لا يمكن لمصطافي منطقة الباحة أن يفوتوا على أنفسهم فرصة زيارة المنطقة في هذه الأيام دون المرور على مهرجان العسل الدولي الخامس الذي يشكل خلية متكاملة من منتجات النحل وأدوات صناعة العسل الحديثة والقديمة .فالمهرجان الذي تنظمه المنطقة للسنة الخامسة على التوالي خلال الفترة من 12 إلى 16 شعبان الجاري يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار بمختلف فئاتهم العمرية , حيث يستمتعون بتذوق وشراء مختلف أنواع العسل , فضلاً عن تعلمهم كيفية صناعة العسل وتربية النحل وفق أفضل النماذج على مستوى العالم . ويظل عالم النحل المنتج للعسل الذي ذكرت فوائده الجمة في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة يحمل في طيات حياته أسراراً عجيبة اكتشف الإنسان في العصر الحديث بعضاً منها ، ومازال هناك الكثير من تلك الأسرار التي أودعها الله في ذلك الكائن الحي الذي أوحي إليه , حيث يشكل مجتمع النحل أنموذجاً تكنولوجياً متكاملاًً لشبكة من المعلومات والاتصالات ، ما يعطيه القدرة على تطبيق العمل الجماعي على أكمل وجه . ويعد عسل النحل من العناصر الغذائية الوحيدة التي تحتوى على مواد ضرورية لاستمرار حياة الإنسان ، حيث يحتوي على الماء والسكريات والإنزيمات والفيتامينات والأملاح المعدنية والبروتينات والأحماض الأمينية والمواد الدهنية والهرمونات والمضادات الحيوية والأحماض العضوية . وتتعدد أنواع العسل بحسب النباتات والأزهار التي يتغذى عليها النحل , حيث تضم تلك الأنواع السدر والطلح والسمر والسلم والضهياء والقتاد والصيفي والسحاة والبرسيم والربيعي والحمضيات والفواكه وغيرها الكثير . ويأتي اهتمام منطقة الباحة بإقامة مهرجان العسل الدولي سنوياً مواكباً لما تمتاز به المنطقة من تنوع في الغطاء النباتي المعتمد على التنوع الجغرافي وتنوع المناخ الأمر الذي أسهم في انتشار نشاط تربية النحل وتمكين الكثير من ملاك النحل من إنتاج العسل . وهناك العديد من الأودية التي تعد من أبرز مراعي النحل في المنطقة منها وادي الخيطان ووادي العوامر بقشبه وأودية بيده ومعشوقة وشمرخ والخيه والمجمعه وماعل وكرا والعقيق وشوقب , وجميعها تمتاز باختلاف أشجارها حيث تنتشر أشجار السدر في الحجاز وتهامة وأشجار الطلح / الشوكة / في فروع مناطق السراة , فيما تنتشر أشجار السمرة من حدود الساحل إلى أسفل جبال السروات , وتوجد أشجار الضهيان في سفوح جبال السروات وهو ما يعرف بالأصدار . وتحمل طريقة جني العسل واستخلاصه وتنقيته أهمية كبيرة حرص المهرجان على تعليمها لزواره حيث خصص العديد من أجنحته لهذا الشأن , فطريقة جني العسل واستخلاصه وتنقيته تختلف بحسب نوعية الخلية سواء أكانت من النوع الحديث أو من الأنواع القديمة , فيما تتفق في أهمية مراعاة نظافة الأدوات المستخدمة ونظافة المكان وأن يكون ذا تهوية جيدة وخال من الرطوبة . وتختلف أسعار العسل المعروض في المهرجان بحسب نوعه حيث تتراوح من 200 إلى 700 ريال للكيلو الواحد , فسعر الكيلو من عسل السدر الصيفي يصل إلى ” 300 ” ريال , فيما يصل سعر الكيلو من عسل السدر البلدي نحو ” 400 ” ريال وبنفس السعر يباع كيلو عسل الضهيان ، إلا أن عسل المجرى والضرمة يصل لنحو “700 ” ريال للكيلو , بينما يتراوح سعر الكيلو من عسل السمرة من 200 إلى 250 ريال ويصل سعر عسل الطلح لقرابة 300 ريال للكيلو الواحد . وتعد إقامة مهرجان العسل في الباحة سمة بارزة للهوية السياحية للمنطقة من خلال ما تحقق للمهرجان من تطور في فعالياته سنة بعد أخرى حتى اكتسب العالمية في دورتيه الأخيرتين , فضلاً عن تزايد أعداد المشاركين من داخل المملكة وخارجها .ولعل أبرز ما يميز مهرجان هذا العام هو ارتباطه بمهرجان التسوق بمحافظة بلجرشي الذي يضم القرية التراثية وسوق الأسر المنتجة الأمر الذي زاد من فعالياته الترفيهية والتجارية , علاوة على التجهيز المتكامل في الموقع لضيوف المهرجان من والرجال والنساء والأطفال والعائلات .