استمرت جلسات اليوم الثاني والأخير لملتقى النقد الرابع بالرياض أمس بالتشكيك في مهنية بعض الدراسات النقدية. وأخذت الباحثة مريم الزهراني في ورقتها "الذاتية في رؤى النقاد العرب للشعر السعودي" على ناقدات عربيات ما وصفته بالتسجيل الحرفي للانطباعات عن تجارب شعرية سعودية. وأجملت الزهراني انتقاداتها لدراسات بعض النقاد العرب عن الأدب السعودي في أنها تقع في الانفعال العاطفي الذي يضعف التحليل الفني، وتخوض في فكرة واحدة بإسهاب، بجانب أنها تقوم على منهج وصفي يطغى على العلمية المؤدية لحكم موضوعي. وعلق الناقد الدكتور سعيد يقطين بقوله "لكل خطاب خصائص، ونحن العرب لا ندرك هذه الناحية، ولهذا لا نتواصل جيدا، كل شخص يفهم نقد النقد بطريقته الخاصة ويدافع عن تصوره وتأويله، وهو الشيء نفسه الذي يفعله الناقد الذي يخضع للنقد في مرحلة لاحقة، وبعضنا يتعامل مع النقد على أنه فن وأدب إنشائي يزاوج بين العلمي وغير العلمي، لهذا ظلت أحكامنا ذاتية وانطباعية حتى وإن تزينت بالمصطلحات". وطالب يقطين بالتمييز بين العمل الأكاديمي والعمل الإعلامي، معتبرا أن داخل كل أكاديمي صحفي وداخل كل صحفي يحاول تقمص الصفة الأكاديمية، مضيفاً في سياق آخر "نحن العرب أسسنا علوما لكلامنا ولكننا الآن نعود لعلوم الآخرين عن كلامهم". وقال يقطين وهو الأستاذ الزائر بجامعة الإمام محمد بن سعود، إن ما يجري على النقد السعودي يجري بالضرورة على النقد العربي، معتبرا أن إحدى مشكلات الأخير تكمن في أن الناقد يريد أن يكون شاعرا وهو يمارس النقد. فيما اقترح الدكتور محمد البقاعي على النادي الأدبي تخصيص جائزة للقراءات النقدية العربية التي تتناول الأدب السعودي، مؤكدا أن هذا هو المخرج المثالي من فرضية "التملق". وفي جلسة حول الناقد محمد الشنطي مساء أول من أمس، أشاد الدكتور عبد الرزاق حسين بالشنطي، مشيرا إلى أنه دارس صبور وناقد جلد تصدى لمرحلة فورة الشعر السعودي ونهضته. وأضاف حسين أن الشنطي قدم أعمالا نقدية كان لها صدى طيب ومحمود في الأوساط الأدبية، مستعرضا بعض ما قاله النقاد عن الشنطي أمثال الدكتور رشيد العمرو وسعيد السريحي. وأكد الدكتور علي الحمود أن نظرة الشنطي لقصيدة النثر اتسمت بالشمولية والتعميم، إذ اهتم بالوقوف عند بعض الظواهر لتلك النصوص، ولم يتعمق في قراءته، ولم يعنَ باستقراء تلك الظواهر، فاتسم تلقيه بالتقاط بعض الظواهر الكلية في بعض النصوص، ومحاولة استثمارها في إبراز ما تحمله تلك النصوص من جماليات الشعر. من جهته أشار الدكتور صابر إسماعيل بدوي في ورقة تناولت المنظور النقدي للشعر السعودي المعاصر إلى أن الشنطي تناول مفهوم المنهج النقدي لدى الشعر السعودي، والمنهج بين الأصالة والمعاصرة، ثم تعرض لهوية الشعر السعودي المعاصر بصفته جزءا من منظومة الثقافة العربية. وقال "إن الشنطي يأبى أن يحدد المنهج النقدي له قبل أن يقدم استقراء عاما يساعده على تخطي جوانب القصور لدى الآخرين، ويمكّنه من تخير المنهج المناسب لدرسه الأدبي، فرأى أن مشكلة النقد العربي المعاصر تتجسد في الفجوة بين التطبيق والتنظير، ومن ثم حاول أن يعتمد على ضبط المنهج، ويرتكز على تحرر التطبيق، وهي التجربة التي اعتمدها صلاح فضل في كتابه "أساليب الشعرية المعاصرة".