يرى الشاعر العراقي عبود الجابري أن العراق أبو الشعر، ويكاد أن يكون أمه، وأن الحركة الشعرية في العراق متجددة رغم الويلات التي ينوء بها كاهل العراق والمثقفين العراقيين، فمازال هناك كثير من الشعر في العراق، ومازال شعراء العراق يلفتون الانتباه إلى أسمائهم ومنجزهم الشعري، مضيفا أن العراق حاضر في روحه، وهو حاضر بأكمله فيما يكتب، ولا يتصور الكتابة أنه إذا كتب لا يكون فيها ظلال من العراق كمسقط للرأس، ولغة يقول عنها "كبرت بنا وكبرنا بها"، وهو الذي منحه الشعر الذي احتفل به كمعادل موضوعي لحياة ناقصة مازال يسعى إلى إكمالها بالعودة إلى العراق بصورته الأجمل. ورأى الجابري في حديث إلى "الوطن" أن الحركة النقدية في الوطن العربي ينتابها شيء من اللغط فيما يتعلق بجدية النقد وملاحقته للمتغيرات التي يمر بها الأدب العربي بشكل عام، ويقول: لم نعد نقرأ عن الجديد سوى قراءات في الكتب التي تصدر عن دور النشر أو إعادة لما هو قديم من المناهج النقدية المبثوثة في صفحات الكتب القديمة، ولا أعرف أين يكمن موطن الخلل؟ هل في المنتج الأدبي أم في انحسار النقد الحقيقي الجاد، وكلاهما يشكل أزمة حقيقية في المشهد الأدبي العربي. ويذهب الجابري إلى أن الشعر النبطي أو الشعبي مرتبط بحياة بعض المجتمعات العربية، ولست ممن يستهويهم الكثير منه، والقلة ممن يكتبون هذا الشعر استطاعوا أن يكرسوا أسماءهم، وفي اعتقادي أن ثقافة الشاعر الشعبي هي التي توصله لكي يكون شاعرا مهما في وجدان الناس تماما كما هو الشاعر الذي يكتب الشعر الفصيح. وعن تأثير الحركة الشعرية بشبكة الإنترنت في المهرجانات والصالونات الشعرية، يقول الجابري إن الإنترنت وسيلة ذات حدود متعددة، فقد أتاح الفرصة للكثير من المواهب الضحلة والأدعياء لنشر ما يهرطقون، مثلما مكن الكثير من المبدعين الحقيقيين من التواصل مع الوسط الثقافي بعيدا عن رقابة المؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام والقائمين عليها بأنانيتهم المفرطة والشللية التي يعتاشون منها، أما المهرجانات والصالونات الشعرية فهي شبيهة بالقائمين عليها، حتى إنك تستطيع أن تعرف أسماء المشاركين في المهرجانات قبل الإعلان عنها، وتلك معرفة ورثناها بالتقادم. ويرى الجابري أن ما يكتبه في المجلات والصحف جزء من مشروعه الإبداعي، وهو ممارسة محببة لديه ، وليس فيها ما يؤثر على تفرغه لكتابة الشعر وإنما بالعكس فهي تقوم بإثراء هذا المشروع، لاسيما أنه لا يعتاش من الكتابة، فلديه عمل يضمن له عيشه، وهو عمل ليس له علاقة بالكتابة من قريب أو بعيد، وأن لحظاته الشعرية يقول "هي الوقت الذي تشعر فيه أنك لن تقوم بمقاطعة نفسك حين تكتب، وذلك يعني أنك قادم إلى بياض مخيف عليك أن تنتصر عليه، وذلك غير مرتبط بوقت معين أو مكان معين.