تحدث الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور طارق السويدان، في الحلقة السابقة عن ضرورة ان ينفرد أعضاء حزب حاكم بالسلطة بعد انتخابهم كي يتمكنوا من تنفيذ برنامجهم وتعدد الآراء مطلوب في التشريع والتخطيط وليس التنفيذ، مشيرا إلى ان الإسلاميين لم يعتادوا على الديموقراطية وان فكر الخلافة الإسلامية بالطريقة التقليدية ما زال يسيطر على تفكير بعضهم. وتوقع ألا تستقر دول الربيع العربي بعد 5 إلى 13 سنة وفق الرؤية التاريخية، لافتا إلى أن الإسلام لا يعرف شيئا اسمه الفرقة الناجية، والذي يحدد النجاة هو الله سبحانه. وفي هذه الحلقة في حواره مع صحيفة (الوطن) الكويتية يتحدث عن علاقة الإخوان بالإمارات وبالتنظيم الدولي وعن علاقته الخاصة بالجماعة. نص الحوار كاملا: قلت له: كم قضية في الشريعة الإسلامية مجمع عليها؟ - د. طارق السويدان: قليل جدا جدا جدا، وبالتالي فإن مساحة الحرية في اختيار الأمة لما تريده واسعة جدا. فالجانب السياسي كله اجتهادي وليس هناك قضية واحدة عليها إجماع، فالشورى فريضة في عموميتها لكن آلية تطبيقها متروكة للأمة، وكذلك قضية محاسبة الشعب للحاكم ومحاكمته قضية سياسية مجمع عليها، لكن كيفية تطبيق ذلك وبقية الجانب السياسي كله اجتهادي. والاجماع في الجانب الاقتصادي على قضايا محددة محدود جدا، كالزكاة والربا وبعض أحكام البيوع والبقية كلها متروكة للناس. لكن الإسلام ألقى بثقله كله في القضايا الأخلاقية لانه اذا فسدت الاخلاق انحطت الحضارات فرفض الزنا والسرقة والكذب ونحوها وهي أمور عليها إجماع من كل الاديان. إجماع مدني وكذلك عليها اجماع من كل القوى المدنية العلمانية وغيرها؟ - (ضاحكا) عذرا ليس كلهم.. فقد استمعت بنفسي إلى بعض العلمانيين يطالبون بإنشاء بيوت للدعارة في بلادنا الإسلامية. وبشكل عام فإن %99 من القضايا العامة متروكة في الشريعة الإسلامية لقرار الأمة وهي التي تفصل فيها. مبرر وجود الإسلاميين اذا كان %99 من قضايا الشريعة الإسلامية بشرية فما المبرر لوجود الإسلاميين وفيم الخلاف مع الليبراليين والعلمانيين الذين تغطيهم عباءة الإسلام الواسعة التي تحدثت عنها؟ - (ضاحكا) لذلك هم يصفونني «بالإسلامي الليبرالي». اذن لماذا شتت الإسلاميون الأمة ومزقوها وفرقوا شملها إلى إسلاميين وعلمانيين وغيرهم؟ - شوف. الإسلاميون بشر وناس من الناس ومن حقهم أن يطرحوا مشروعهم وأن تحاسبهم الشعوب على اطروحاتهم، فليس لهم أي قدسية ولا يجب ان ينتخبهم الناس لأن شعارهم او «شكلهم إسلامي»، وبالتالي فأنا قد أصوت لشخص بلا لحية او امرأة غير محجبة لأنهما يحملان فكرا صحيحا يخدم الأمة ومصالحها، فالتصويت لا يكون على الشكل وإنما على المحتوى، وما يطرحه الإسلاميون من مسائل لتطبيق الشريعة حددتها لك سلفا بأن نحو %99 منها بشري ومتروك لقرار الأمة، ونحن نريد أن نصلح الأمة بهذا التوجه الذي يجعل مبادئ الإسلام هي المرجعية الأخلاقية والتشريعية لكل الامور، لكن غيرنا قد يرى طريقا آخر للإصلاح، ولا يمكن وصف منهج الإسلاميين بانه إسلامي، ولا وصف غيرهم بانه غير إسلامي، كلها مناهج تهدف إلى مصلحة الناس وعلى الناخب أن يصوت للمنهج الذي يراه محققا للمصلحة وليس بناءً على المسميات أو الشعارات. لقد انتهت القداسة بصعود الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى. وعندما وقف عمر بن الخطاب ليقول اسمعوا واطيعوا، رد عليه سلمان الفارسي قائلاً: لا سمع ولا طاعة حتى تبين لنا من أين لك هذا! بل اكثر من هذا اقول للشعوب في الكويت ومصر وغيرها: لا تصوتوا لشخص إسلامي فقط لأنه يرفع شعارات الإسلام وشكله إسلامي، بل صوتوا للمحتوى الفكري الذي يحمله ولقدراته الفردية التي يمكن أن تساهم في بناء الدولة ومستقبلها. تفريق الأمة إذا كان الأمر هكذا فأنا مصر على سؤالي: لماذا فرقتم الأمة إلى إسلاميين وغير إسلاميين؟ - الأمة متعددة التوجهات والمناهج والاختلاف فيها ثراء للفكر، وانظر إلى اوروبا ففيها الأحزاب المسيحية على سبيل المثال.. فهل هذا تفريق للشعوب! هذه كلها أدوات للعمل السياسي، وتطوير الديموقراطية يقتضي تعدد الآراء واختلافاتها ووجود معارضة حقيقية، ويتبقى لنا كمصلحين أن نرشد الحكم والمعارضة معاً، فوجود الآراء والتوجهات أمر طبيعي بل ومحمود وليس تفرقة للأمة. هو والإخوان نظرت إلى د. طارق متأملا ثم قلت: متى ستترك الإخوان المسلمين؟ - ابتسم وقال: سألني أحد الوزراء في الخليج هذا السؤال فأجبته: هل الإخوان يشكلون فكري أم أن لي فكري الحر؟ بالطبع لي فكري الخاص والإخوان لا يشكلون فكري ولا يتدخلون في مشاريعي ولا يتخذون لي القرار بل لي دور رئيسي في تشكيل فكر شباب الإخوان وفي صناعة القرار داخل الجماعة.. وهذه منهجيتي وأفكاري احكموا عليَّ من خلالها. والسؤال العكسي: هل أستطيع أن أساهم بتغيير أفكار هذه الجماعة القوية أو أوثر فيها؟ والاجابة: نعم أستطيع وبرضاهم لأن الثقة متبادلة بيننا، فهل اتركهم وأنا يمكنني أن أحدث فيهم تغييرا منهجيا نحو الأفضل بموافقتهم واحترامنا المتبادل، وهذا من أدبهم وفضلهم ومرونتهم. صدام فكري لكنك تصطدم بما تطرحه من أفكار مع اطروحاتهم ومناهجهم وأنت مقيد تنظيميا بهم؟ - هذا صحيح.. فكري يصطدم مع فكر بعضهم لكنهم لا يقيدونني. لنعكس السؤال: كيف يتحملونك إذن؟ - (ضاحكا): أفتخر بانتمائي إليهم لأن لديهم إخلاصا ومرونة كي يتحملوا شخصا مثلي بكل أفكاره. وسأعطيك مثالا: ففي الوقت الذي كان الإخوان يرفضون تصويت المرأة وترشيحها، كنت أطرح علنا آراء عكس ذلك وهو أن من حق المرأة التصويت والترشح، وقد قبلوا ذلك مني، وهذا يدل على مرونتهم. هل تصطدم بهم كثيرا؟ - اييييه!! كثيرا جدا. وهذا جمال العلاقة بيننا التي تقوم على الاحترام والتقدير والود، والثقة المتبادلة أننا جميعاً مخلصون لأمتنا، وإننا كلنا نحمل فكر الإسلام الوسطي المعتدل، فإن اختلفنا في الاجتهادات فلا يؤثر ذلك على احترامنا وثقتنا ببعضنا، وهذه مرونة منهم تجعلني أعتز بهم. ليبرالية متدينة أنت تطرح ما يمكن وصفه بليبرالية متدينة والإخوان أعداء لليبرالية وقد هاجموك كثيرا علنا أخيرا فلماذا تصبر عليهم؟ - ولماذا لا اصبر!! أنا تربيت على أيديهم وهم أصحاب فضل عليّ في رعايتي منذ أن كنت شابا، فمن باب الأدب والوفاء أن أصبر على الاختلاف معهم. وانا اتساءل (بضحك) دائما: إلى أي مدى سيصبرون عليّ؟ والحقيقة أن الإخوان الآن هم القوة الرئيسية في الميدان فمن يستطيع أن يشكل التوجه الجديد في الإخوان ويدفعهم إلى الامام؟ هل تستطيع أنت او الأحزاب الأخرى او الحكام والوزراء؟ الذي يستطيع تشكيل هذا الفكر هم القيادات التي من بينهم والتي تحمل الرأي الآخر الذي يعارضونه لكنهم يحترمونه. ولذلك فأنا أحيي الإخوان على مرونتهم معي وكذلك صبرهم على مخالفتي لبعض أفكارهم، وأؤكد أني أحمل هم الأمة وهو أكبر من كل جماعة أو فرد، فلنتعاون جميعاً لنهضة أمتنا، ونتحمل الاجتهادات لأجل ذلك. أضرار ما الاضرار التي عادت عليك من انتمائك إلى الإخوان المسلمين؟ - انا لا أقيد فكريا ولا حركيا ولا في مشروعاتي ولا يملي أحد عليّ شيئا. لكنك تدفع ثمن أخطائهم؟ - لا أدفع ثمن اخطائهم ولكني انتقدها كما يفعل الاخرون، والناس تحترمني وتحترمهم أكثر عندما تسمع مني ذلك. وسؤالي هذا اوجهه لك وللحكومات وللإخوان: هل الافضل وجود معارضة محترمة داخل الإخوان أم لا؟ أنا أحاول أن أمثل هذه المعارضة البناءة داخل الإخوان وهم يحترمون طرحي. طرد من الجماعة ماذا لو ضاقوا بك وطردوك من الجماعة؟ - لن يطردوني لأنني وهم كذلك أكثر وفاء وأخلاقاً من أن نفعل هذا، وما دام كلانا نعلم أننا مخلصون لأمتنا وديننا فسيصبح اختلافنا مجرد اختلاف في وجهات النظر. والحقيقة انني سأحتقر نفسي لو لم ارتبط بهم، فهم الذين ربوني وحموني من الفساد ولهم دين أخلاقي في عنقي، ولا أنبذ من له فضل عليّ، كما أن فكر الإخوان فكر وسطي معتدل ليس فيه خلل جذري وإنما الإشكالية في التنفيذ وهي قابلة للتعديل والنقد. أخطاء الجماعة ما أهم أخطاء الإخوان المسلمين من وجهة نظرك؟ - أهم أخطاء بعضهم انهم لم يعتادوا بعد على الديموقراطية الحقيقية للأمة، وما زال بعضهم يتصور أن من ليس معي فهو ضدي، ومن أخطاء بعضهم كذلك أن بعضهم لم يتصور بعد البعد الفكري للحرية لذلك هاجموني عند طرحي لها. وبعضهم يخطئ كذلك عندما لم يستوعبوا بعد أن الإسلام لا ينتعش إلا في الدولة المدنية وليس الدينية، ولذلك فدورنا أن نصحح هذه المفاهيم ونزرع الفكر الصحيح في الجيل الجديد من الجماعة، وهو دوري الذي أقوم به من خلال أدوات التربية والإعلام والتعليم والكتب والأشرطة والانترنت وغيرها. الإخوان الجدد تقصد أنك تصنع ما يمكن تسميته بالإخوان الجدد؟ - لا.. لا ليس هذا، وإنما أسعى إلى عودة الإخوان المسلمين إلى المنهج الفكري الوسطي للإسلام والمنهج الاصيل للإخوان، كما هو في أدبياتهم الأساسية. منع دعاة خليجيين تونس منعت 8 دعاة خليجيين من دخول أراضيها فهل أنت منهم؟ - لا لا.. بالعكس فقد زرت تونس منذ شهرين وعلاقتي بهذا البلد العربي المسلم وثيقة سواء مع الشعب الراقي أو أعضاء الحكومة ومسؤوليها. العلاقات مع الإمارات لكنك ممنوع من دخول الإمارات؟ - كل الإسلاميين ممنوعون من دخول الإمارات ما عدا الصوفية، وحتى الداعية عمرو خالد لا يستطيع دخول الإمارات على الرغم من انه صاحب حزب سياسي بعيد عن الإخوان. هناك «وهم كبير» لدى المسؤولين في الإمارات بأن الإسلاميين يتآمرون ضدهم، ونرجو أن يزول هذا التشنج في الموقف من الإسلاميين، فنحن ما زلنا نحب الإمارات ونقدر أن شعبها صاحب كرم وجود وأخلاق صافية، وهم أناس أصيلون محبون للإسلام ومعتزون بالعروبة ونفوسهم صافية وراقية. إذا كانت الإمارات كريمة إلى هذا الحد فلماذا تتآمرون عليها وعلى شعبها؟ - لم نتآمر عليها أبداً وهذا وهم كبير، لكن المخابرات المصرية التقليدية لعبت دورا خطيراً في زرع الخوف من الإخوان في الإمارات. كانت هناك مشكلة بين الإخوان والنظام في مصر فنقلوها إلى كل الخليج، لكن نحن ليس لدينا أي مشكلة مع حكامنا في الخليج، ولا نؤمن بالفكر الإنقلابي ونرفض العنف بكل صوره وأشكاله، وندعو إلى الحوار والتفاهم، ونسعى إلى التطوير بالأسلوب السلمي من داخل الانظمة وليس من خارجها. هذه معادلتنا وتاريخنا يشهد بهذا ولا سابقة لنا في العنف، والإخوان نفوا اي مشاركة لهم في أحداث العنف التي وقعت في الخمسينيات من القرن الماضي، ولم يتهمهم حتى خصومهم بالعنف منذ ذلك الوقت. وانا شخصيا مستعد للجلوس مع أي مسؤول أمني أو مخابراتي وأعطيهم كل المعلومات التي يريدونها فليس عندنا أي أسرار، ولا استثني من هذا الفريق ضاحي خلفان، لأنه ليس من مصلحة بلادنا في الخليج أو العالم العربي والإسلامي أن نعيش في تشنج سياسي قائم على الوهم وعلى مخاوف لا علاقة لها بنا، ولذا نحن نمد أيدينا للصلح والسلام، والتعاون مع الأخوة في الإمارات وأن نطوي صفحة الماضي، والإخوان في سلطنة عمان سجنوا ثم أطلق سراحهم عندما ثبتت براءتهم واليوم لم احترامهم الشخصي والتجاري والحكومة تتعامل معهم كأفراد بثقة وزال التشنج والحمد لله، هناك سوء فهم لدى المسؤولين في الإمارات ونحن مستعدون لأن نكشف كل اوراقنا امام اي جهة، ونرجو أن يكون الطرف الثاني مستعدا لفتح صفحة جديدة قائمة على الشفافية والاحترام المتبادل، نحن نحب الإمارات بكل صدق ويسعدنا رقيها ونتشرف بالتنمية الرائعة التي فيها. تنظيم إرهابي. الأمن الإماراتي ضبط تنظيماً اخوانياً يتآمر على الإمارات ويحاكم أمام القضاء كما تعلم؟ - انا اعرف ما يسمى بأعضاء التنظيم الإخواني في الإمارات فردا فردا، وأعلم انهم ليسوا انقلابيين ولا متآمرين، وأقسم امام الله تعالى وامام الناس ان هذا الموضوع وهم كبير ولا توجد أي مؤامرة، والقضاء النزيه سيثبت هذا بإذن الله قريباً، وتعود العلاقات طبيعية، وتنتهي سحابة الصيف هذه، ونطوي صفحة الماضي ونساهم جميعاً في استقرار دولنا ونهضتها ورقيها في ظل الإسلام الحنيف والشريعة السمحاء. التنظيم الدولي هل انت عضو في التنظيم الدولي للاخوان؟ - كل أفرع الإخوان في العالم ينتمون إلى الجماعة، والسؤال هو: هل يوجد بالفعل تنظيم دولي للإخوان؟ الجواب: هناك مسمى اسمه التنظيم الدولي لكنه لا يصدر قرارات لإخوان الكويت مثلا ولا يقول لهم: افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا، والله الذي لا اله الا هو هذا لا يحدث، والا فهل سيعرف اخوان مصر احوال الكويت اكثر مني؟ وأي عقلية ستقبل أن تصدر إليها الأوامر والتوجيهات فتنفذ وتطيع طاعة عمياء!! نحن نحترم عقولنا ولسنا من تحركها الأيادي الخارجية. علاقة متجمدة لكن هناك تنظيما أمميا يجتمع لمناقشة أحوال الإخوان ويصدر التوجيهات ويحدد المواقف حتى لفرع الجماعة في الكويت؟ - علاقة الجماعة في الكويت بالتنظيم العالمي للاخوان متجمدة منذ الغزو العراقي للكويت، وأنا نصحت الإخوان في العالم بان يلغوا هذا التنظيم لأنه مصدر الخوف والرعب من الإخوان دون ان يكون له تأثير فعلي. ولاء إخوان الكويت للجماعة فكري وروحي لكنه ليس تنظيميا، ولا يمكن لأناس مثلنا من أصحاب العقول في الكويت أن يقبلوا بان تصدر اليهم الاوامر من مصر أو غيرها!. ثروات هائلة انتم – اي الإخوان – في الكويت والخليج اصبحتم اصحاب ثروات هائلة جمعتموها من... (مقاطعا وضاحكا).. والله انا أبحث عن قرض لإعادة بناء بيتي، على كل حال هذا وهم كبير. الكثيرون ومنهم د. شملان العيسى يقولون انكم استوليتم على ثروات البلاد وسخرتموها لمشاريعكم في الإخوان المسلمين فما ردك؟ - فليقولوا ما شاءوا.. والمعادلة في النهاية هي حسابات البنوك والثروات الشخصية، وانا مستعد للكشف عن أملاكي وهي قليلة جداً بشرط أن يكشف من يهاجمني عن ثروته كذلك. وبقية أعضاء الجماعة؟ - الكل كذلك وأنا اعرفهم فردا فردا، والبينة على من ادعى واليمين على من انكر، وأنا اقسم بالله العظيم أن الإخوان لم يستفيدوا فلسا واحدا من أموال الدولة في الكويت أو في أي دولة خليجية، وأي شخص من الإخوان أو غيرهم يحصل على فلس واحد بدون وجه حق فهو يستحق قطع اليد، هذه سرقة، والأموال العامة لا تقل حرمة عندي عن الأموال الخاصة، والله تعالى سيحاسب الجميع عن مالهم من أين اكتسبوه وفيم أنفقوه، فليتقوا الله الرقيب سبحانه. مناقصات ومشروعات انتم تغلغلتم في مفاصل الدولة وحصلتم على مناقصات ومشروعات أثرتكم وحولتكم إلى مليونيرات؟ - هذا غير صحيح، وبالنسبة لي شخصياً فلم احصل على مشروع واحد من الدولة، وحتى في شركات التدريب الخاصة بي لم أحصل على مناقصة تدريبية واحدة من الدولة، هناك من قالوا علي كلاما كثيرا وتحدوني أن اكشف حجم ثروتي، وزعموا أنني اقف خلف كل الانشطة الخاصة بالإخوان، وأقسم بالله العظيم أن هذا كله افتراء، وكلنا مستعدون للكشف عن ثرواتنا بشرط أن يفعل ذلك الجميع، أنا لست موظفا في الدولة كي أقدم إقرارا للذمة المالية ومع ذلك فأنا مستعد لذلك، وآتحدى أن يثبت احد انني اخذت فلسا واحدا من أي دولة، لا من قطر ولا غيرها كما زعموا وأشاعوا. تمويل اخوان مصر هناك من يؤكد أنكم أحد الممولين الرئيسيين لاخوان مصر؟ - يا رجل! فلنمول انفسنا أولا! لابد من التفريق بين ميزانية حركة الإخوان المسلمين وبين التجار الذين هم احرار في اتخاذ القرارات التي يرونها وفي التصرف بأموالهم. فعندما يأتي المحسن العظيم أبو بدر عبدالله العلي المطوع رحمة الله عليه ويمول المشاريع الإسلامية في العالم كله وبعضها قد يكون تابعا للإخوان، فهو حر في ماله، والإخوان ليسوا حركة غنية حتى يعولوا غيرهم، بل هم يعانون حتى يمولوا مرشحيهم في الانتخابات وأنا شهيد على ذلك، وعموما لا أدري، فلعل هناك تمويل للخارج من بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى الإخوان، إما حركة الإخوان فالزعم بأنها تمول الإخوان في الخارج وهم أيضاً. ألا ترى ان الاسلاميين تراجعوا انتخابيا وشعبياً في الكويت خلال الفترة الماضية؟ - العمل الاسلامي فيه إشكال كبير. هناك فرق بين الاسلام وبين العمل والعاملين الاسلاميين. فالاسلام دين شامل لكل مناحي الحياة. لكن هذا لا يعني أبدا أن تصبح المنظمات والجماعات الإسلامية شاملة كالاسلام، بمعنى أن تصبح الجماعة مثل الإخوان شاملة للإعلام والقانون والسياسة والتربية وكل شيء. هذا لا يجوز وهذه معادلة خاطئة. الإسلام دين شامل ولكي تتحول شموليته إلى واقع فلابد من منظمات متخصصة لكل مجال. فالذي يعمل بالاعلام لا يعمل بالسياسة والذي يجمع التبرعات لا يجوز أن يعمل مستثمراً وهكذا. الخلل الكبير راجع إلى أن الحركة الاسلامية تريد ان تفعل كل شيء من خلال مجلس شورى واحد، يدير السياسة والاستثمار والتربية وغيرها. وكأنهم رجال خارقون. والحل في رأيي أن تتفكك جماعة الاخوان المسلمين الى مجموعة من المنظمات الرسمية والقانونية المتخصصة المستقلة، وأنا من دعاة الا يعمل الاخوان المسلمون بل وكل الاسلاميين بالسياسة، وليتركوها لأهلها. وقد تنفصل مجموعة وتشكل حزبا سياسياً لكن بشرط ألا يتدخل مجلس شورى الاخوان في أي من قراراته. ومن الخلل الذي كان يحدث في الكويت أن جماعة الإخوان والحركة الدستورية الاسلامية «حدس» كان بينهما شيء من الاندماج، وكنت دوماً معارضاً لذلك واليوم توصلوا إلى معادلة صحيحة وهي الاستقلال عن بعضهما بعضا، وهذا تقدم جيد رغم أنه تأخر كثيرا. بل أكثر من هذا فإنني ادعو الى حل الحزب الذي يمثل الاخوان. لماذا وكيف؟ - لانني لا أريد أن يدخل الإخوان في منافسة مع الشعب، وهناك الكثيرون من أهل السياسة الذين يحملون نفس أفكارنا فلماذا نشكل حزبا منفردا! ولماذا بالضرورة أن نكون المسؤولين عن هذا الحزب، فليتشكل حزب مثلا اسمه حزب المحافظين ويدخل فيه الجميع من المؤمنين بمرجعية الاسلام وغيرهم من الحريصين على أخلاق المجتمع، ويكون الاخوان جزءا منه كأفراد وليس كتنظيم، لابد من حل العمل الحركي السياسي الاسلامي وتحوله الى العمل الدعوي فقط، وليتركوا العمل السياسي لأهله، واقول لهم: لا تنافسوا الناس في أرزاقهم ولا في سياساتهم. التفرغ للدعوة أنت تدعو حركات الإسلام السياسي وجماعاته إلى ترك العمل السياسي والتفرغ للدعوة والتربية اذا؟ - بالطبع هذا ما أرجوه اسعى وأدعو إليه دائما، فالعمل السياسي يجعل لك خصوما وهو ما يؤثر في صورة الإسلام ذاته، أقول هذا ليس من باب أن العمل السياسي ليس نظيفا بل إنني اؤكد ان هناك سياسيين طيبين ونظيفين وشرفاء، ولكن لأن التنافس مع الآخرين ينعكس سلبا على الدعوة الاسلامية وعلى العمل الخيري والإغاثي، وهذا خطأ جسيم، والأسلم أن ينفصل كل شيء عن بعضه وأن يبتعد الاسلاميون عن العمل السياسي فعندما أنشئ مدرسة مثلاً لا يجوز أن ابث افكاري السياسية فيها، لأن الناس يأتمنونني على اولادهم كي أعلمهم واربيهم لا أن أجندهم في تنظيمي، وهذا الخلط بين المجالات هو أهم اسباب تراجع الإسلاميين، ولذلك أقود هذا التوجه بقوة وهو تفكيك الإخوان الى منظمات رسمية متخصصة مستقلة عن بعضها بعضا تماما وان نترك العمل السياسي تماما، الاخوان – واؤكد – لابد أن يخرجوا من العمل السياسي ويتركوه لأهله السياسيين وفيهم الكثير من الشرفاء والأنقياء والمتدينين الذين يحبون الإسلام مثلنا واكثر منا، لماذا نعتبر الإسلام حكرا على الإخوان المسلمين! الإسلام جاء للعالمين وليس للإخوان، وإذا افترضنا أننا افضل من الناس فسندخل في معادلة منفرة مسيئة للجميع، فليترك الإخوان السياسة للناس وليعلنوا حل الأحزاب التي تمثلهم وليخرجوا من الساحة السياسية تماما، أنا ضد أن يشارك الاخوان في انتخابات سياسية أو تعاونية، فلا يدخلوا في منافسة الناس في أرزاقهم، وإلا سيكره بعض الناس الإسلام نفسه لأنهم لا يفرقون بين الإسلام والمسلمين. انتماء ولكن هل انت متأكد من أنك تنتمي لجماعة الاخوان المسلمين؟ - (ضاحكا) نعم انتمي اليهم لكن بطريقتي! كيف ذلك وأنت تنسف الوجود الإخواني تماما على الساحة؟ - لا أنسفه ولعلمك فان إخواني في الحركة الاسلامية يحترمون آرائي رغم معارضتهم لها. ولو شعرت بأنهم يقيدون فكري فسأتركهم فورا. فالفكر عندي مقدم بقوة على التنظيم. الحراك في الكويت في اطار ما تقوله: ألا ترى معي ان الاخوان مسؤولون عن هذا الحراك السياسي الذي يقلق الكويت ويمنع استقرارها؟ - الحقيقة أنني لست متابعا بالتفصيل لما يحدث في الكويت لانشغالاتي وكثرة أسفاري، وما أعرفه عن يقين أن الإخوان هم جزء من الحراك لكن القرار في هذا الحراك ليس ملكا للإخوان، وانما هو قرار جماعي تشارك فيه كل التيارات، وكنت عندما اعتب عليهم في بعض الامور يردون: نحن جزء من الحراك ولا نتحكم فيه، والحقيقة أن الكويت فيها نظام دستوري محكم، وفصل واضح بين السلطات وضعه الفقيه الدستوري العظيم عبدالرزاق السنهوري رحمه الله وتبناه الشيخ عبدالله السالم رحمة الله عليه، وتم هذا بكل أريحية وبدون أي حراك أو ثورات او انتفاضات مما جعلنا نعيش ربيعا دائما. لكننا نعيش هذه الايام في خضم عدم استقرار سياسي واضح، لذا ارجو من الجميع معارضة وحكومة الالتزام بما توصلت اليه المحكمة الدستورية أخيرا لإنهاء هذا الصراع، والمشاركة في الانتخابات على أساس حكمها الاخير وأدعو البرلمان القادم لعدم تحصين الصوت الواحد لأجل جمع الكلمة وإنهاء حالة التوتر السياسي. الكويت تعطلت التنمية فيها ليس بسبب مجلس الامة فحسب وانما نتيجة للحكومة غير المتجانسة. فمن الخطأ الجسيم أن تتشكل الحكومة «بخلطة» من الإخوان والسلفيين والقبائل والتجار والشعية وغيرهم، فحكومة كهذه لا يمكنها أن تقود تنمية أو تصنع تطورا. ولذلك فأنا أدعو بشدة إلى اعادة النظر في التشكيل الحكومي. والأسلم ان تكون حكومة «تكنوقراط» وليس محاصصة سياسية أو فكرية أو قبلية او مذهبية، أو حكومة تمثل أغلبية في مجلس الأمة حتى يتجانس المجلس مع الحكومة ولا يتشاكسان. وكما يقول اينشتاين: «لن نستطيع أن نحل المشاكل المزمنة التي تواجهنا بنفس العقلية التي أوجدت تلك المشاكل» ويقول أيضا: «السذاجة أن نعمل نفس الأمور بنفس الطريقة ثم نتوقع نتائج مختلفة». وبالتالي فلن نخرج من أزمتنا الحالية بنفس الطريقة التي صنعناها بها . فالأفضل تشكيل حكومة أغلبية وإذا لم نستطع فالأسلم حكومة تكنوقراط متخصصين. أسرة سعيدة لننتقل الى موضوع آخر أسلم وأهدأ: ماذا عن اسرتك؟ - لقد أكرمني الله بزوجة صالحة صاحبة فكر وتمتلك قدرة قيادية وانا أؤمن بشدة بالمرأة القيادية. ولدى أم محمد شركة صغيرة تديرها وتدير 3 حضانات تابعة لها وتشارك في العمل الخيري بالتدريب القيادي للفتيات. والحقيقة أن أي انجاز في تربيتي لاولادي فالفضل الأكبر فيه هو للأستاذة بثينة أم محمد الغالية وإذا كان لها من دور في حياتنا فلأم محمد %80 وانا العشرين في المائة الباقية. زوجة واحدة كيف تتعامل مع زوجتك أم محمد؟ - (ضاحكا) بداية فلابد ان تعلم انني «موحد» ولا اؤمن «بالشرك الاجتماعي» اي أؤمن بالزوجة الواحدة ولي نظرة شرعية في مسألة التعدد حيث لا يجوز إلا أن يبنى على العدل والمساواة والإنصاف وإلا فلا. لقد تزوجنا عام 1976 أي منذ نحو 37 سنة من الود والتراحم، ومازال الحب بنفس الدرجة، ولا توجد بيننا أي مشاكل والحمد والفضل لله، والاحترام والدعم بيننا متبادل، فأنا ادعمها في مشاريعها وهي كذلك فالمرأة لها دور في المجتمع والحياة، وهي تتبادل الحب كذلك مع أمي الغالية (أم طارق) التي هي صاحبة الفضل الأكبر بعد الله تعالى في تربيتي وأي نجاحات لي. رومانسية هل مازلت على نفس الدرجة من الرومانسية مع أم محمد أي تقول لها كلمات الحب والغرام؟ - يومياً، ولا يمكن أن يمر يوم بدون هذه المشاعر الرومانسية. والحقيقة ان أم محمد تستحق أكثر من هذا فقد شاركتني في السراء والضراء، وصبرت علي كثيراً في الفترات التي عانينا فيها من الأزمة المالية، ونحن متفاهمان على توزيع الأدوار في الاسرة، بحيث لا أتدخل في القضايا المسؤولة عنها وهي ايضا، ولا يمكن ان نختلف أمام الاولاد ابدا، وقد ضحت كثيراً من أجلي ومن أجل أولادي، فعلاقتي بها هي علاقة حب ووفاء. وماذا عن أولادك؟ - عندي 6 اولاد ثلاث بنات وثلاثة ذكور وبفضل الله عز وجل فكلهم متميزون وملتزمون إسلاميا وقد ربيناهم على شيء أساسي وهو أن تكون لهم شخصياتهم المستقلة حتى عنا وحتى لو أخطأوا أو خالفونا. هل ينتمي أحد منهم إلى جماعة الإخوان المسلمين؟ - رسميا لا ينتمي أحد منهم إلى الاخوان، وعلاقاتهم جيدة مع الجميع من إسلاميين وغيرهم من العلمانيين والليبراليين والشيعة وغيرهم، وقد اخذوا عني أنني لا أكن عدائية لأحد، كما أن دراستهم في مدارس متطورة تجمع كل الأطياف غرست فيهم روح التسامح والتواصل، وثمة شيء مهم حرصت عليه وهو أن يتقنوا اللغة الانجليزية إتقانا تاما كأهلها وبلا أي لكنات، وهو ما فتح أمامهم أبواب العلم، فأكثر من %80 من الأبحاث العلمية في العالم باللغة الانجليزية و%20 بجميع اللغات العالمية الأخرى. والحمد لله فقد تلقوا تعليمهم العالي بأرقى الجامعات ولم أتدخل في اختيارهم لتخصصاتهم العلمية، فمحمد طبيب نفسي، وميسون شاعرة ومتخصصة في الفلسفة، ومهند في الاقتصاد السياسي ومنتهى في إدارة الاعمال، ومفاز في الكتابة الابداعية واصغرهم مؤيد يريد أن يدرس القانون التجاري الدولي. شعر ميسون ما رأيك في شعر ابنتك ميسون؟ - أغرب شيء ان ميسون لم تتعلم الشعر في العالم العربي بل تعلمت بحور الشعر العربي في جامعة جورج تاون بواشنطن، ويبدو أن هذا وافق ملكة لديها، وكل اولادي والحمد لله يتقنون العربية أيضا كالانجليزية، لكن ثمة شيئاً خاصاً يميز ميسون كشاعرة وهو أنها تمتلك ثلاثة تخصصات علمية فقد حصلت على ما يوازي الماجستير في الدراسات الاسلامية من الازهر، وحصلت على الماجستير في الفلسفة الاسلامية من الجامعة الامريكيةبالقاهرة، وحاليا تنهي ماجستير ثالثة في الفلسفة الغربية من جامعة Tufts في بوسطن. وكل ذلك انعكس في شعرها. ولذلك فإن من يقرأ شعر ميسون، بالاضافة الى رقيه الأدبي، سيجد عمقا شديدا لأن وراءه فلسفة وفكراً. كم عمر ميسون الآن؟ - حوالي الثلاثين. وهل تزوجت؟ - لا، وهي التي اخذت القرار بتأخير الزواج فنحن لا نفرض شيئا على أولادنا، فمن الأخطاء التربوية الشديدة أن بعض الآباء والامهات يتعاملون «برق» الابناء وليس ببرهم، أي يستعبدونهم، فهناك آباء وأمهات يحددون لأولادهم التخصصات ومتى يتزوجون ويتدخلون في حياتهم بداية من أسمائهم الى أسماء اولادهم. صالون أدبي ميسون أنشأت صالونا أدبياً في مصر يلتقي فيه الشعراء ألم تعترض على هذه الخطوة؟ - ولماذا اعترض؟ أنا أتعامل مع أولادي بقيد واحد فقط وهو قيد الشريعة وإذا وقعت أخطاء أنبههم فحسب، ولكن من منا لا يخطئ وحتى الأخطاء فهي في الصغائر وليس الكبائر والحمد لله. وأنا حريص على أن يضرب اولادي – خصوصاً البنات – المثل للمرأة العربية المتقدمة الملتزمة التي تشارك في الحضارة وقيادة الأمة. لكن هناك من يهاجم ميسون بشدة على تويتر؟ - ستضحك من هذه الحكاية التي سأحكيها لك، فقد كتب أحدهم على تويتر يقول لميسون: ما دخلك انت بالسياسة والشعر.. انت امرأة مكانها المطبخ. فردت رداً انتشر كالنار في الهشيم قالت فيه: أنا احمل بكالوريوس علاقات دولية من جورج تاون ودبلوم دراسات إسلامية من الأزهر وماجستير في الفلسفة الإسلامية من الجامعة الأمريكية في القاهرة وانهي ماجستير الفلسفة الغربية من بوسطن واستاذي هو تشونميسكي العظيم فأنت الذي مكانك المطبخ. هجوم هناك من يهاجمونك بقسوة على آراء ميسون المنفتحة وردودها القاسية على البعض؟ - عندنا مبدأ في هذه المسألة وهو ألا ترد على الاساءة بالاساءة، وعموما فانت لا يمكن أن ترضي الجميع، ومن الطبيعي أن يهاجمني الناس لأنني اسعى إلى التغيير وبفكر جديد، ولدي معادلة مهمة وهي الإنصاف، فالإمارات على سبيل المثال دولة متطورة جداً وفيها تنمية راقية وتقدم ممتاز حتى أن ترتيبها في التنافسية العالمية وصل الى رقم 14 على مستوى العالم، ولذلك احييها على هذا ونفتخر بنتائجها وتقدمها، وانتقدها في نفس الوقت على معاملتها للاسلاميين بناءً على ظنون وأوهام. ومن هنا فأنا لست راضيا فحسب عن أولادي بل أتشرف بهم، وميسون بنت راقية وملتزمة ومحجبة درست العلوم الشرعية على يد د. علي جمعة ود. أحمد الطيب وكبار العلماء وأخذت الشعر من أساتذته ونقاده الكبار مثل أحمد عبدالمعطي حجازي وغيره وهناك سؤال بسيط أطرحه: هل تستطيع ميسون ان تحصل على هذا العلم في الكويت؟ الاجابة: لا. فهذا المستوى من العلم لا يوجد إلا في مصر، وكما أرسلت ابني محمد الى كندا وأمريكا ليدرس الطب النفسي، تركت لميسون حرية التحصيل العلمي حسب التخصص الذي ارتضته لنفسها في أرقى مكان في مجالها. حتى لو أقامت وحدها في القاهرة؟ - ليس عندي اي مشكلة لا اجتماعية ولا شرعية في ذلك. وما تطرحونه من ضرورة وجود محرم مع الفتاة أو المرأة؟ - المحرم في السفر وليس في الإقامة.. ولو أن احد المتشددين سافر مع زوجته الى أبها وتركها في شقة وذهب الى مكة.. فهل بقاؤها في ابها حرام؟! فالحرمة عند من يحرمها في السفر إذا تجاوز يوماً وليلة، وهذا غير حاصل معنا. ميسون شاعرة من الطراز الأول ولدينا فرصة ان نخرج للأمة – التي تعد الشاعرات فيها على الأصابع – شاعرة عظيمة فكيف نضيعها؟. آراء صادمة ولكن لها آراء دينية صادمة؟ - هي تدرس فلسفة وشريعة وتفهم ما تقول وتعي تماماً أنها لا تخرج عن دينها، وكون البعض يحمل آراء تقليدية وبلا عمق فهذه ليست مشكلتي ولا مشكلة ابنتي. لقد كتبت تغريدة على تويتر كفرها البعض بها؟ - لهذه التغريدة قصة تحتاج إلى توضيح حيث كنا في مكة وكانت ميسون معتكفة في الحرم الشريف، وجاء وقت المغرب ولم تحضر ميسون من الحرم لتفطر معنا، فأرسل اليها زوج ابنتي رسالة يسألها اين انت؟ فكتبت مازحة على تويتر هذه التغريدة: «بحثت عن الله في الحرم فلم أجده، فهمت بشوارع مكة أبحث عنه». وهذا أصله بيت من شعر جلال الدين الرومي، فأرسل لها زوج اختها ان تلغي هذه التغريدة لانها ستفهم بشكل خاطئ. ولكن للأسف خلال 3 دقائق اشتعل تويتر بالتغريدة وهاجموها على الرغم من أن هذا الكلام لجلال الدين الرومي، وأنها كانت معتكفة في الحرم في رحب الله عز وجل. ثم كفروها وكفروني. ولأن ميسون شاعرة تتميز كالشعراء بالعاطفة الجياشة فكتبت تغريدات شديدة تحت عنوان «ويل للمكفرين». حرية فكرية هل تراجعت عن مفهومك للحرية الفكرية فيما يخص حق الاعتراض على الله ورسوله التي أثرتها من قبل؟ - لا لا لم أتراجع لأني لم أقل بجواز الاعتراض على الله أصلاً بل قلت لا مشكلة عندي في سماع ذلك الاعتراض، لكن دعني اوضحها مرةٍ اخرى: اذا اعترض مسلم على حكم شرعي مجمع عليه فهو كافر طبعاً ولكني اتساءل: إذا كان هناك شخص لديه شبهات أو اعتراضات من هذا النوع فهل من حقه أن يبديها أم يجب عليه أن يكتمها؟ والاجابة واضحة لدي: ليس عندي أي مشكلة في أن يبديها ويطرحها علنا كي نصححها له، وهو ما أقصده بضرورة إظهار الاعتراض على الله ورسوله في هذا الاطار وهو اخراج الشخص المعترض من الشبهة. لأنه اذا تكلم بها فسيحكم عليه بالقتل باسم الردة واذا ابقاها في رأسه فهو كافر عندهم، وفي الحالتين سنأثم اذا تركناه على ما هو فيه أو كفرناه به، ودورنا كمفكرين أن نستوعب مثل هذا الاعتراض، ونعين صاحبه على الخروج منه. فلا يجوز الاعتراض على الله ورسوله لأنه كفر، وكذلك لا يجوز منع الناس من السؤال حتى لو كان فيه اعتراض على الله ورسوله، فأين الخطأ في هذا الكلام؟! إلى ماذا تستمع الآن؟ - انا مشغول جدا ولذلك لا أجد وقتا للاستماع. لكن في سيارتي لا يوجد الا قناة اخبار واسطوانات للقارئ الرائع مشاري العفاسي حفظه الله تعالى. ماذا يجذبك الى مشاري؟ - من بين كل المقرئين فالوحيد الذي استمع اليه هو مشاري العفاسي. فلديه قدرة على إظهار جمال القرآن بصوته وبأدائه وبمشاعره الجياشة التي تنعكس على قلبك بما يوحيه القرآن، وهذه الخلطة نادرة. هل تريد ان تختم كلامك بأي شيء؟ - نعم انا متفائل بشدة فالامة الاسلامية التي كانت في حالة هبوط طوال الاربعمائة سنة الماضية، أراها الآن تأخذ طريقها للصعود. نحن في منعطف تاريخي لا يراه معظم الناس لكني أراه بوضوح. والصورة الشاملة توحي بالنهوض والاستيقاظ، واحداث التغيير السلمي والحضاري يقع على كاهل السياسيين والعلماء معاً بتعاون بينهم وبإخلاص لأمتهم وأسأل الله تعالى أن يكون لنا مساهمة في ذلك. رابط الخبر بصحيفة الوئام: «السويدان»: لا يمر يوم إلا ونتبادل كلمات الحب والرومانسية أنا وأم محمد