجاهة بالتجمل، في الوقت الذي بدت أعمالها كما لو أنها انشغال بعلاج البثور على استئصال الدمامل! علي سعد الموسى البحث عن فقير تتكاثف على هاتفي مع اقتراب موسم الشهر الفضيل بعض أسئلة الأصدقاء والأهل والمعارف من الفضلاء الذين يبحثون عن (فقير) أو محتاج، ولمثل هذه الأسئلة دلالاتها المختلفة. أولى الدلالات الواهمة الخادعة تقول إن العثور على فقير أو أسرة محتاجة في مجتمعنا أصبح مثل البحث عن (الباب) في لعبة المربعات المعروفة، وفي تصديق هذه الدلالة ضرب من الاستحالة. يصعقني مثلاً آخر الأسئلة من صديق حميم أعرف ارتباطه الشديد بالقاع المجتمعي وأعرف، قبل سنوات خلت، أواخر المساءات التي كان يأخذني فيها إلى قصص محزنة من واقع حياة بعض الأسر في هذه المدينة. كل تفسير المسألة أن صديقي الودود العطوف، ارتفع مع الطفرة المالية الأخيرة إلى سقف برجوازي فصله عن (القاع)، وقد قلت له بالمكشوف هذه الجملة بلغة واضحة. ثاني الدلالات، فيما اكتشفت، أن الإخوة الفضلاء من القادرين قد فقدوا الثقة في جمعيات ومؤسسات العمل الخيري المختلفة. بات لدى قطاع واسع من الجمهور (المالي) أن هذه الجمعيات صارت بمثابة تنظيمات مقفلة لا علاقة لها بحياة الفقراء، وصار لديهم قناعة بأن أفكار (الاستثمار) في هذه الجمعيات تتغلب على الهدف المباشر من أموال الجمعية الخيرية. بات لدى قطاع كبير من هؤلاء قناعة بأن هذه الجمعيات قد أخلت بتراتبية الأولوية في الآية الكريمة (إنما الصدقات…..) حتى بات هناك ألف سؤال وسؤال من أسئلة الشك حول المصير الأخير لأموال الزكاة والصدقة. الدلالة الثالثة لأسئلة البحث عن (فقير) ليست سوى أننا مجتمع من الاتكالية ومن التعالي في البحث المباشر عن هؤلاء: نصرف كل أيام العام مكتملة في البحث عن مصادر الأرباح فوق رأس المال، ولكننا لا نخصص ولو يوماً واحداً من الشهر في البحث عن مخارج الزكاة أو الصدقة. لكن المؤكد، ودائماً ما قلتها، أن الوصفة بسيطة وجاهزة: حاول من اليوم تدريب أفراد عائلتك على أن تكون جمعية خيرية بسيطة. ستأتيك الزوجة بالفقير الخامس بعد أيام من اكتشافها للأول. درب أطفالك كيف يلتقطون في مدارسهم، بكل هدوء واحترام، مشاعر أول طفل فقير ثم لاحظ كيف تتشابك الخيوط ليكتشفوا لك قصصاً مدهشة ومعقدة. لا تركن إلى مجرد الحساب البنكي في الإعلان لتدفع إلى من لا تعرف. صالح الحمادي فشخرة الفقراء أحدثكم عن المجتمع العسيري كنموذج صغير للمجتمع السعودي الكبير، وهو بطبيعة الحال مجتمع يندر فيه الأثرياء ولا يخلو من «فشخرة الفقراء»، أقدم لكم نماذج من أفراحه تصل فيها المظاهر الاجتماعية إلى «الفشخرة» نستجير بالله. في قاعة أفراح جمع صاحب الفرح كل من هب ودب وأحرج نفسه وقبيلته وهو يولم للضيوف خمسين خروفاً وحاشيين، كل من حضر انتقد المشهد بعنف ووصل للدعاء السلبي والبقية التزموا الصمت وغادروا على مضض، في قاعة أخرى يقفز متقاعد براتبه المتواضع إلى مصاف الأثرياء ليقدم لضيوفه ثمانية وثلاثين خروفاً لا يغطيها راتبه التقاعدي عدة سنوات مقبلة، وضمن ذات السياق يأتي مكابر بظاهرة جديدة وصلت إلى تقديم خمسة وعشرين خروفاً لضيوفه في ليلة عقد القران وليست ليلة الزفاف وانتهى مشهد « الفشخرة» بفشل مشروع الزواج قبل اكتمال الشهر الأول من ليلة المظاهر. أتصدقون أن عريساً طلب منه أبو الفتاة الاختصار والترشيد مراعاة لظروفه ولكن العريس أصر على الفرح في أكبر فندق في أبها وكلفه الحفل حوالي 400 ألف ريال اتضح فيما بعد أنها ديون وقروض، هذه صور مختصرة من مدينتي الصغيرة فماذا يحدث في مدن الأثرياء؟ إشهار الزواج وإعلان الأفراح والليالي الملاح سنن حميدة وجمع الأهل والأقارب يزيد من مساحة الألفة والمحبة، أما جمع الوفود والتوسل للناس لكي يحضروا الزفاف فهو دناءة فكر وانحطاط ذهن وسقوط عقل ومساحة كبيرة من التندر والسخرية شاء من شاء وأبى من أبى. خالد السليمان معركة الخير والشر ! يحسب لرئيس هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» محمد الشريف انفتاحه على الإعلام وسعة صدره في تقبل النقد، بالإضافة إلى ذلك فإنني لم أقابل اثنين يختلفان على نزاهته والإيمان بصدق نواياه في تحمل المسؤولية التي ألقيت على عاتقة! لكنه برأيي يواجه مشكلتين مع المجتمع، الأولى أن الحضور الإعلامي لنشاط هيئته كزبد البحر، كم بلا كيف، فحتى الآن لا يبدو أن الهيئة نجحت في وضع يدها على مكامن ومفاصل الفساد التي أصابت بعض الكروش بالتورم والأرصدة بالتضخم والوجاهة بالتجمل، في الوقت الذي بدت أعمالها كما لو أنها انشغال بعلاج البثور على استئصال الدمامل! المشكلة الثانية أن هناك أزمة ثقة بالهيئة عند شريحة من المجتمع، لا في جدية أدائها، وإنما في حقيقة قدرتها على إنجاز الأهداف التي أنشئت لأجلها، وعندما قابلته لأول مرة في مكتبه قلت له نفس ما كتبته تعليقا عند تأسيس الهيئة: ما لم تنجح الهيئة في اختراق الجدران السميكة وقفز الأسوار العالية، فإنها لن تكون أكثر من اسم جديد لمؤسسة حكومية على مبنى حكومي، فالفساد يقضي على آمال الأمم ويقيد نهضتها ويكبل تنميتها وينخر قواعد استقرارها! إن معركتنا يا سادة مع الفساد معركة شرسة لا نحتمل خسارتها؛ لأنها خسارة وطن وخسارة حاضروخسارة مستقبل، إنها معركة لا يجب أن نخسرها؛ لأنها معركة أمة ضد أفراد.. معركة مؤسسات ضد عصابات، إنها بكل اختصار معركة الخير والشر! رابط الخبر بصحيفة الوئام: أعمدة الرأي: البحث عن فقير في السعودية!