تطرق كتاب الأعمدة بالصحف السعودية الصادرة الجمعة الى الكثير من القضايا الهامة على الشارع السعودي حيث تناول الكاتب بصحيفة الجزيرة محمد بن عيسي الكنعان ماحدث في ايران من تطورات كثيرة بعد وصول حسين روحاني الى السلطة،حيث انتشرت وقتها كلمة(الاعتدال) في جميع وسائل الاعلام العربية والعالمية،مؤكدا أن الانتصار الذي حققه روحاني هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم على التطرف)، وكأنه بذلك يحاول تأكيد حقيقة مغيبة أو منكرة، وهي في الأساس (مراوغة سياسية) مكشوفة سبق أن مارسها رافسنجاني وخاتمي، لأن تطرف المحافظين واعتدال الإصلاحيين لا يختلفان بشكل جذري فالفريقان يعملان تحت مظلة الثورة وبتعليمات المرشد. صالح الديواني عقلية مجاهد في ال"هايد بارك" الذين ينادون بالجهاد دون حساب ما يلزمه ذلك من استعداد وتدريب عالٍ، يوازي قوة السلاح وخطورة الموقف، إنما هم يستعرضون إعلاميا فقط. الأسبوع الماضي، عُقد مؤتمر بالقاهرة، أطلق عليه: "مؤتمر علماء الأمة تجاه القضية السورية"، – ولي تحفظي على مصطلح "علماء" – واجتمع 76 ممثلاً لمنظمات إسلامية من أجل ذلك، وقد أظهر ذلك المؤتمر استعداد الجميع "معنوياً" للقتال ضد النظام السوري، وأعلن المؤتمرون في نهاية مؤتمرهم الدعوة إلى النفرة والجهاد بالنفس والمال والسلاح لنصرة الشعب السوري، لينبري أحد "الدهاة" إلى المنبر الكبير داعياً الناس إلى جحيم الحرب، دون أن يأخذ في حسبانه الحاجة إلى فهم آثار ذلك على المجتمع والناس، وأن يعلن في صلف حاجته إلى أن تفسح له الحكومات الطريق ليفعل ما لم تفعله الأوائل، وبعدها ينفر إلى ساحة "عاصمة الضباب"! أن يُعلن أحد المشاركين "المحسوبين على الدعاة" الجهاد الكامل في سورية في خطبته بأحد أكبر الجوامع المصرية، ثم بعد ذلك تجد خبر سفره إلى لندن عقب المؤتمر بأيام قليلة جداً، فذلك أمر غير محسوب، ومراهق إلى حدٍ بعيد، لتشتغل الساحة بعد ذلك بهذه المفارقات العجيبة، التي تبدو عليها علامات التعجب والحيرة، وإن بررت بعد ذلك بعض الصفحات "الفيسبوكية" المحسوبة على المؤتمر والداعية، خبر ونوايا تلك السفرة الغريبة الجدلية، والتي أُعلن أنها من أجل الخطابة البحتة عن سورية وأوضاعها "وجمع التبرعات"! والأخيرة "جمع التبرعات" ستبقى عليها علامات التعجب إلى يوم القيامة، كون الأمر سيحدث في "بريطانيا"، وأقترح أن يُفرد لها عنوان عريض في ال"بيكادللي" أو في ال"هايد بارك"، في حين أعلنت أيضاً بعض الصفحات عن اللقاء التلفزيوني الذي ستبثه قناة "إسلام شانال"، التي تبث من لندن ويتابعها حسب الصفحة "70″ مليون مشاهد!. وأتساءل في الواقع عن سر هذا التناقض العظيم، الذي يؤكد النظرة الصغيرة والقصيرة، لفهم الأمر وما يجب أن يكون عليه، وانعكاس مثل هذا الفعل على من تمت دعوتهم إلى الجهاد في سورية، ومردود ذلك على نصرة إخواننا في سورية وغيرها، إن فعلاً غير متزن لن يكون في صالح القضية التي تدعو إليها، و"تناضل أو تنادي أو تمثل" – مع تحفظي – من أجلها، وما لم تُقدم التضحيات فإنك لن تجني أكثر من الكلام، لا أتخيل أن أحداً سيثق فيما تقول أو يُلقي له بالاً ما لم تُقدم من جهتك ما يدل على جديتك، وأن تكون أنت في مقدمة الصفوف. لن يذهب أحد خلف الحماسة في زمن بات الغالبية فيه يتمتعون بمستوى جيد من الوعي، وأصبح من الصعب جداً جرهم كالخراف إلى المذبحة. إن الذين ينادون بالجهاد دون حساب ما يلزمه ذلك من استعداد وتدريب عالٍ، يوازي قوة السلاح وخطورة الموقف، إنما هم يستعرضون إعلاميا فقط. وإن صورة على الخيل أو رفع العصا في الهواء، ليست كافية لهزيمة طلقات كلاشنكوف، أو قذائف "التورنيدو". إن هذا الاستهتار في الواقع يعكس مستوى العقلية التي تتزعم الأمر، ويعكس حجم الجحيم الذي يُقاد إليه البشر. كونوا واقعيين بحجم الكارثة، وتصرفوا بما يُعبر عن الوعي الكافي، الذي يتحدث عن مسؤولية الحدث وما سيعقبه إن أردتم ذلك بالفعل، وتعاملوا باهتمام أكثر مع المطروح على أرض الواقع، بل وكونوا أكثر واقعية مما تعتقدون إن أردتم، وبغير ذلك لن تكفيكم أمام القناصة: "قرة عيني وريحانة قلبي". إبراهيم القحطاني خفافيش الصيف خرجت في ظهيرة أمس لقضاء بعض الأمور وإنهاء بعض المعاملات العالقة، فتم سلقي وشويي تحت هذه الأجواء الصيفية الحارقة دون أن ينقضي شيء مما خرجت لأجله. فالمراجعون أخلاقهم (سياحية) بسبب الازدحامات المرورية الخانقة تحت الشمس الحارقة، وهذه الأخلاق (السياحية) انتقلت إلى الموظفين رغم تمتعهم بالهواء العليل من المكيف الجميل، ف(سياحية) المراجعين استطاعت أن تحول حجزهم من (الأولى) إلى (السياحية). وهذه التجربة أقنعتني بأن الأحوال الجوية لها دور أساسي وفاعل في تقدم الدول وتأخرها، فدعونا ندعو الله أن يرزقنا (براد) الدنيا قبل (براد) الآخرة، لكي ننتقل من دول العالم (السياحية) إلى دول (الدرجة الأولى). ومن هنا إلى أن يتحقق هذا الشيء يجب علينا أن نعيد النظر في أوقات العمل الصيفي، حتى لو تحولنا إلى خفافيش صيفاً، عصافير شتاءً. محمد بن عيسى الكنعان معادلة التطرف والاعتدال في إيران! في عرف السياسة ومفاهيمها هل يمكن أن يكون أفضل السيئين حسناً وأقل المتطرفين معتدلاً؟ الإجابة قد نستخلصها أونحصل عليها من المشهد الإيراني الذي تتجه إليه أنظار العالم اليوم، فمنذ أن أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية فوز الدكتور حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية تكررت كلمة (الاعتدال) في أغلب النشرات الإخبارية والتقارير الإعلامية العالمية باعتباره مرشح تيار الإصلاحيين الوحيد في سباق انتخابات الرئاسة إلى جانب منافسيه الذين ينتمون إلى تيار المحافظين، حتى إن كبرى الدول الغربية أبدت ردوداً إيجابية إزاء الرئيس الإيراني الجديد (المعتدل)، داعية إلى أن يعمل على تغيير سياسة بلاده ومواقفها السلبية، بل إن خطاب روحاني بعد فوزه لم يخل من الإشارة الصريحة إلى خط الاعتدال الذي يزعم أنه يتبناه ويمتاز به عن منافسيه فقال: (هذا الانتصار هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم على التطرف)، وكأنه بذلك يحاول تأكيد حقيقة مغيبة أو منكرة، وهي في الأساس (مراوغة سياسية) مكشوفة سبق أن مارسها رافسنجاني وخاتمي، لأن تطرف المحافظين واعتدال الإصلاحيين لا يختلفان بشكل جذري فالفريقان يعملان تحت مظلة الثورة وبتعليمات المرشد، إنما التباين هو في درجة التطرف وذلك بالنظر إلى مسألتين مهمتين، الأولى التركيبة المتداخلة للنظام الإيراني، من حيث السلطات الفاعلة والمجالس القائمة والأحزاب العاملة، والمسألة الأخرى الطبيعة التوسعية للسياسة الإيرانية من حيث أهداف الثورة ومواقف الدولة الدولية وممارساتها الإقليمية. لهذا فحسن روحاني الذي يُوصف بالمعتدل والإصلاحي لن يختلف عن أحمدي نجاد الذي كان يوصف بالمتطرف والمحافظ، فالسياسة الإيرانية التي تعمل تحت مظلة الثورة الخمينية لم تتغير أهدافها أو تعدل مسارها، إنما تتفاوت لغة تعاملها مع الواقع الدولي وفق معطياته وظروف تحولاته بما ينسجم مع الوضع الداخلي للشعب الإيراني، فاللاعبون على كرسي الرئاسة يتغيرون وأساليبهم في إدارة الدولة تتنوع لكن السياسات العليا ثابتة وأهداف الثورة محددة لتحقيق (المشروع الصفوي)، فهذا المشروع كان يقوم على فكرة (شرطي المنطقة) أيام عهد الشاه، واليوم في عهد الملالي يقوم على فكرة (الهلال الجغرافي)، بحيث تهيمن إيران على المنطقة العربية وبهذا تصبح محور العالم الإسلامي ومركز قيادته، والمرشد الأعلى (الولي الفقيه) هو من يُعين ويعزل حكام الدول الإسلامية كما هي سلطته في عزل وتعيين الرئيس الإيراني المنتخب، وقد صرح بذلك حسن نصر الله أمين عام ما يسمى (حزب الله) في تسجيل تلفزيوني قديم بعد تعميده من قبل المرشد للعمل في لبنان لصالح إيران. وهنا تبدو النزعة التوسعية للسياسة الإيرانية التي نجحت في الهيمنة على لبنان، والعبث باليمن، وابتلاع العراق، واحتلال الجزر الإماراتية، والتدخل بالبحرين، وهي اليوم تقاتل بكل ثقلها في سوريا لمنع سقوط نظامها لأنه محور الهلال الصفوي المنشود. وكي تتضح الصورة أكثر من أن الاختلاف بين الإصلاحيين والمحافظين الإيرانيين هو سطحي في الأساليب والأدوات وليس جذريا في السياسات والأهداف، ينبغي استعراض أبرز ملامح تركيبة النظام الإيراني المتداخلة، هذا النظام الفريد من نوعه، لكونه يجمع الصفة الجمهورية بالصبغة الدينية، فتجده يحاول أن يجعل الشعب مصدر السلطات، ويسعى لتحقيق القيمة الفردية للإنسان، وكذلك تعزيز الاستقلال بالرأي وحق الاختيار من خلال صناديق الانتخاب والمشاركة الوطنية الواسعة، وغير ذلك من اعتبارات النظام الجمهوري. لكنه في الوقت نفسه يعطي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية (الولي الفقيه حسب التوصيف المذهبي)، صلاحيات واسعة وسلطات عليا تتعارض مع فلسفة (الفكرة الجمهورية في علم السياسة)، فيحق له عزل رئيس الجمهورية (المنتخب من الشعب)، وله حق تعيين مجالس نافذة في صنع القرار السياسي العام، كما يملك حق إعلان الحرب أو قبول السلام لأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، كل ذلك وفق مرجعية دينية متشددة ما يجعله أقرب للنظام الثيوقراطي (الديني). هذا على مستوى القيادة أو رأس الدولة وصفة النظام، أما على صعيد جسم الدولة وأجهزتها، المتمثل بالسلطات الثلاثة والمجالس الرئيسة يتبين مدى التعقيد السياسي في تركيبة النظام الإيراني. فإلى جانب السلطات الثلاث.. السلطة التشريعية (مجلس الشورى البرلمان)، والسلطة التنفيذية (رئاسة الجمهورية والحكومة) والسلطة القضائية، هناك (قيادة الثورة) التي يرأسها المرشد الأعلى وتحدد السياسات العامة وتشرف على سير عمل السلطات الثلاث في إطار أهداف الثورة، من خلال المئات من ممثلي المرشد الذين ينتشرون في مختلف الوزارات ومؤسسات الحكومة والهيئات الدينية والمراكز الثقافية، بينما يقوم مجلس خبراء القيادة (مجلس الخبراء) المؤلف من علماء دين وفقهاء مؤهلين يتم انتخابهم من الشعب ويمثلون المحافظات الإيرانية، وهو الهيئة الأساسية المعنية بتعيين وعزل قائد الثورة (المرشد الأعلى) وفق الدستور، ثم هناك مجلس (صيانة الدستور)، الذي يتكون أيضاً من علماء دين يعينهم مرشد الثورة، إلى جانب حقوقيين وقانونيين يعينهم مجلس الشورى وهم مرشحون أصلاً من رئيس السلطة القضائية المعين أساساً من قبل المرشد. وهذا المجلس له صلاحيات ومهام واسعة أبرزها تفسير مواد الدستور الإيراني والإشراف على الاستفتاءات الشعبية وانتخابات مجلسي الخبراء والشورى ورئاسة الجمهورية مع الموافقة أو رفض المرشحين، كما أن هناك مجلسا مماثلا هو (إعادة النظر في الدستور)، ويتم تشكيله في حال الرغبة بإعادة مواد الدستور. أما مجمع (تشخيص مصلحة النظام) فهو الهيئة الاستشارية العليا التي أنشأها الخميني، ويعد أعلى هيئة تحكيم في إيران، والمجمع يتكون من أعضاء يمثلون مختلف التيارات السياسية، إضافة إلى رؤساء السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وكلهم يعينهم المرشد. في مقابل ذلك توجد الأحزاب السياسية الإيرانية المتوزعة على ثلاثة تيارات رئيسة هي (التيار المحافظ) المكون من أحزاب وجمعيات وهو التيار المسيطر على الحرس الثوري وأجهزة المخابرات والرقابة القضائية وأجهزة حماية الثورة في مقابل (التيار الإصلاحي) الذي يتكون من مجموعة أحزاب وجمعيات سياسية، إضافة إلى التيار الثالث وهو (التيار المعارض) الذي لا يشكل أية قوة سياسية فعلية وإن كان يميل إلى التيار الإصلاحي ويتميز بطرحه الليبرالي. من هنا نلحظ الترابط الوثيق في المصالح بين رموز النظام الإيراني، سواءً على مستوى أجهزة الدولة ومجالسها ومؤسساتها أو على مستوى الأحزاب المتباينة بين محافظة وإصلاحية، ولكنها في النهاية ذات مرجعية واحدة، وهي من منتجات الثورة وقادتها ورموزها هم أبناؤها، ولكن يختلفون من حيث الرؤية السياسية للحياة الإيرانية على المستوى المحلي أو الصعيد العالمي، لذا فالخلاف بين المحافظ والإصلاحي على مسرح السياسة الإيرانية هو خلاف أفكار ورؤى على طريقة الحياة وليس على وجود النظام وأهداف الثورة. وعليه فالرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني هو ابن الثورة الخمينية وأول من وصف الخميني بالإمام عندما كان في المنفى، وصاحب فكرة أن الساحل الغربي للخليج العربي -يسميه الفارسي- حق إيراني وليس عربيا، لذا لن يخرج من عباءة المرشد، خاصةً أنه كان ممثلا له في المجلس الأعلى للأمن القومي، كما لن يحاول تغيير مسار المشروع الصفوي الذي نجح في ابتلاع العراق وصار له يد قوية في لبنان، إنما سيعمد روحاني إلى تخدير المجتمع الدولي بالوعود السرابية لتخفيف الضغط على إيران، خاصةًً في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط فهو يمتاز بالخبرة الدبلوماسية وفن التفاوض فقد كان يدير مفاوضات الملف النووي، فضلاً عن خلفيته الدينية، ومعرفته العلمية القانونية، وخبرته في المجال العسكري والعمل السياسي في مجلس الشورى لخمس دورات. روحاني محافظ وإن لبس ثوب الإصلاحيين. رابط الخبر بصحيفة الوئام: أعمدة الرأي: معادلة التطرف والاعتدال في إيران!